قضايا وآراء

نقد «العقل السعودي».. (إن وجد)

إياد ابراهيم : 

في ظل هذا الحقد المتوارث على سورية، هل يمكن إقناع حكام النظام السعودي الجدد باللجوء إلى العقل والتحكم بالانفعالات إزاء أحداث مفصلية قد تكون آخر ما يشهدونه وهم يحملون ألقابهم الملكية..؟
«توبين هارشاو» كتب في موقع «Bloomberg View»: «إن منتقدي الاتفاق النووي الإيراني يحذرون من أنه سوف يتسبب بسباق للتسلح في الشرق الأوسط، علما أن دفاتر شيكات دول الخليج المفتوحة لشراء السلاح ليست أمرا جديدا، فالإنفاق المفرط للتسليح بدأ حتى قبل الشروع بهذه المفاوضات مع طهران، وتضاعف عدة مرات في الآونة الأخيرة بعد أن شعرت الملكيات الخليجية بالذعر مما سمي «انتفاضات الربيع العربي»، ففي عام 2013 ارتفع إنفاق السعودية وحدها 14% مقارنة بالعام الذي سبقه».
«الاندبندنت» كشفت أن النظام السعودي يحرق المليارات من مخزونه المالي بشكل غير مسبوق للحفاظ على سعر متدن للنفط (50 دولاراً للبرميل) بقصد إنهاك روسيا التي تخسر ملياري دولار لكل انخفاض بقيمة دولار واحد من سعر البرميل، في الوقت نفسه يلجأ النظام السعودي إلى سحب ملياري دولار أسبوعيا من الاحتياطي النقدي لتغطية نفقات الحرب على اليمن وسورية، الأمر الذي أدى إلى انخفاض قيمة الاحتياطي النقدي من 746 ملياراً إلى 672 مليار دولار في أقل من تسعة أشهر -حسب مؤسسة النقد المركزية السعودية.
الا أن الضغوط السعودية لم تفلح، فوزيرا الخارجية الروسي والإيراني يصرحان من موسكو أنهما «لا يقبلان مطالبة الرئيس بشار الأسد بالرحيل، وأن موقف بلادهما لم يتغير وهو يكمن في ضرورة أن يقرر الشعب السوري مستقبل بلاده على أساس بيان جنيف من دون أي تدخلات خارجية أو سيناريوهات مسبقة».
وهو موقف سبقته رسالة روسية واضحة المعالم حطت في مطار المزة العسكري مع ست طائرات وصواريخ ومدافع حديثة، جاءت ردا عملياً مباشراً على تخرصات وزير خارجية النظام السعودي (عادل الجبير)، وهو ما يثبت قول أحد المحسوبين على الصحافة السعودية كان على الجبير معرفة حقيقة حجمه أمام «حيتان» السياسة الدولية والإقليمية، وأن يختار كلماته بعناية فائقة عندما يتعاطى معهم.
وعلى الرغم من التباين الظاهر في بعض النقاط بين الروس والأميركيين، غير أن واشنطن أخذت تدوِّر الزوايا بشكل واضح، فها هي تسحب منظومات صواريخ باتريوت التي نشرتها في تركيا، حاسمة بذلك ما تردد عن موقف أميركي مؤيد لمنطقة عازلة شمال سورية، تلتها في ذلك ألمانيا التي سحبت منظومتها هي الأخرى، إضافة إلى مؤشرات انحسار عدائية مواقف الدول الأخرى الضالعة في الحرب على سورية والتي بدأت تظهر منذ أشهر، فمنها ما زال ينظر إلى التطورات بطرف عين حذرة مترددة متحسرة، ومنها من استدار كلية باتجاه «الحائط» بعد أن بدأت تصله فواتير مراهناته غير المجدية، كما حدث لفرنسا، ويحدث لتركيا وهي تتلقى فواتير احتضانها «لداعش» سياسيا وأمنيا.
فإذا كانت فواتير الدم التي نزفت في مدن المملكة الوهابية، وصواريخ أهل نجد التي أفرغت الشريط المحاذي لليمن من سكانه، ومواقف دول قوية كالولايات المتحدة وأوروبا لن تشكل موعظة لملوك الرمال في تقدير المخاطر ووزن الأمور، فإن لا شيء سيردعهم عن حماقاتهم، ولا أحد سيقنعهم بأن العيب فيهم وليس في المرآة، وسيستمرون في اشتراطاتهم وتهيؤاتهم كما هم قوم «عنزة ولو طارت» إلى أن تطال الفاتورة تيجانهم.. وهذا ما سيحدث.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن