من دفتر الوطن

على غير مسمى!

| عبد الفتاح العوض

لو حاولنا أن نطلق أفكارنا حول الأسماء وكيف جاءت، فإن النظرية الأكثر شيوعاً في اللغة العربية تتحدث أن الأسماء وجدت كصفات. لهذا يقول العرب لكل من اسمه نصيب، لأنهم اعتادوا أن يطلقوا على الأشياء أسماء صفاتها وحتى الأشخاص يصبح لهم لقب يطغى على الاسم الحقيقي وما زال ذلك معروفاً في الأرياف حيث يطلق اللقب على شخص فينسى الناس اسمه ويبقى لقبه.
علماء النفس يتحدثون عن الانطباع الذي يتركه الاسم على المتلقي، وهو أمر أدركه العاملون في التجارة والعلاقات العامة والاستخبارات.
رغم أننا وجدنا حولنا كثيراً من الأسماء لا تعبر عن صفاتها، قد تجد شخصاً اسمه شريف، ويكون فاسدا، وكل لديه أمثلة حقيقية على ذلك.
لكن بقي الاسم يعطي انطباعاً خاصاً ويتم تسويقه كما لو كان تسويق سلعة للبيع، قد لمسنا كسوريين بعض الأشياء بغير أسمائها.
ونحن نتحدث عن الحرب على سورية كان التعبير الأكثر شيوعاً دول أصدقاء سورية، التي كانت في حقيقة الأمر أعداء سورية، وقامت بكل ما يقوم به الأعداء بحيث قدمت كل ما يلزم لتدمير سورية وتدمير حياة السوريين.
الآن لدينا مثال صارخ له علاقة «بالخوذ البيضاء».. كلمة أبيض تدل على الصفاء والنقاء ومرتبطة بأذهان الجميع بالأشياء الجميلة، فالقلب الأبيض يدل على الطيبة والتسامح، والصفحة البيضاء تدل على النقاء، والثوب الأبيض مرتبط بالفرح.
جماعة الخوذ البيضاء نالت رعاية «دولية» بحيث تم تهريبهم إلى إسرائيل ثم الأردن، ومن المفترض أن تستقبلهم دول غربية.
لا أريد أن أتحدث عن الصلة بين إسرائيل والجماعات الإرهابية، فقد أصبح ذلك معروفاً للقاصي والداني ولا يجادل فيه إلا غبي أحمق.
لكن ما أود أن أناقشه لماذا كانت الدول الغربية حريصة على سلامة هؤلاء بالتحديد وقامت بعملية فجة في مظهرها وصارخة في مضمونها.
ما أوردته الغارديان وصحف أخرى أن الخوذ البيضاء صناعة بريطانية تمويلاً وتدريباً، لكن المعروف عادة أن الدول الغربية لا تبالي كثيراً بمصير مرتزقتها.
ثمة تجارب كثيرة لدول غربية تخلت عن حلفائها في أشد الأوقات، بل تخلت عن رؤساء دول، فلماذا إذاً حافظت على جماعة «الخوذ البيضاء»؟
هذا السؤال لا يتعلق بالجانب الأخلاقي، فنحن نعرف أن المسألة الأخلاقية في مقاربة القضايا السياسية تكون في الحدود الدنيا وخاصة عند الدول الغربية.
لذلك فالمسألة لها علاقة بأن هذه الجماعة تملك من المعلومات ما يفضح استخبارات الدول الغربية في قضايا تم بموجبها اتخاذ إجراءات عسكرية.
وأتحدث هنا بشكل محدد عن فبركات الهجمات بالأسلحة الكيماوية إضافة إلى تمثيليات أخرى ظهر فيها استغلال للأطفال والنساء على وجه الخصوص.
بقي أن مسألة مرورهم عبر إسرائيل تمت لإنهاء أي فرصة لعودتهم للوطن، فالتسويات والمصالحات والمسامحات ممكنة إلا عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع «إسرائيل»!

أقوال:
الألفاظ هي الثّياب الّتي ترتديها أفكارنا، فيجب ألّا تظهر أفكارنا في ثياب رثّة بالية.
حتى إذا امتلك الإنسان المال وتمتع بالصحة فلن يتوقف عن التساؤل إن كان سعيداً أم لا.
إنما المستقبل لأولئك الذين يؤمنون بجمال أحلامهم.
لا تكرر العام نفسه 75 سنة وتعتبرها حياة.
لا طريق لتحقيق السعادة، السعادة هي الطريق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن