قضايا وآراء

إسرائيل من الدور الوظيفي إلى دور المشارك في التوظيف

تحسين الحلبي

 

إذا كانت الإدارة الأميركية لم تبدأ بعد بشن حرب عالمية ثالثة فإنها قد شنت حرباً أميركية إقليمية في جميع أرجاء منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الأربع الماضية وما تزال هذه الحرب تمتد وتتسع.. فخارطة دول الشرق الأوسط العربية والإسلامية تتعرض لهذه الحرب التي توسعت في نهاية آذار فحملت معها ظهور أول حرب مباشرة سعودية ضد اليمن لتنتشر كرة نيران الحروب الداخلية من العراق وسورية وليبيا ومصر والجزائر والسودان وتونس وتتحول إلى حرب بين دولتين جارتين شقيقتين بمبادرة سعودية وتأييد من الجامعة العربية والدول المتحالفة مع السعودية. فالجميع أصبح الآن يحمل آثار وارتباطات وتفاعلات هذه الحرب من تركيا إلى إيران في الشمال حتى اليمن ونهاية الحدود العربية في البحر الأحمر والخليج وبحر العرب ونهاية حدود العرب في إفريقيا..
أما المحرك واللاعب الرئيس والمتحكم بقواعد لعبة هذه الحرب فهو الإدارة الأميركية ومعها الحليف الإسرائيلي المركزي اللذان يديران هذه الحروب.. ولذلك يرى المحللون والمراقبون أن تراجع وهزيمة الدور الوظيفي الإسرائيلي بعد عدوان تموز 2006 دفع واشنطن إلى تسخير دور وظيفي عربي تمثله دول حليفة للولايات المتحدة مثل قطر والأردن والسعودية وتركيا للمحافظة على المصالح الأميركية وتوسيعها على حساب سورية والعراق ولبنان وإيران وهي الدول القادرة على اللعب خارج الملعب الأميركي وتهدد حكوماتها المصالح الأميركية.
ولاشك أن معظم المراقبين للأوضاع في الشرق الأوسط تفاجؤوا بالانتقال السريع للسعودية من حالة تسخير القوى الأخرى ضد عدد من الدول العربية مثل سورية والعراق وإيران إلى حالة شن حرب مباشرة بقواتها وطائراتها ضد اليمن بعد أن وجدت أنه سيخرج شعبياً وسياسياً عن قبضتها..
كما أن أحداً لا يشك بأن السعودية لن يكون بمقدورها إطلاق طلقة واحدة أو شن غارة جوية ضد أي طرف كان دون موافقة وتنسيق مسبق مع الإدارة الأميركية التي تدير لعبة الحرب والسلام لمصلحتها ولمصلحة إسرائيل ومشروعها التوسعي في المنطقة؟!
وأمام هذه المسلمات الطبيعية لا أحد يمكنه أن يقلل من خطورة هذه (الحروب الداخلية الإقليمية) واستمرارها حتى الآن رغم أن الإدارة الأميركية لم تحقق نتائجها الحاسمة أو النهائية منها بسبب صمود منقطع النظير حملته سورية وإيران والعراق ولبنان والمقاومة اللبنانية والفلسطينية ففرضت فيه استمرار بقائها واستمرار تمسكها بوحدة سيادتها الإقليمية والسياسية المستقلة.
ويبدو من المؤكد أنه لا تنتهي هذه الحروب التي تعد حروباً مصغرة عن حرب عالمية بالسرعة التي تتطلبها المصالح الأميركية ومن الملاحظ أنها كلما طالت نشرت مظاهرها الداخلية والخارجية على دول أخرى هي نفس الدول المتحالفة مع واشنطن وهذا ما يجري في ليبيا وما يمكن أن ينتقل إلى منطقة شبه الجزيرة العربية وأكبر الدول مساحة فيها وهي السعودية نفسها.
ومن قال: إن أراضي السعودية لا يوجد متنازعون حولها في الجوار العربي بل وفي الجوار مع إسرائيل بشكل خاص وهنا من وصف السعودية بالرجل المريض في نظر الولايات المتحدة التي تعد أهم وأكبر حلفاء العائلة المالكة السعودية.
ويرى محللون أوروبيون وأميركيون أن أسباباً كثيرة تتجمع في هذه الألفية الثالثة للاعتقاد بضرورة فرض تغييرات داخلية وعبر الحدود في السعودية طالما أن (عُمان) والإمارات وقطر لها خلافات على الأراضي مع حدود السعودية يرى فيها الغرب بوابة لإعادة رسم خارطة السعودية وتوزيع جزء من أراضيها على هذه الدول الصغيرة في شبه الجزيرة العربية… وفي كل هذا المشهد المأساوي للأوضاع في العالم العربي تجد إسرائيل نفسها شريكاً للإدارة الأميركية في إدارة الصراعات العربية العربية والعربية الداخلية وتحويل تطوراتها بما يخدم مشروعها التوسعي الذي أشارت إليه مصادر كثيرة باللغة العبرية والإنكليزية وجعلت مناحيم بيغين يقول في بداية الثمانينيات: إن إسرائيل تستطيع السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي حتى لو بقي فيها بعض السكان العرب في الجوار وتضمها إلى سيادتها.
وهذا ما فعله الهولنديون في جنوب الجزيرة العربية هم والبرتغاليون حين سيطروا على مناطق كثيرة هناك في القرن السابع عشر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن