سورية

مخرجات حلقة نقاشية لـ«مداد» خلصت بأن الطرفين لا يريدان المواجهة … الخيار الممكن أمام الكرد هو فتحُ باب الحوار مع دمشق

| الوطن

خلصت حلقة نقاش عقدها «مركز دمشق للأبحاث والدراسات – مِداد» أن سورية وكردها لا يريدان المواجهة، إلا أن الإخفاق في التوصّل إلى حلٍّ أو تسوية، يمكن أن يدفع بالأمور إلى المزيد من المخاطر، وأوضح أن الخيار الرئيس الممكن أمام الكرد هو فتحُ باب الحوار مع دمشق، معتبرا أن الخطورة ليست من الكرد، وإنما من طبيعة استخدام الولايات المتحدة لهم كورقة لتنفيذ رهاناتها في سورية والمنطقة.
وأعلن «مداد» مخرجات الحلقة النقاشية التي عقدها ضمن فعالية «رواق دمشق» تحت عنوان «على خط دمشق – القامشلي: مسارات وتجاذبات الحوار – المواجهة» وتلقت «الوطن» نسخة منها، وأعد الورقة الإطارية للنقاش وأدار الجلسة، رئيس قسم الدراسات السياسية في المركز، عقيل محفوض، وحضر وشارك في الحوار عدد من أعضاء مجلس الشعب وأكاديميون ومهتمون بالشأن العام وبالموضوع الكردي في سورية، وعدد من الكوادر البحثية والعلمية في المركز. كما أرسل مستشار الرئاسة المشتركة لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي – بيدا» الكردي سيهانوك ديبو، مشاركة عرضت في الجلسة.
وخلال الجلسة أشار محفوض إلى أنه «عندما قال الرئيس بشار الأسد إنه سوف يتعامل مع «قوات سورية الديمقراطية – قسد» بوصفها «المشكلة الوحيدة المتبقية» في سورية، فقد وضع العنوان الرئيس لأجندة مفترضة بين الحكومة والفواعل الكردية، حواراً ومواجهةً، وقد تلقت الفواعل الكردية مواقف الرئيس بإيجابية واضحة، غير أن الأمور ليست هيّنة».
وأشار محفوض، إلى أن «الطرفين (الدولة والكرد) لا يريدان المواجهة، إلا أن الإخفاق في التوصّل إلى حلٍّ أو تسوية، يمكن أن يدفع بالأمور إلى المزيد من المخاطر»، لافتاً إلى أنه «عند النظر إلى تاريخ العلاقة بين دمشق وكردها، تجد أنها الأقل توتراً وعنفاً ودموية، مقارنةً بتاريخ العلاقة بين تركيا والعراق وإيران بكرد كلٍّ منها».
وأوضح أن «الخيار الرئيس الممكن أمام الكرد- بافتراض قراءة عقلانية للأمور- هو فتحُ باب الحوار مع دمشق، التي لم تغلقه أساساً، وتغييرُ الرؤية والنمط، إذ إن الباب المذكور لم يعد باباً للضغوط والابتزاز والمساومات، كما كان سابقاً»، وأضاف: «الخطورة ليست من الكرد، وإنما من طبيعة استخدام الولايات المتحدة لهم كورقة لتنفيذ رهاناتها حول سورية والمنطقة».
ولفت إلى أن «واشنطن تحاول أخذ الكرد رهينة أحلامهم ومخاوفهم، لكنَّ التطورات كانت صادمة، لا الأحلام تحققت ولا المخاوف زالت، وثمة في دمشق من يرى أن الحوار قد يحررهم مما هم فيه، ويساعدهم على العودة إلى الواقع، ويشجع التيار السوري ضمنهم».
وتحدث عن أجندة رئيسية بين دمشق وكردها منها: الوحدة الكيانية والجغرافية لسورية؛ فك ارتباط الكرد بالتحالف الدولي الأميركي وبأي مشروعات إقليمية أخرى مطروحة؛ أولوية الحل السياسي؛ التوافق ما أمكن على السياسات العامة لسورية لما بعد الحرب».
وعرض لأولويات الكرد في الحوار مع الدولة السورية، وهي: «الضمانات السياسية والأمنية، ويمكن أن تكون روسيا وإيران ضامنتين؛ المداولة في القضايا الأكثر أولوية مثل: الدستور وطبيعة النظام السياسي والإداري؛ التنمية المتوازنة أو العادلة؛ الحقوق الثقافية واللغوية؛ التعويضات المادية والمعنوية لمتضرري الحرب؛ تفكيك عوامل الاحتقان ورفع المظالم حيث وُجدت».
ورأى، أنه «يمكن أن تتجه الأمور إلى مزيد مواجهة في ظل مجموعة من الأمور منها: استمرار وجود القوات الأميركية والتحالف؛ الربط بين وجود التحالف ووجود إيران وروسيا في سورية؛ تغيير الرهان الأميركي من الاعتماد على الكرد إلى الاعتماد على قوات مرتزقة من العشائر والكرد أيضاً».
من جانبه، اعتبر سيهانوك ديبو في مداخلته، أن «العلاقة ما بين الإدارة الذاتية والحكومة في دمشق انتقلت من المهادنة ثم المواجهة إلى حديث اليوم عن المفاوضة، وهي الأسلم لكليهما»، مؤكداً أنه «يجب التفكير معاً بإنتاج أجندة ممكنة، يخرج من خلالها الكل في سورية منتصراً».
وفي محددات أو ما يمكن تسميته بأرضية التفاوض، رأى ديبو أن «قبول الطرفين بأن العقد الاجتماعي السوري لم يؤسس بعد، ويجب تأسيسه، ويجب الاقتناع من قبل الجميع بضرورة توزيع السلطة بين المركز والأطراف، وأن تحدد صلاحيات كل طرف».
كما رأى أنه «من المهم أن تقتنع الحكومة في دمشق بأن الإدارة الذاتية ليست وليدة الأزمة، بل لوجودها دواعٍ وأسباب تسبق الأزمة فهي تعبر عن مسألة اجتماعية لها قضاياها السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية في الوقت نفسه».
واعتبر، أن «الوقت مناسب للحوار، بما يضمن تحرير الأراضي السورية التي يحتلها الأتراك وفي مقدمتها عفرين؛ كذلك أن يكون تحرير إدلب منجزاً وطنياً مشتركاً بين دمشق والإدارة الذاتية».
ورأى الحاضرون، أن هنالك جملة من المعيقات تعطل الحوار حالياً بين دمشق والكرد، تتفاوت بالحجم والدور ومستوى التأثير، واعتبروا أن من أبرزها: «فائض القوة: إذ أصبح لـ«مجلس سورية الديمقراطية» وفي عمقه «حزب الاتحاد الديمقراطي» وجود سياسي واقتصادي وبنية إدارية تجعله يشعر بفائض من القوة، إضافة إلى الدعم الأميركي، فأصبح لهؤلاء مصلحة في الانفصال، وباتوا يظنون أنهم يحاورون الدولة من موقع الند للند وليس من موقع مكون من مكونات هذه الدولة، كذلك تمتلك الدولة السورية والجيش السوري بعد الانتصارات الكثيرة والإنجازات الميدانية والسياسية الفائض نفسه».
ومن المعوقات أيضاً، أن أميركا سوف تفعل المستحيل لإعاقة الحوار، وربما تقدم المزيد من الدعم والأسلحة لتدفع ببعض الأكراد إلى التمترس خلف رأيهم رغم التغيرات في الخريطة الميدانية في سورية.
ورأوا، أن الدولة السورية لا تزال تتحدث من موقع أبوي، في حين يجب أن يكون الخطاب أكثر براغماتية، للدفع باتجاه الحوار، كما أن أزمة الثقة بين الجانبين، تشكل عائقاً، فالمسألة ليست تنازلات وحسب، فهنالك عدم ثقة قديمة، راكمت الأزمة/الحرب فوقها.
وبينوا أن هناك سوء فهم للمشكلة الكردية، حتى من الطرف الكردي، كما أن هناك صوراً نمطية، وتعنتاً لدى الأطراف، وتزمتاً في طرح المشكلة، وتمسكاً بشعارات زائفة.
ولفتوا إلى أن هناك معوقاً خارجياً للحوار، وهو أجندات القوى الخارجية المتنازعة على النفوذ في سورية والتي قد تؤثر على الحوار السوري- السوري، كما يلعب العامل الإقليمي دوراً معوقاً في ظل ارتباط جزء من الأكراد السوريين بأكراد (العراق- تركيا- إيران).
وتقاربت آراء الحاضرين حول النقطة التي يجب أن ينطلق منها الحوار، وأولها الاعتراف بالمشكلة، والبدء بحوار شامل لا يقتصر على الأكراد، وعدم احتكار الحقيقة، وقبول الآخر ورفض الإملاءات، وخلق عوامل اطمئنان كردية، عبر الحديث عن نقاط الخلاف، والابتعاد عن الحديث ما فوق الواقعي.
ورأى الحاضرون أنه يجب عدم تجزئة المسارات، فالمشكلة الكردية جزء من المشكلة الوطنية السورية، والحديث عنها منفصلة لن يفضي إلى حل، بل يجب التعاطي معها ضمن سلة حلول تستهدف كل القضايا الوطنية.
وشددوا على ضرورة الاتفاق بين كل الأطراف الوطنية وليس الكرد فقط على موقع سورية الجيوسياسي، لما لهذا الأمر من انعكاسات على التطورات السياسية في المستقبل على المستوى الداخلي.
وبينوا أنه من المهم خلق بيئة حوار مناسبة بين الطرفين، لها أسس ومعايير، تضمن الحوار الحقيقي والجاد، على أن يكون الحوار مع الأصيل، لا الوكيل، وألا يمثل الأكراد إلا الأكراد أنفسهم، مع التطلع للوصول إلى نتيجة رابح- رابح، إذ إن هذه الذهنية تفيد في التعامل مع كل مكونات المجتمع السوري، وفي مستقبل سورية بشكل عام.
ودعوا إلى البدء بالاتفاق على القضايا الأساسية والقضايا الوطنية، وترك القضايا الخلافية إلى ما بعد الوصول إلى قواسم مشتركة.
وحول تصرف الولايات المتحدة إذا ما قرر الأكراد المضي في الحوار مع دمشق، رأى «مداد» أن الدور الأميركي لن يكون إلا معوقاً، فللولايات المتحدة مصالح في إطالة أمد الحرب، وبين أن واشنطن لن تسمح بقيام دولة كردية، وأن كل ما تريده هو الإبقاء على نقطة عدم توازن في سورية شبيهة بـ«كردستان العراق»، لإطالة أمد حالة الفوضى التي تعيشها المنطقة، ورأى أن دور الولايات المتحدة يعتمد على الكرد أنفسهم، وإذا ما استطاعوا المفاضلة بالمصالح واختيار المصلحة الوطنية فهم قادرون على الحد من الدور الأميركي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن