سورية

«الآغا خان» مستعدة للتشبيك مع الجميع.. ونحو 50 بالمئة من حلب القديمة مدمر بالكامل … حمود لـ«الوطن»: نحتاج عشرات السنين والمليارات لترميم الآثار المخربة

| مازن جبور

كشف المدير العام للآثار والمتاحف محمود حمود، أن المواقع الأثرية التي وقعت تحت سيطرة الإرهاب تعرضت إلى دمار كبير، وأن إعادة بنائها وترميمها يحتاج إلى عشرات السنين والمليارات، بينما أعرب المدير التنفيذي لـ«مؤسسة الآغا خان للخدمات الثقافية» في سورية، علي إسماعيل، عن الاستعداد للتشبيك مع جميع الجهات الأهلية والمحلية والحكومية والدولية لتنفيذ مشروعات ترميم الآثار.
وعقدت «مؤسسة الآغا خان للخدمات الثقافية» في سورية، ورشة عمل بالتعاون مع المديرية العامة للآثار والمتاحف في القاعة الشامية بالمديرية حول التعاون في نقل خبرات المؤسسة إلى مديرية الآثار والمتاحف في إعداد المخططات اللازمة لتنفيذ أعمال الترميم في المدن التاريخية القديمة المسجلة على لائحة التراث العالمي لدى اليونيسكو.
وفي تصريح لـ«الوطن» على هامش الورشة، قال المدير العام للآثار والمتاحف، محمود حمود: إن حجم الدمار الذي طال المواقع الأثرية نتيجة الأعمال الإرهابية والحرب التي شنت على بلادنا كبير جداً، وأضاف: «يقوم الكثير من المؤسسات الوطنية والدولية بجهود ومبادرات كبيرة في سبيل توثيق الأضرار وإعداد مشروعات الترميم لهذه الآثار التي تحتاج إلى ترميم عبر جهود الجميع».
وأوضح، من هذه المؤسسات، مؤسسة الآغا خان التي قامت بالتدخل منذ اللحظة الأولى بتوثيق أبنية حلب القديمة وأسواقها وإعداد مشروعات الترميم، وكان لها الكثير من المبادرات أيضا، مثل تدريب الفنيين على نحت الحجارة وأعمال الحجارة، وأيضاً تدريب كوادر المديرية العامة للآثار والمتاحف على إعداد مشروعات الترميم وإلى ما هنالك.
وذكر أن هذه المؤسسة قامت بتوثيق سوق السقاطية القريب من الجامع الأموي في حلب القديمة، وتم إعداد المشروع وأصبح جاهزاً باستخدام أحدث الآليات والتقنيات والأجهزة الحديثة، وتم تقديم المشروع إلى منظمة «اليونيسكو» والمديرية العامة لتقييم تجربة هذه المؤسسة في إعداد برامج التدريب. وأشار حمود إلى أن هدف الورشة هو إطلاع مهندسي المؤسسة العامة للآثار والمتاحف على أحدث الآليات في ترميم الأبنية الأثرية الأخرى في جميع أنحاء القطر، وأضاف: «لدى المديرية العامة خبرات أيضا ولذلك تم التشبيك مع مؤسسة الآغا خان لتبادل الخبرات الجديدة وهدفنا بالنهاية حماية التراث الثقافي السوري وترميمه وفق أفضل السبل والمعايير الدولية».
وكشف أن «كل المواقع الأثرية التي وقعت تحت سيطرة الإرهاب تعرضت إلى دمار شديد وبحجم كبير جداً لا يمكن تقديره على الإطلاق إلا بعد تقويم ومسح الأضرار وزيارة هذه المواقع»، وقال: «نحتاج إلى عشرات السنوات وعشرات المليارات لإعادة بناء وترميم المواقع الأثرية السورية».
من جانبه، قال لـ«الوطن» المدير التنفيذي لـ«مؤسسة الآغا خان للخدمات الثقافية» في سورية علي إسماعيل: «نحن اليوم بصدد استعراض مفردات منهجية في حال إتباعها فهي تسمح بتنفيذها في مناطق أخرى، لذلك نحن اليوم لسنا بصدد استعراض فقط حالة بتفاصيلها سواء كان البرنامج الزمني أم التفاصيل الفنية أو المعمارية أو المالية، وإنما نحن بصدد استكشاف المفردات المنهجية التي تسمح في حال فهمها بصورة واضحة أن يكون هذا المشروع ليس وحيداً، وإنما يمكن تنفيذه في أماكن أخرى».
وتابع: «التجربة على بساطتها، تحوي في مفرداتها الحل السحري للمشروعات المتوقفة بسبب أو آخر، ومن ثم نحن سنحاول أن نستعرض تجربة بعينها لنرى مدى التطابق في الحالات المختلفة، وهناك تفاعل ايجابي يشجعنا على أن تكون التشاركية المنهج الذي سنعتمده واعتمدناه بالأساس، لذلك مشروعنا اليوم هو مشروع مميز بأهميته التاريخية والاجتماعية وبحجم الدمار الذي حصل فيه وبمفرادته على مستوى العالم».
وأوضح «نحن نتعاطى مع موقع مسجل باليونيسكو على لائحة التراث العالمي، حالة متكاملة فيها الكثير من التحديات والكثير من الخصائص الفريدة بنوعها، الأمر الذي يحملنا مسؤولية أكبر، وفي الوقت نفسه حجم الدروس المستفادة منه أكبر ويسهل العمل في الأماكن الأخرى».
وبين أن الورشة تستعرض مشروعين أحدهما نتج عن الأول الذي هو كيف يمكن تقييم الأضرار في 3 مناطق أثرية مهمة في حلب القديمة، والمنهجية التي مكنت من تطوير طريقة تسمح في تحديد الأولويات والموازنات والإطار الفني المطلوب والإطار الزمني الخ، والثاني نتج عن الأول ويتعلق بتنفيذ مشروع رائد يعتبر النموذج الذي تم الاعتماد عليه في التنفيذ وهو ترميم سوق شعبي في مدينة حلب القديمة يضم 53 محلاً خلال فترة زمنية للتنفيذ تمتد من 9 إلى 12 شهراً على أن يكون التنفيذ بأفضل شكل ومن دون معوقات للتحفيز على تنفيذ مشروعات لاحقة عبر المساهمة من قبل الجميع».
وأعرب عن الاستعداد للتكامل والتشبيك مع الجميع من جهات أهلية ومحلية وحكومية ودولية وأممية لتنفيذ المشروعات، نظراً لأنه لا توجد جهة بمفردها قادرة على إنجاز جميع الأعمال على مستوى البلد، ولأن من خلال التعاون يمكن الوصول إلى الأفضل».
وأشار علي إلى أن هذه المنهجية التي عرضتها «مؤسسة الآغا خان» من خلال دراستها التي أعدها خبراء مختصون من جنسيات مختلفة «من الممكن أن يتم استخدامها من الدولة السورية لتقييم الأضرار في المنازل والمنشآت الخاصة وهي مساعدة جدا وموفرة للوقت والجهد والمال».
بدوره مدير المشروع الخبير الإيطالي، روبيرتو فابرو، الذي شارك بإعداد الدراسة وهو المشرف على تنفيذ ترميم سوق السقاطية، بين أن إعداد الدراسة استغرق 6 أشهر.
وأشار إلى أن حلب دمرت بشكل سيئ جداً جداً وخصوصاً المدينة القديمة، وقال: «للأسف المسلحون استهدفوا بعض المناطق التي هي من أفضل المناطق التاريخية في سورية وأعتقد أن 40 إلى 50 بالمئة من المدينة القديمة في حلب تعرض لدمار كامل».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن