ثقافة وفن

لم يتحقق حلمه في حراسة المرمى فعمل شرطياً في «ضيعة ضايعة» … حسين عباس لـ«الوطن»: الفقر أبعدني عن المعهد العالي للفنون المسرحية

| جورج شويط

لم يكن يخطر في باله التمثيل يوماً، لكنه كان يملك روحاً كوميدية، منذ صغره، وفي المرحلة الإعدادية قلد، بتشجيع من مدرّسه، المديرَ والأساتذة والإداريين، وصفق له المئات من زملائه وحتى أساتذته الذين قلدهم. فكانوا أول جمهور له شجعه على دخول هذا العالم، ومن هنا كانت بداية الممثل (حسين عباس) الذي لعب دور حسان الشرطي الذي يريد رفع (فلقة) لكل مواطن من (ضيعة ضايعة).

عن بداياته قال: أول مرة ألتقي فيها الجمهور كنت في المرحلة الإعدادية، حين عرف أستاذي (بدر قبرصلي) أنني أقلد الأساتذة، طلب مني أن أقوم بالتقليد، وكانت المناسبة عيد المعلم، ولبيت الطلب عن خجل، ولم أترك مديراً ولا إدارياً ولا مدرساً يعتب عليّ، وضحك الجميع حتى الأساتذة الذين قلدتهم. في مدرستي، ثانوية الشهيد جول جمال المعروفة، حينها أحسست بنشوة غريبة أنني أضحكت الجميع، وقد صفقوا لي بحرارة. هذه أول مرة أشعر فيها أنني أمام جمهور. أستاذي الراحل طوني حوش أثنى عليّ وقال لي (أنت مبدع) وهذه الكلمة لم تغبْ عن بالي حتى اللحظة، لأن كلمة التشجيع النابعة من القلب لا تمحى، وتدفع بالموهوب إلى الأمام. من ذلك التصفيق ومن ذلك التشجيع ومن تلك الإطلالة، بدأتْ علاقتي مع التمثيل، تلك الإطلالة قلبتْ كل كياني وكل أحلامي.
بعد فترة التقليد صارت الرغبة تكبر بداخلي، وتتخطى حلمَ (حارس المرمى) أو (المصوّر الضوئي)، إلى أن أكونَ ممثلاً. فقد شدّتني وشدّني المسرح كثيراً. (المعهد العالي للفنون المسرحية)، ولظروف مادية تعيسة لم أستطع الدراسة فيه، وهو حلم كل ممثل هاوٍ. لذلك سجّلت بعد البكالوريا بجامعة تشرين( فيزياء- كيمياء)، إلى جانب نشاطي في المسرح الجامعي. وأول عمل شاركت فيه كان (رأس المملوك جابر)، مع الفنان أيمن زيدان، الذي عمل لفترة في اللاذقية، واستمررت مع المسرح الجامعي، وبعدها مع نقابة المعلمين، إضافة للفرق الخاصة، ثم منذ العام 1995، عام تأسيس المسرح القومي، تابعت نشاطي المسرحي بالقومي وإلى الآن.
أما فيما يخصّ الإشارة لي بأنني (ممثل كوميدي) فأنا لا أفضل هذه الحالة التأطيرية، حيث إني أجيد الكوميديا، وكذلك أحب لعب الأدوار الدرامية، وكلاهما: (الكوميديا والدراما) تحتاج للعمل والتركيز على الشخصية، وإعطائها الكراكتر الخاصّ بها، وأن أعيش الدور وأحب الشخصية وأتقمّصها وأقتنع بها، ولذلك أنا لست مع تحديد الاتجاه الفني.
وعن مسلسل ضيعة ضايعة الذي حصد جماهيرية لافتة:
مسلسل (ضيعة ضايعة) كانت فكرة تحقيقه قديمة، ودور (حسان) كان بالأساس لي، وهو عبارة عن إلقاء كلمتين لا أكثر (حاضر سيدي- ونعم سيدي). أما في الجزء الثاني فتمّت إضافة مساحة أكبر للشخصية، هذا المسلسل، أقولها بصراحة، أعطى لنا الانتشار ومحبة الناس، لأن الناس أحبوا المسلسل، وأحبوا شخصياته، التي هي بسيطة وطيبة وتشبههم كثيراً، وهو كعمل شعبي كوميدي صار راسخاً في ذاكراتهم. وأعتقد أنه لن يتكرر مثله لسنوات قادمة، ولا أدري ما السبب، فربما لأن له حظاً أن يحبه الجمهور ويتابعه، ويكرر مشاهدته مراراً، وأنا ألمس هذا الشيء من خلال المحيط الذي أعيش فيه، أو في أي محافظة أزورها، وحتى في خارج حدود سورية، لبنان والأردن والعراق ودول الخليج وفي بلاد الاغتراب. وبعض النقاد الذين ربطوا (رهجة) وحضور وبصمة ضيعة ضايعة بمسلسل (صح النوم) لنجوم سورية الأوائل الكبار (دريد لحام- نهاد قلعي- ناجي جبر- عبد اللطيف فتحي- نجاح حفيظ- محمد العقاد- محمد الشماط..) وغيرهم.. أنا معهم ومع هذا الربط، لأنه مسلسل حظي بمتابعة منقطعة النظير، فقد مرتْ عشراتُ المسلسلات وغابت، لكن أن يعيش هذا المسلسل إلى الآن، فهذا شيء يمكن التوقف عنده.

برأيك ما سبب ذلك؟
السبب أن كلّ الظروف توافرت للمسلسل: النص، وكذلك الحالة الإنتاجية، كذلك المخرج الذي عرف ويعرف في أعماله، كيف يقرأ ما بين السطور في السيناريو وما بين السطور في كل تفصيل من تفاصيل كل شخصية، وما بين السطور في البيئة والموسيقا وتشكيل الكراكتيرات واللهجة واللباس وكل شيء، وهذا لعب دوراً كبيراً. اللهجة ساهمت كثيراً وكثيراً جداً. الشركة المنتجة آمنت بالمسلسل. محبة الممثلين للعمل ولبعضهم، إضافة إلى الجو الجميل، في أروع طبيعة ساحرة في الساحل السوري، كل ذلك صبّ في نجاح العمل.

وهل يمكن إنتاج نسخة ثالثة من المسلسل؟
لا. لأنه حتى الجزء الثاني كان هناك تردد من الجميع في إنتاجه، لأن النتيجة ربما تخيف إذا ما أخفق المسلسل جماهيرياً، ولم يتقبله الناس. ومرات أسمع البعض يقول الجزء الأول أحلى من الثاني. وبعد وفاة الفنان نضال سيجري حُسمَ موضوع المتابعة في (مسلسل الأجزاء).

وماذا أضفت لرصيدك بعد ضيعة ضايعة؟
اشتغلت مع المخرج الليث حجو في مسلسل (فنجان الدم) وهو بدوي. وكذلك عملت في مسلسل مصري. كذلك في مسلسل (الندم) لكن بدور مختلف حيث لعبت دور شرير. وآخر مسلسل كان (الواق واق) للكاتب د. ممدوح حمادة والمخرج الليث حجو، وهو لا ينتمي إلى أجواء ضيعة ضايعة ولا لمسلسل (الخربة)، وهما للمؤلف نفسه وللمخرج ذاته. ولكنه كمسلسل، له خصوصيته وبيئته وفكرته وشخصياته ورؤيته الإخراجية.

وفي السينما؟
أحببت السينما لأن الفيلم له ديمومة، والعمل في السينما فيه متعة استثنائية، وفيه جذب للممثل بشكل عام، ولكن المسرح بالنسبة لي يبقى في المرتبة الأولى، وللصراحة لا أحب العمل التلفزيوني.
ولقد شاركت حتى الآن بـ8 أفلام: مع المخرج عبد اللطيف عبد الحميد في فيلم (العاشق)، ومع المخرج باسل الخطيب في فيلم (الأم)، وفي 5 أفلام مع المخرج جود سعيد، مثل: فيلم بانتظار الخريف- وحمص ومسافرو الحرب.. وفيلم قصير مع المخرج أيهم سلمان.

وهل أنت مع فكرة أن يتابع أولادك التمثيل؟
بالنسبة لأولادي، فقد اشتغلوا معي في بعض الأعمال المسرحية. و(زياد) وهو الآن طالب في جامعة تشرين، عمل في فيلم العاشق، ولعب دور بطولة في بعض أعمال عرضت على الفضائية التربوية، وهو يحب التمثيل وكذلك هو عازف ماهر على الكمان، وله في النهاية كل الخيارات.

ماذا تتذكر من طفولتك؟
لم أكن طفلاً شقياً، كنتُ مسالماً مهذباً خجولاً في حي السجن، كنا مجموعة أصدقاء، بحكم الجيرة، نلعب ونحلم ونعيش طفولتنا على بساطتها.
أيام الدراسة لا تنسى، لقد كان الاحترام للأستاذ يستمر حتى ونحن في عز الصيف، فكنا نهرب كي لا يرانا، وهذا احترام وليس خوفاً. أيضاً كنا ندخل إلى الملعب البلدي، لحضور مباريات الدوري حطين وتشرين، حينها كان ملعباً بسيطاً، مدرّجه صغير، وكنا ندخل تهريباً مع الكبار، (نزمق) معهم.
وأنا صغير، لم يخطر في بالي التمثيل مطلقاً، كانت رغبتي أن أكون إما (حارس مرمى) وإما (مصوراً فوتوغرافياً) وقد مارست هذه الهواية خلال صيفيتين، عند المصور (محمد جميل شيبا- أبو نواف). ولم يكن دارجاً حينها الملون، الصور الملونة كانت ترسل إلى بيروت. أما كرة قدم فقد لعبت في فرق أحياء شعبية، حارس مرمى، حتى كنت أقف حارس مرمى مع فرق الكبار.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن