بوصلة «البطاقة الذكية» تنحرف عن مسارها…ووفوراتها إلى غياهب المجهول!!
لم يحقق العمل بنظام البطاقة الذكية كامل النتائج المرجوة منه، والتي تندرج في سياق ضبط النفقات وترشيد الاستهلاك وتحقيق وفورات للخزينة العامة للدولة، ويتبين ذلك جلياً من خلال أمرين، يتعلق الأول بالتعبئات الشاذة التي حرفت البوصلة من اتجاه التوفير إلى اتجاه النزيف، إذ تشير بعض الوثائق إلى ازدياد حالات التعبئات الشاذة بين الحين والآخر والمتمثلة باستهلاك أكبر قدر ممكن من الوقود وذلك من خلال تعبئة كمية وقود كبيرة لمرة واحدة، أو عدة تعبئات صغيرة ومتوسطة لنفس الآلية بفرق دقائق قليلة.
تجاوزات بالجملة
ومن هذه الوثائق جداول حصلت عليها «الوطن» تظهر تجاوزات بالجملة للسيارات الحكومية تتضارب والغاية المرجوة من هذه البطاقة، حيث يلاحظ أن كثيراً من سيارات الوزارات والمؤسسات الحكومية استطاعت أن تخرق نظام البطاقة الذكية عبر تعبئة كميات أكبر من المسموح لها في اليوم الواحد…!.
ويتعلق الأمر الثاني الذي حرف بوصلة البطاقة الذكية عن مسارها تجاه التوفير، هو عدم تحويل مبالغ الوفورات الناتجة عن استخدام البطاقة الذكية وغير المستخدمة إلى مديرية الخزينة العامة أصولاً.
دون جدوى
حاولت «الوطن» الاتصال والتواصل بمكتب شؤون الآليات والسيارات الحكومية في رئاسة مجلس الوزراء، للاستفسار عن بعض النقاط المتعلقة بهذه التجاوزات، لكن أياً من المعنيين في المكتب سواءً مديره أم معاونه، لم يتجاوب على الإطلاق وذلك بعد مسلسل من تأجيل الموعد للقاء بهم، دون أن ينفوا أو يؤكدوا ما سبق ذكره..!.
مراسلات
وفي محاولة لاستكمال هذا الموضوع والإحاطة به قدر الإمكان حصلت «الوطن» على بعض المراسلات الحكومية التي تظهر بأن الأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء وجهت كتاباً إلى مدير عام الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية (محروقات)، بأن رئيس مجلس الوزراء وجه بضرورة زيادة عدد العاملين في مشروع البطاقة، ولدى الشركة المؤتمتة أيضاً ولاسيما ما يخص معالجة الوفورات التي تعاد إلى الخزينة العامة، ما يضمن الاستفادة القصوى من عامل الزمن، وأشار الكتاب إلى الملاحظات والشكاوى الواردة إلى مجلس الوزراء من جميع الوزارات والجهات العامة بخصوص تطبيق مشروع البطاقة الذكية، والتي تتمحور حول التأخير في التجاوب والتنفيذ، وذلك بسبب قلة عدد العاملين في مشروع البطاقة لدى شركة (محروقات) والشركة المؤتمتة.
كما أن رئيس مجلس الوزراء خاطب وزير النفط والثروة المعدنية لتوجيه شركة (محروقات) لإمكانية تغذية البطاقات الذكية لتعبئة الوقود والعائدة للجهات العامة ذات الطابع الإداري والطابع الاقتصادي بشكل ربعي وعلى مسؤولية تلك الجهات، وذلك لمادتي البنزين والمازوت على أن تقوم شركة محروقات عبر فروعها بتحويل مبالغ الوفورات المحققة من كميات الوقود المشحونة بالبطاقة والمستجرة لجميع الجهات الحكومية بشكل شهري حصراً إلى مديرية الخزينة العامة أصولاً.
وآخر ما حرر في هذا السياق هو أن وزارة المالية رفعت كتاباً لرئاسة مجلس الوزراء تضمن حرفياً «يرجى التفضل بالاطلاع والتأكيد على الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية (محروقات) بتحويل مبلغ الوفورات الشهرية وغير المصروفة من البطاقة الذكية والمدفوعة القيمة وغير المستخدمة إلى مديرية الخزينة المركزية أصولاً وذلك في نهاية كل شهر وخلال موعد أقصاه اليوم الخامس من كل شهر».