«رجل و 3 أيام» لجود سعيد في يوم التصوير الأوّل… حفاوة خاصّة من وزارة الثقافة…وزير الثقافة: مؤسسة السينما لديها معوقات تنعكس على الفنانين لكنني أعد أن العام القادم سيكون أفضل
عامر فؤاد عامر :
«أكشن» هي الكلمة الأمر التي ترافق كلّ مشهد لينطلق بأمرٍ جدّي فيولد في نقطة بداية متجهاً نحو نهايته، لكن في فيلم «رجل و 3 أيام» كانت خصوصيّة المشهد الأول في انطلاقته أكثر حماساً في زيارة مقصودة من وزير الثقافة «عصام خليل» ومدير مؤسسة السينما «محمد الأحمد» لموقع التصوير. جاءت هذه الزيارة كنوع من الدعم المعنوي لكادر التصوير جميعاً ولتأكيد ضرورة العمل على تقديم صورة سينمائيّة تليق بالوطن، وتحدّي كلّ المعوّقات التي نتعرض لها.
الحرية من شروط الإبداع
حول زيارة وزير الثقافة لموقع التصوير قرب التكية السليمانيّة، ومعنى أن تكون مع انطلاق تصوير المشهد الأول للفيلم، كانت لنا هذه الكلمة الخاصّة لـ«لوطن» منه: «زيارتي لهذا الموقع تعني رغبة من وزارة الثقافة لتقديم الدعم والمساندة للمؤسسة العامة للسينما، وللعاملين في إنتاج هذا الفيلم، وكنت حريصاً على حضور إطلاق المشهد الأول في هذا الفيلم لكي أقدم لهذا الفيلم والمشاركين في هذا العمل السينمائي الشكر، واعتقد أن الفنان السوري الملتزم بأرضه، وبلاده، وشعبه، يستحق كلّ التقدير، والاحترام، وزيارتي إلى هنا هي نوع من التقدير لهذه الجهود والمساندة لها، فالمشاهد السوري يستحق أن نقدم له المتابعة الأرقى وخاصّة أن الظروف التي نعيشها تستدعي مقاربات بالغة العمق، وبالغة الذكاء في المواضيع التي نتناولها، وهو ما لا نتدخل فيه على الإطلاق لأنّنا مؤمنون بأن الحريّة شرط من شروط الإبداع، لكن الزيارة هي نوع من تقديم الدعم، والمساندة، وتقدير الجهود، لأن إصرار المؤسسة، وإصرار الفنان، والمخرج السوري على الاستمرار في إنتاج الأفلام في مثل هذه الظروف هو شكل من أشكال المواجهة ضدّ هذا المشروع الظلامي الذي يستهدفنا جميعاً».
قدّمنا الكثير
ولدى سؤالنا لوزير الثقافة «عصام خليل» حول خطوات الدعم التي يمكن للوزارة أن تقدّمها للسينما السوريّة مستقبلاً يجيب: «المؤسسة العامة للسينما لديها عدد من المعوقات والصعوبات، وهذا ينعكس على الفنانين، وينعكس على إنتاجنا ومسيرتنا السينمائيّة، ونسعى جاهدين لتذليل هذه الصعوبات، ولدينا جملة من الإجراءات في ذلك، وأنا أعد السوريين بأن العام القادم سيكون هناك سينما أفضل في شروطها للعاملين فيها وللفنانين وللمبدعين جميعاً لأنّها تستحق كلّ التقدير، والارتقاء بها، فالفنان السوري كان مضرب المثل في الانتماء لبلاده، ولطالما بقي مصراً على الالتزام بفنّه وجمهوره وإبداعه، في سياق أحلك الظروف التي واجهتها سورية، فمن حقنّا إليه تقديم كلّ ما نستطيع من المساندة وليس بالتصريحات فقط، فاعتقد أن ما قدّمناه للمؤسسة ليس بالقليل، لكنه يبقى أقلّ مما يمكن أن نقدّمه، لأن الفنانين يستحقون أكثر من ذلك، وسنرتقي في المرحلة القادمة إلى المستوى الذي نعتقد أنه من حقّ الفنان أن يحصل عليه».
مفهوم حضاري
برفقة وزير الثقافة كان مدير المؤسسة العامة للسينما «محمد الأحمد» الذي عبر عن مغزى هذه الزيارة وسببها فأضاف لنا: «اعتبر نفسي من أسرة الفيلم، وزيارتي هنا طبيعيّة، ويفرضها موقعي، وصداقتي مع كلّ المخرجين، الذين يحققون أعمالهم، فأنا أعرف معظمهم قبل أن أكون مديراً عاماً للمؤسسة، فقد أتيت من موضع الناقد السينمائي، وأنا مواكب لهذه السينما، ولإنتاج المؤسسة منذ أكثر من ثلاثين عاماً، والفضل في هذه الزيارة يعود للسيد وزير الثقافة، الذي يرسي مفهوماً حضارياً، إذ لم يتحقق من قبل بأن وزير الثقافة يصرّ أن يحضر في اليوم الأول من تصوير الفيلم، بغية مدّ العاملين في الفيلم من مخرج، وممثلين، وكتّاب، وفريق فني، وتقني عريض، مدّهم بروح معنويّة مهمّة، بأن وزارة الثقافة تواكبهم، وتدعم هذه الجهود. واستطيع القول أيضاً إن هذا الدعم مستمدّ من توجّه الدولة لتكريم الفنّ، والثقافة، والسينما، خصوصاً من خلال دفع الإنتاج إلى الأمام، وأذكر أنه في سنوات الرخاء عندما كانت الدولة في مرحلة من الراحة الماديّة أكثر مما هي عليه اليوم، لم نكن نُدعم كما نُدعم اليوم، بدليل أنّنا كنّا نحقق فيلماً إلى فيلمين في العام، في حين اليوم نحقق أربعة إلى خمسة أفلام واليوم أطلقنا دعم سينما الشباب في هذه الأزمة، ونطبع الكتب، ونقيم التظاهرات السينمائيّة الواحدة تلو الأخرى، وأيضاً هناك فكرة لعودة مهرجان دمشق السينمائي في القريب العاجل، وهذا يدل على أن الدولة تهتمّ لأن تكرّم مبدعيها، وفنّانيها الذين صمدوا وبقوا في الوطن، وقدّموا نتاجهم من الأرض السوريّة، رغم كلّ المضايقات التي نشأت من جهات إنتاجيّة أوقفت التعامل معهم، والخسارة الماليّة التي تعرضوا لها، وكلّ التضحيات التي قدّموها في الفترة الماضية، وأقصد بذلك كلّ العناصر التي تكوّن الفيلم».
لوحة وطنيّة
في سياق الحديث مع مدير المؤسسة العامة للسينما وجهنا سؤالنا حول فيلم «رجل و 3 أيام» وفي خصوصيّة ماذا يوثق فكانت الإجابة: «منذ أن بدأنا الإنتاج مع بداية الأزمة في سورية توجهنا في المؤسسة وفي وزارة الثقافة بأن نوثق ما مرّ به الوطن، فالمقال يُقرأ ويذهب، والمسلسل يعرض مرّة أو مرّتين ويترك على الرف، في حين السينما ذاكرة بصريّة متجددة، واليوم نتابع أفلاماً بالأبيض والأسود، وبعد مرور عدد كبير من السنوات سيتابعها أحفادنا، وبعد مئات السنين سيعاد اكتشافها، ومن هنا لمسألة توثيق ما مرّ به الوطن عبر أفلام ستكون مرجعاً للأجيال القادمة، وسيكون هناك أجيال جديدة تريد معرفة ما حلّ بالوطن، فهذا سيرونه في أفلامنا كما في فيلم اليوم، فنحن نكمل لوحة ما مرّ به الوطن فكلّ من مخرجي المؤسسة العامة للسينما يضع بصمته في لوحة عريضة عن الوطن هي ما تنتجه المؤسسة العامة للسينما».
صُنّاع الفيلم
فيلم «رجل و 3 أيام» كتابة سيناريو وإخراج «جود سعيد» ومجموعة من الكتاب قدموا أفكارهم للفيلم في ورشة عمل خاصة به، والفيلم من إنتاج المؤسسة العامة للسينما، ومن تمثيل «محمد الأحمد»، و«ربا الحلبي»، و«لمى حكيم»، و«سارة الطويل»، ومشاركة عدد من نجوم التمثيل مثل «عبد المنعم عمايري»، و«شكران مرتجى»، ومجموعة من الممثلين الشباب الذين يشقون طريقهم نحو النجوميّة مثل «مصطفى المصطفى»، و«كرم الشعراني» وآخرين. وأثناء التصوير كان لنا هذه الكلمة من الفنانة «ربا الحلبي» وهي بطلة الفيلم الرئيسة: «الفيلم يحمل مجموعة من النجوم السوريين، والبطولة جماعيّة كما تعودنا في السينما التي يقدّمها المخرج «جود سعيد» وهذه هي التجربة الثانية لي معه، فقد كنت سابقاً في فيلم «بانتظار الخريف» أمّا اليوم فبدأنا بتصوير المشهد الأول من «رجل و3 أيام» وما زلت أعيش أجواءه وأتعرف على خصوصيّة الأماكن التي سنصوّر مشاهدنا فيها، ومن الواضح أن هناك اهتماماً خاصّاً منذ اليوم الأوّل».
دفاع سلمي
أمّا مخرج الفيلم «جود سعيد» وحول ما يريد تقديمه في فيلمه الجديد، وحول مغزى زيارة وزير الثقافة ومدير المؤسسة العامة للسينما فيقول: «خلال السنوات الأخيرة وما كنّا نطالب به في أعمالنا الإبداعيّة هو أن تكون هذه الأعمال نوعاً من أعمال الدفاع عن الذات سلميّاً في وجه محاولات تشويه الهويّة السوريّة وإنهائها، وبعيداً عن كل التسميات إلا أن الجميع يعترف بأن هناك حرباً تخاض على هذه البلد وأضحت اليوم جليّة، وهذا ما نحاول أن نقدمه في الفيلم فهو قراءة في الحياة والإنسان ضمن هذه الأزمة من وجهات نظرنا كفنانين، وزيارة الوزير ومدير المؤسسة تعني لنا بأن المنجز السينمائي السوري هو جزء من صمود الهويّة السورية في وجه محاولات تشويهها».
صراع للانتصار
وعن الحالة التوثيقيّة الخاصّة بهذا الفيلم يجيب «جود سعيد»: «يوثق لمعنى أن تفقد شخصاً عزيزاً بطريقة غير طبيعية وأن تفقدنا الحرب المقدرة على الحبّ وصراع الإنسان للانتصار على هذه الحرب، فهناك قيم إنسانية تمس جوهر الإنسان السوري».