شؤون محلية

أسعار الأخلاق

محمود الصالح : 

يبدو أن تناقص المنسوب الأخلاقي قد انعكس على كل شيء نظراً لارتباط الأخلاق أصلاً في كل شيء مادياً كان أم معنوياً وهذا ما يثبته الواقع يوماً بعد آخر ونجد الانحدار شديداً في كل تفاصيل حياتنا كلما اشتد انحدارنا خلقياً، ابتداء من تهاون المعلم في واجبه في تربية أطفالنا التربية السليمة ومروراً بكل شيء وانتهاء بفساد من يعرقل صرف تعويض الوفاة ومصاريف الجنازة وبين كل ذلك تطول القائمة وتتفرع ولأنها كذلك فإننا لا نخوض فيها ونأخذ مشكلة الأسعار التي تؤرق الجميع مثالاً على ذلك، حيث نجد الصناعي يستغل أي زيادة في تكاليف الإنتاج ليرفع أسعار منتجاته عدة أضعاف من دون مبرر سوى الجشع والتاجر كذلك وبائع المفرق وحتى المؤسسات التي استغلت هذه الأزمة بذريعة أن كل شيء ارتفع سعره نتيجة الحصار غير الأخلاقي والنقل غير الأخلاقي والخدمات الصحية غير الأخلاقية ورفع أسعار إيجار الشقق غير الأخلاقي أيضاً.
كل ذلك يدفعنا للبحث عن منظومة جديدة في الحياة للتعامل مع الأمواج العاتية التي تعصف بالبلاد لنساهم مع ربان السفنية في إنقاذها والوصول إلى شاطئ الأمان وهذا يقتضي أن نتمتع بالحد الأدنى من الأخلاق ابتداءً من كاتب هذه الكلمات، ومروراً بلجان تسعير المواد والبضائع والمنتجات الزراعية والصناعية وأسعار الخدمات والنقل وكل من له علاقة بوضع الأسعار أو قبضها حتى نضيق ما أمكن الهوة بين دخولنا المقزمة أمام غول الأسعار الذي يحاصرنا في كل مكان ابتداء من حبة الدواء التي أصبح الكثير منا عاجزاً عن تأمينها لفلذة كبده وهي تتألم ومستلزمات الدراسة الجامعية التي دفعت مئات الطلاب لترك دراستهم في الفروع الهندسية وخاصة العمارة. وترك آلاف من الهكتارات من الأراضي الزراعية بائرة بسبب عجز الفلاحين عن تأمين مستلزمات الإنتاج ومثلهم مربو الثروة الحيوانية هذه القضايا مجتمعة تدفعنا للبحث عن حلول عاجلة لإعادة إنعاش منظومة الأخلاق لدينا في كل الأمور وبشكل خاص في موضوع الأسعار… فهل نستطيع ذلك قبل فوات الأوان؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن