ثقافة وفن

التمكّن من الرسم تصبح قواعد الخط العربي أسهل … سمير ظاظا لـ«الوطن»: دمشق وسورية هما الإلهام الروحي لأعمالي

| سوسن صيداوي

الرسم. سواء أكان بأسلوب الألوان، أم بأسلوب الأصابع، أم بالرسم عبر الكلمات، هو استطاع بكل الطرق أن يميّز نفسه فنانا مبدعا، مكرسا رسالته لتأصيل الإنسان، داعياً للتمسك بالمورثات الوطنية الراسخة مهما كانت الغربة مديدة السنين أو بعيدة المسافات.. إنه الفنان التشكيلي سمير ظاظا المقيم حالياً في مصر، مستقراً، ولكنّ قلبه وباله باقيان مع سوريته المعشوقة، معبراً عن حبه لها من خلال فنه برسوماته التشكيلية، ولوحاته المتنوعة الأسلوب التي أبدع فيها حتى عندما يقوم بالرسم المباشر- الحي- والمحدد التوقيت أثناء الندوات الثقافية، متابعاً كي يبدع نوعا غير معروف – وحتى في مصر- وهو رسم البورتريه عبر الكلمات التي استخدم فيها الخط الديواني، ومن خلال مشاركاته في المعارض الفردية والجماعية أثبت جدارته. للحديث أكثر عن أسلوب الفنان ظاظا ونشاطاته الفنية إليكم الحوار التالي:

البدايات.. هل كانت مع تعلّم قواعد الخط العربي أو مع الرسم والألوان؟… وأي من الاختصاصين أصعب على الفنان؟

في البداية تم اكتشاف الموهبة من الأهل ومدرسي مادة التربية الفنية في المدرسة، وكنت حينها بعمر ست سنوات. في تلك الأثناء بدأت بتعلّم قواعد الرسم لأنه هو المرحلة الأهم، بعدها انطلق مشواري في تعلّم قواعد الخط العربي، وبرأيي عند التمكن من الرسم بشكل جيد، يكون تعلّم قواعد الخط العربي أسهل وأسرع.

حدثنا عن أسلوب الرسم بالألوان.. وأي لون منها تجد التعامل معه معقداً؟

الرسم بالألوان يحتاج إلى تأن كبير ودراسة عميقة، لأن استخدام الألوان ليس بالأمر الهيّن، والجانب المعقد هو من حيث تطبيق تدرجاتها -ذات الكم الهائل والمختلف- وبطريقة توظيفها. وبالنسبة لي أنا أعتبر أكثر الألوان صعوبة في تركيباته هو اللون الأخضر، حيث يوجد هذا اللون أحياناً بلوحة منظر طبيعي بأكثر من عشر درجات مختلفة عن بعضها.

هل تتذكر ظروف أول عمل رسمته بالكلمات… ولمن خصصت أول بورتريه… حدثنا عن تلك التفاصيل إضافة إلى نوع الخط الذي تستخدمه عادة… وكم يستغرق العمل منك جهداً ووقتاً؟

أول تجربة رسم بالكلمات كانت لوحة تمثّل صورة القائد الخالد حافظ الأسد، وتم تصميم الصورة في عام1986، في ذلك الوقت استغرق إنجاز العمل مني ما يقارب ستة أشهر. وهنا أحب أن أشير إلى أنه وبعد التجارب الكثيرة والعديدة بأسلوب الرسم بالكلمات، أصبح العمل يستغرق وقتا أقل، ويتراوح ما بين عشرة إلى عشرين يوما، وبالطبع هذه المدة تتفاوت ما بين درجات الصعوبة والتفاصيل المطروحة في العمل. وعن نوع الخط الذي استخدمه، أنا أستخدم الخط الديواني حصراً، لأنه مساعد بالرسم وهو من أجمل الخطوط انسيابية.

لنبق هنا قليلاً، ولنتحدث عن القصائد الشعرية.

بأسلوب الرسم بالكلمات قمت برسم القصيدة الشعرية، هذا الرسم معقد ويحتاج إلى وقت وجهد، لأن القصيدة الشعرية تعتبر إلهاما كبيراً للفنان الذي يستطيع من خلال القصيدة الواحدة، أن يشكل العديد من الصور، وبالنتيجة كل صورة هي عبارة عن لوحة، يراها الفنان برؤيته الخاصة، وعبر زواياها العديدة، كي ينقل من خلالها روعة التعبير واللون. وبقي أن أضيف إن الرسم بالكلمات -وخصوصاً البورتريه- هو فن جديد، ويعرض للمرة الأولى في مصر، وقد لاقى استحسانا كبيراً لدى الجمهور لأنه مختلف عن النمط السائد في المعارض الفنية.

ماذا عن تجربتك بأسلوب الرسم بالأصابع… إلى أي مدى تشعرك بالحرية وتمنحك المساحة في الإبداع.. وهل تكتفي باستخدام الأصابع كأدوات؟

طريقة الرسم بالأصابع تمنحني إحساسا رائعا في التعامل مع أرضية اللوحة، عبر تداخل ألوانها وتدرجاتها بشكل جميل. أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال، في هذا الأسلوب من الرسم لا أكتفي باستخدام أصابعي، بل أستخدم أدوات مثل «مفك براغي أو أي أداة حادة، أو محارم ورقية». وبالطبع لكل أداة وظيفتها بإظهار مقطع معين من أقسام اللوحة.

الرسم الحي أثناء الندوات الشعرية… فيه الكثير من التحدي وخاصة أنه عليك الإنجاز في وقت محدد.. ما رأيك؟

هذا صحيح إنه لشعور عظيم يدركه الفنان عندما يقدم فنا جديدا، وينقل من خلاله فكرة مبتكرة بالرسم المباشر أمام الجمهور، وباستخدام الأصابع من دون استعمال أدوات الرسم التقليدية، متمكنا من تنفيذ العمل بزمن قصير… وحول أول تجربة بالرسم الحي أمام الجمهور، كانت في عام1996من خلال أمسية شعرية غنائية بعنوان: «نزار قباني شاعر الحب والياسمين»، حينها تم إنجاز لوحة كبيرة تضمنت ما قيل من شعر وغناء بالألوان التعبيرية الخاصة، وكانت أقسامها الخلفية الأساسية ألوان غروب الشمس ورسم البحر وتوزيع زهور الياسمين إضافة إلى رسم حورية البحر وصورة الشاعر الكبير نزار قباني، وبعد أن قوبلت هذه التجربة بالكثير من الترحيب والتشجيع، قمت بتكرارها على عدد من المسارح وبعناوين مختلفة.

خلال إقامتك الحالية في مصر أقمت وشاركت في العديد من المعارض الجماعية والفردية.. حدثنا عن هذه المشاركات؟

نعم… لقد أقمت العديد من المعارض في القاهرة، وكان أهمها معرضي الفردي الثاني في دار الأوبرا المصرية، الذي جاء بعنوان: «عمالقة مصر بعيون سورية»، كان تضمن المعرض72لوحة، صُممت ورُسمت جميعها بالكلمات، وجسدت بورتريه للعديد من الفنانين والمطربين القدامى إضافة للأدباء والشعراء، وكتبت في الصور عن حياة كل فنان وعن أعماله الفنية أو الغنائية أو الأدبية. لقد لاقت هذه الطريقة إعجاباً كبيراً من الزائرين، لكونها أسلوباً جديداً يرونه للمرة الأولى. هذا الأسلوب نفسه اتبعته أيضاً في معرضي الفردي الأول في «ساقية الصاوي للثقافة والفنون» حيث عُرض فيه63عملاً. ويهمني أن أذكر أنني مشارك دوري في معرض صالون الربيع الثالث عشر، والرابع عشر الذي تقيمه ساقية الصاوي سنوياً. وأتابع… إنني شاركت وللمرة الثانية بمعرض الزعيم جمال عبد الناصر الذي تقيمه سنويا شبكة علم مصر الإخبارية بالتعاون مع مكتبة مصر العامة. وليس هذا فقط بل أيضاً كان لي شرف المشاركة باحتفالية مكتبة مصر العامة في عيد تأسيسها الثالث والعشرين، عبر تنفيذ رسم مباشر أمام الحضور من دون استخدام أدوات الرسم التقليدية. هذا إضافة لمشاركتي لعامين متتاليين في ملتقى«هارموني الدولي» للفنون التشكيلية في القاهرة. أحب هنا أن أشدد أنني شاركت بكل تلك المحطات ممثلاً وطني الغالي سورية الحبيبة، كما حصلت على العديد من الجوائز التكريمية، من الجهات الرسمية في جمهورية مصر العربية الشقيقة.

في الختام، دمشق العاصمة وسورية الوطن حاضرتان في أعمالك الفنية وبما تشارك به في مصر من معارض… ما تعقيبك؟

بالفعل دمشق الياسمين وسورية الحبيبة هما الإلهام الروحي لأعمالي الغنية المتنوعة، وعندما أتناول هذا الموضوع في لوحاتي، أشعر بالفخر والاعتزاز، لأنني من وطن هو مهد الحضارات بتاريخه العريق. وأحب أن أضيف هنا إنني اليوم وخلال إقامتي في مصر الشقيقة، كنت قد نقلت فكرة الرسم بالكلمات والرسم بالأصابع من خلال العديد من المعارض وورشات الرسم المباشر أمام الجمهور في العديد من المناسبات، ولاقت هذه الأفكار كل تقدير من الجمهور بجميع شرائحه. كما أنني أتمنى أن يبقى وطني الغالي سورية عصيا على كل الأعداء والطامعين، وأدعو إلى اللـه أن يكلله بالنصر، وأن يرفرف علمه الغالي خفاقاً في كل المحافل الدولية.

بطاقة تعريفية

الفنان التشكيلي سمير ظاظا من مواليد دمشق عام 1965، درس الفن دراسة خاصة، وأقام العديد من المعارض داخل سورية وخارجها، عمل مديراً لمعهد أحمد ناصيف للفنون التشكيلية والتطبيقية العائد لفرع دمشق لاتحاد شبيبة الثورة، ومشرفاً على دورات الفنون في نقابة المعلمين السورية، شارك في العديد من الأمسيات الشعرية وبالرسم المباشر أمام الجمهور، وله العديد من اللوحات الجدارية في مدارس ومعاهد دمشق. حائز عدة جوائز محلية وعالمية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن