قضايا وآراء

جمجمة المهرج

| نبيه البرجي

من يسقط أولاً: دونالد ترامب أم رجب طيب اردوغان؟ الأول الذي يرقص بين خيوط العنكبوت، أم الثاني الذي رقص طويلاً، وما زال، بين خيوط الدم.
كبير الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر، قال «عقب الانتخابات النصفية للكونغرس، في تشرين الثاني المقبل، قد تشاهدون هذه اللوحة على تلة الكابيتول: هنا يرقد الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة».
إذا حدث ذلك، وشبح المحقق الخاص روبرت موللر يلاحق دونالد ترامب على مدار الساعة، فهل يتحول البيت الأبيض إلى زنزانة أو إلى مقبرة؟ المعلق الأميركي البارز، من أصل هندي، فريد زكريا، كتب «حين يسدل الستار على هذه الكوميديا، لا بد لجمجمة المهرج أن تسقط أرضاً وتتحطم».
هو الذي سبق وكتب « الجنرالات يقطعون أصابع الرئيس». ترامب فكّر، فعلاً، بإلقاء القنبلة النووية على بيونغ يانغ. جورج سوروس، نجم وول ستريت، قال «لطالما تلذذ بمشاهدة الأشرطة الوثائقية حول ليلة هيروشيما، ولا أتصور أن ليلة جهنم تشبه تلك الليلة. كان طيف نيرون في عينيه، وهو يعزف على القيثارة على حين روما تحترق».
للمرة الأولى، منذ أيام هاري ترومان، يصدر مثل ذلك الكلام عن قائد القوات الإستراتيجية، وهنا الجنرال جون هايتن، الذي يقف على باب الغرفة النووية، أعلن أنه لن ينفذ أوامر الرئيس إذا لاحظ أنها غير قانونية.
كثيرون في واشنطن يتوقعون «الخريف الرئاسي». السقوط بالضربة القاضية، مطرقة القضاء أم ورقة الاقتراع؟
إنهم يستعيدون القول الصيني، دونالد ترامب ينتظر جثة رجب طيب أردوغان على ضفة النهر. جثة الرجل الذي يحلم، منذ أن كان رئيس بلدية إسطنبول، بأن يكون الباب العالي، سلطان البر وخاقان البحر.
قيل له إن أميركا لا تنظر إلى تركيا إلا كونها «الدولة ـ القهرمانة». وقيل له إياك و«رقصة السلاطين» على صفيح ساخن. لم يصغ إلى كل النصائح. حين دعا إلى إعادة النظر بمقررات لوزان (1923) كان يتصور أن الحصان النيوعثماني سيحمله من ضفاف الدردنيل إلى ضفاف النيل مروراً بكل الضفاف الأخرى.
المال العربي، المال الغبي، كان جاهزاً. مسؤول كبير في الاستخبارات التركية فر إلى ألمانيا، حمل معه وثائق تثبت أن اردوغان حصل على 21 مليار دولار من بعض دول مجلس التعاون.
أولئك العرب الذي كانوا يتصورون أن باستطاعتهم «تشغيل» السلطان، تكتيكياً، قبل أن يتردد في البلاط السعودي تعبير «الخنجر التركي».
في الخليج يتحدثون عن الزلزال الذي زعزع البلاط، محمد بن سلمان كان يراهن على المؤازرة التركية في «عاصفة الحزم». أردوغان، الشغف بديناميكية التاريخ، يعلم أن آباءه لم يتجرؤوا على الصعود إلى جبال اليمن، بقوا على الأطراف.
في كل الأحوال، هو من استخدم ذلك الطراز من العرب، ولي العهد السعودي الذي أخذ بوعود جاريد كوشنر، زوج إيفانكا، أن يكون شاهنشاه النفط والغاز في المنطقة، فوجئ بالدبابات التركية تحل محل دباباته في الدوحة.
أردوغان الذي استضاف الدرع الصاروخية في بلاده على أنها الخوذة الفولاذية التي تؤمن له التغطية لإعادة إحياء السلطنة، لاحظ، متأخراً، أن الخوذة كانت زجاجية. لعب كثيراً في كل الاتجاهات، وخال أن البوابة السورية تقود إلى أرجاء المنطقة قبل أن تطبق عليه اليد السورية.
ها إنه في قبضة دونالد ترامب، الاقتصاد التركي ليس كما كرة الثلج، كما قال المحللون الاقتصاديون، أنه كرة النار.
من يسقط على أبواب حلب، وعلى أبواب دمشق، يسقط، حتما، على أبواب إسطنبول وأنقرة.
بانتظار أن تتدحرج جمجمة المهرج هناك في الغرب، وهنا في الشرق. الخريف آت، آت.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن