ثقافة وفن

أهمية الثقافة العامة في العمل الإعلامي … هيام حموي لـ «الوطن»: الثقافة العامة ليست بحبة دواء ذات مفعول سحري… بل تأتي من تراكمات ومتابعات

| سوسن صيداوي

«الثقافة هي ما تبقى بعد أن تنسى كل ما تعلمته في المدرسة» العبارة لألبرت أنشتاين، ربما قالها كي يؤكد لنا أن الفضول في سبر غور كل ما يحيط بنا من مؤثرات-خاصة وإن كانت إيجابية-سوف نكتنزها في عقولنا كثقافات تدفعنا لفك شيفرة سر الإبداع الذي قُدّر لنا. فالماضي موصول بالحاضر وعلينا السعي لنهل كل ما تقدمه الكتب والروايات والسينما والمسرح والإذاعات والصحف والمجلات… إلخ، كي نكسب ركيزة ثقافية تمكننا من إيصال المعلومة للمتلقي بالشكل الجيد. هذه بعض من نصائح ونقاط مهمة قدمتها الإعلامية هيام حموي خلال ندوتها الثقافية بعنوان: «أهمية الثقافة العامة في العمل الإعلامي» في المركز الثقافي العربي في أبو رمانة. وللمزيد حول موضوع الندوة نتوقف عند العديد من النقاط.

في تصريح خاص
تحدثت الإعلامية هيام حموي في تصريح لـ «الوطن» عن الأسباب التي دفعتها للندوة ومقابلة الجيل الشاب ممن يدرسون الإعلام ويسعون لامتهانه، وبأنها حضرت انطلاقاً مما يعانيه الإعلام من مشاكل ناتجة في بعضها عن قلة الثقافة أو الاهتمام بصقل كادر على قدر جيد منها، حيث تقول: الأغلاط التي يقع بها المذيعون والمذيعات دفعتني لهذه الندوة والتي جاءت بعنوان: «أهمية الثقافة العامة في العمل الإعلامي»، ومنها أحببت أن أعطي فكرة عن أهمية الثقافة العامة، والأخيرة التي ليست بحبة دواء ذات مفعول سحري، بل الثقافة تأتي من تراكمات ومتابعات سواء في القراءة أم متابعة المسرح أو السينما وحتى الدراما والأخبار والصحف، وإلا فالأغلاط التي يقع بها الإعلاميون، هي مخجلة، والإعلام السوري بغنى عن الانتقادات، ففيه من الترميمات والمطبات ما يكفي، لهذا أحببت لقاء الشباب كي ندردش حول عدة مواضيع وأسألهم بعض الأحجيات من باب التحفيز والمرح». أما عن أهمية رصد المعلومات الصحيحة في ظل الزحام الذي تفرضه الشبكة العنكبوتية ومواقعها من سرعة الانتشار، تشير الإعلامية «أيضاً من الأمور التي دفعتني كي أكون هنا، الطريقة في البحث عن المعلومة الصحيحة، فنحن في الماضي كانت مهمتنا جدّ صعبة في الحصول عليها، ومصادرنا كانت محدودة وكنا نلجأ للصحف والمكتبات كي نؤمّن ما نريد، على حين اليوم تكمن الصعوبة بتقاطع المعلومات حتى نتأكد من صحتها ودقتها، وهذا واجب لمواجهة ما هو دارج اليوم مما ينتشر بسرعة في الأوساط الإعلامية وعبر الشبكة العنكبوتية عن المعلومات الخاطئة أو المزيفة، فهذا أمر يجب ألا ننجرف به مهما كان مغريا أو يقدم الشهرة، بل علينا الانتباه جيداً ونبحث عن المصدر ومن ثم نقوم بالنشر، فمثلا من فترة كنت أعمل على برنامج اسمه «فيروز والشعر» وفي حينها انتشرت أخبار بأن عاصي الرحباني كان قد دفع مبلغا وقدره خمسة وعشرون ليرة لشيخ كي يأخذ منه قصيدة، وللأسف كل الأوساط تناقلت الأخبار وحتى الصحف نشرتها، على حين ما قمت به أنا، أنني تواصلت مع فنان تشكيلي وهو فيروزي جداً اسمه محمود زيباوي، وهو منحني معطيات صحيحة كي أوضح اللبس في المعلومة. إذاً عليّ بالإعلام بل من واجبي أن أقدم المعلومات كما هي، وعلى المتلقي أن يبحث أكثر، ولا يجوز أبدا الترويج للمعلومات الخاطئة سواء من باب الاستسهال أم حب الظهور والحصول على الشهرة السريعة».
مصادر للثقافة العامة

تطرقت هيام حموي خلال الندوة إلى الحديث عن المصادر المحيطة بالمرء التي من خلالها يمكن أن يكتسب المعلومات وبسلاسة تامة، حيث تابعت «ما أحب أن أشير إليه أن يكون المذيع أو المذيعة على قدر من الثقافة العامة، وهذا ليس بالأمر الصعب والمعقد، بل هو أمر جدّ بسيط ويحتاج منهم إلى متابعة الأخبار والصحافة والسينما والمسرح إلى آخره، فمثلا وهذا أمر يشهد عليه الكثيرون بأنه كان هناك بعض البرامج والتي كان يقدمها التلفزيون السوري وتساهم في تنمية الثقافة العامة من خلال ما تعرضه من معلومات مهمة ومفيدة، وهي على سبيل المثال برنامج «حول العالم» وبرنامج «من الألف إلى الياء» وخاصة أن المعلومة تمر ويكتسبها المتلقي بشكل سلسل، وهذا ما أسعى إليه عبر مسيرتي الإذاعية من خلال برامج المسابقات التي كنا نقدمها في الشهر الرمضاني».

سر الإبداع
أشارت حموي خلال حديثها إلى أمور بسيطة تحيط بنا في حياتنا، وكانت محركا أساسيا لقلب المقاييس وحتى سلوك الحياة، ومن ثم توجيه دفة القدر إلى أمر مقدّر نحو الإبداع أو حل المشاكل، وتابعت إن مصادفة بسيطة للشاعر المصري أحمد فؤاد نجم لأنه يحب «اللب»، حولته إلى أهم شعراء العامية، عندما قرأ قصيدة كان «اللب» ملفوفا بها، في إشارة منها إلى الإبداع والإلهام الذي من الممكن أن يحصل عليه المرء من كلمة مقروءة أو مسموعة أو حتى عبر الموسيقا… إلخ، وحتى خلال مسيرتي توصلت إلى معرفة سر الإبداع ومنه إلى أسباب اهتمامنا بالفنون والأدب والعلوم، فمثلا يكون المرء قابعاً بظلام واقعه ويغوص في مشاكله ويفكر بها، وعند متابعته لفيلم مثلا أو سماعه لموسيقا معينة، يتمكن من إيجاد حل لما يؤرقه، والكلام يشمل قراءتنا لكتاب معين أو حتى قصيدة معينة.

مآسي قلة الثقافة
ومن نقاط الندوة التي طرحتها وتوقفت عندها، تطرقت الإعلامية هيام حموي إلى بعض المطبات الناتجة عن عدم اكتناز المذيع للثقافة، ومنها أشارت إلى أن عدم التركيز يوقع بمطبات مرعبة، وطالبت كل من يسعى للعمل في مجال الإعلام أن يُقدم على التحضير بشكل جيد، إضافة إلى التركيز على الأمور والمحاور التي يريدها والأسئلة المطلوبة. وتابعت إنه على المحاور أن يسمع جيداً ويصغي لضيفه بشكل كبير، ويفهم جيداً ما يسمعه، وحتى يدرك ما يقول هو نفسه وما يسأل عنه، كي يتمكن من الحصول على فيض من المعلومات المطلوبة. هذا وشددت على تجنب الوقوع بالأخطاء اللغوية أو حتى الوقوع بالأخطاء التي تدل على عدم الإحاطة بالموضوع المطروح، مشيرة في الختام إلى أن الركيزة الثقافية التي يمتلكها المذيع هي التي تنجيه من المطبات التي يمكن أن تواجهه وهو على الهواء، لأن زلة اللسان بعيدة عن الجهل بالمعلومة، وكلما كان الأفق الثقافي للإعلامي واسعاً نجح في رسالته في تقديم معلومات تعزز ثقافة المتلقي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن