اقتصاد

ليون زكي: البدء بالإعمار أثناء الأزمة

أكد رئيس مجلس الأعمال السوري الأرميني ليون زكي أن ملف إعادة إعمار ما دمرته الحرب في سورية شائك جداً وليس استحقاقاً داخلياً فقط كما يحلو لبعضهم أن يصوره، بل هو شأن يتطلب تدخل جهات عالمية مانحة ذات علاقة به كي يتم وضعه على السكة الصحيحة لإنجازه نظراً لفداحة الأضرار وذيوعها، ما يتطلب إقرار مشروع كبير على غرار «مارشال» الغربي بقيادة واشنطن والذي أعاد بناء ما دمرته الحرب في برلين وغيرها من المدن الألمانية في زمن قياسي.
وأوضح زكي لـ«الوطن» بأن لشركات القطاع الخاص والعام والمشترك دوراً في عملية الإعمار ولكن بشرط إقناع الرساميل الأجنبية «الجبانة» بالدخول إلى القطر في ظرف غير موات لجهة استمرار النزاع مدفوعة بالمشاريع الضخمة التي خلفها حجم الدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحتية والمرافق والمصانع ووسائل الإنتاج وبما يفوق إمكانيات شركات التطوير العقاري المحلية مهما كبر حجمها وعلا شأنها.
ولفت زكي إلى أن إعمار سورية حظي بحيز واسع من الطرح والنقاش داخلياً وخارجياً «على الرغم من أنه من المبكر الخوض في توقيت انطلاقته بدليل أن أهم المانحين الدوليين لهذه العملية، أي البنك الدولي، صرح مطلع العام الجاري بأنه يتعين من أجل مساعدة سورية وجيرانها على التعافي من الصراع الدائر فيها، إعداد خطة لإعادة الإعمار بعد الحرب في سورية من القوى والمانحين الدوليين».
وبيّن أنه يمكن البدء بالإعمار خلال الأزمة، وباستطاعة الاقتصاد التكيف مع استمرار الحرب كما هو حال أفغانستان «ولكن ستفرز العملية الكثير من التداعيات السلبية في ظل غياب إستراتيجية فعالة تحوّل الصراع إلى سلام، والأهم من ذلك أنه في حال استجلاب صندوق النقد والبنك الدوليين كأهم مانحين لإعادة الإعمار فإنهما سيفرضان سياسات تمنع الحكومة عن الإنفاق عبر التمويل بالعجز وتعوق التنمية المستدامة».
وفيما يخص الموازنة التي تخصصها الحكومة لإعادة الإعمار، لفت رئيس مجلس الأعمال السوري الأرميني إلى أن اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لدول غرب آسيا (إسكوا) التابعة للأمم المتحدة، قدرت الأضرار التي على الحكومة السورية المساهمة بها في إعادة الإعمار (40 بالمئة من إجمالي المبلغ) بنحو 90 مليار دولار لعام 2014 «بينما خصصت لها الحكومة في موازنة العام ذاته نحو 50 مليار ليرة (الدولار 190 ليرة وقتئذ) بما يعادل 260 مليون دولار تقريباً، وهو رقم يتناقص مع هبوط أسهم الليرة السورية أمام الدولار والذي لامس راهناً عتبة 310 ليرات للدولار الواحد».
وقال رئيس مجلس الأعمال السوري الأرميني إن متوسط التكلفة الشهرية لإعادة الإعمار دولياً، وفق معدلات أشهر العام 2014 بلغ 5.66 مليارات دولار للشهر الواحد «ما يعني أنه كلما طالت الأزمة طالت التعديات على البنى، فإن أرقام إعادة الإعمار ستصبح فلكية ليس بمقدور الحكومة السورية تحمل تبعاتها في ظل اشتراطات المانحين الدوليين».
ورأى أن ما يعيق عمل الحكومة فيما لو أرادت البدء بعملية إعادة الإعمار «هو عدم قدرتها على مسح وتوثيق الأضرار وحتى حصرها وتقديرها في الكثير من المناطق وفي ظل عدم القدرة على التنبؤ بالأضرار التي قد تلحق ببعض المناطق مستقبلاً، ولذلك تغدو مهام المؤتمرات والمعارض الخاصة بإعمار البلاد مجرد استشفاف للأحوال الراهنة».
وأشار إلى أن ما يشجع الشركات المحلية والخارجية على طرح خدماتها ومنتجاتها والهرولة لانتزاع حصصها من الاستثمار في مجالاته وقطاعاته المختلفة الصحية والبيئية والزراعية والتكنولوجية ومجال الطاقة وغيره «هو كون السوق السورية واعدة بالمواد الخام والطاقات البشرية والخبرات التي جرى تهجيرها لكن يمكن إعادة استقطابها باستتباب الأمن وبمغريات العملية».
وأشار إلى أن من شأن التسوية الشاملة أن تشجع الأطراف الخارجية على المشاركة في إعادة الإعمار وتحفزهم بالمغريات الضخمة مقارنة بعمليات إعمار أقل شأناً سال لها لعاب (كارتلات) اقتصادية دولية «بدليل أن ما يدور في كواليس دول الإقليم يرسم صورة أوضح لتهافت الشركات والدول على عملية إعادة الإعمار وصفقاتها، كما في لبنان حتى في صفوف الفريق المعارض للحكومة السورية».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن