ثقافة وفن

الجامع الأموي في دمشق حاضرة وثقافة

| منير كيال

حلّ بناء الجامع الأموي، محل معبد وثني قديم هو معبد جوبيتر الذي حوّل إلى كنيسة يوحنا المعمدان، بأواخر القرن الرابع للميلاد.
ولما فتح المسلمون مدينة دمشق، في عهد الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب. دخل أبو عبيدة بن الجراح. أمير الجيش مدينة دمشق من جهة الغرب سلماً، أي من دون حرب، ودخل خالد بن الوليد مدينة دمشق من جهة الشرق بحدّ السيف، أي حرباً وكان دخول كنيسة يوحنا المعمدان التي يشغلها الجامع الأموي الآن، على ذلك النحو فاتخذ المسلمون قسم الكنيسة الشرقي الذي دخله المسلمون حرباً، مسجداً يصلون به، وبقي القسم الشرقي من الكنيسة فلما كان عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك على جانب من الاهتمام بالعمران وله مآثر عديدة بهذا المجال بأنحاء الدولة الأموية كبناء المسجد النبوي في المدينة المنورة، وبناء المشافي لذوي الأمراض المستعصية، وتوسيع الكعبة المشرفة في مكة المكرمة.
لكن بناء الوليد للمسجد الأموي في مدينة دمشق كان أحد أعمال الوليد العمرانية. بما شمل عليه بناء هذا المسجد من عناصر عمرانية، لم تكن بعمارة المساجد من قبل، ومن ذلك المئذنة والمحراب والمنبر والمقصورة، وقبة الخزنة.
فلما رأى الوليد أن الجانب الشرقي من الكنيسة، الذي يتخذه المسلمون للصلاة، يضيق بالمصلين كتب الوليد إلى النصارى يسألهم، إن كان بالإمكان، إدخال ما بقي من الكنيسة في المسجد على أن يعطيهم مكاناً آخر في مدينة دمشق أين شاؤوا لبناء كنيسة لهم، أو يعطيهم ضعف ما يطلبون ثمناً لذلك؟
وهكذا هذا النصف الغربي الذي كان من الكنيسة. وشرع ببناء المسجد الأموي، استمر بناء هذا المسجد تسع سنوات أنفق الوليد لذلك البناء الأموال الطائلة فقال الناس: إن الوليد أنفق مال الدولة بنقش الخشب، وتزويق الحيطان. فلما بلغ الوليد ذلك، خطب بأهل دمشق قائلاً: تفخرون على الناس بأربع خصال، تفخرون بمائكم وهوائكم وفاكهتكم وحماماتكم، فأردت أن يكون مسجدكم الخامسة.
كان بناء المسجد الأموي من قسمين القسم الأول حرم المسجد، والقسم الثاني صحن المسجد.
بلغت أبعاد الحرم طولاً من الشرق إلى الغرب مئة وسبعة وخمسين متراً، ونحو مئة متر عرضاً.
وقد غطي الحرم بسقوف سنامية وجبالونات من الخشب، صفحت من الخارج بمعدن الرصاص. ويقطع الحرم رواق يمتد من الشمال إلى الجنوب، فيقسم الحرم إلى قسمين متساويين. وتقوم وسط الحرم قبة كبيرة ترتفع إلى ستة وثلاثين متراً، هي قبة النسر وهذه القبة محمولة على أربع عضائد ضخمة، وفوق هذه العضائد رقبة مثمنة مزودة بنوافذ ساعدت على إضاءة وتهوية الحرم، ونوافذ أخرى في الجدار الشمالي والجدار الجنوبي للحرم، وقد بلغ عدد هذه النوافذ أربعاً وأربعين نافذة في كل من الجدارين الشمالي والجنوبي.
كما زخرف المسجد بأنواع من الفصوص الذهبية المصقولة.
وقد كانت كسوة الجدران إلى ارتفاع قامتين بالرخام المجذع، ورصف ما تبقى من الجدران إلى السقف بالفسيفساء الملونة مع كتابات وصور للأشجار على غاية من الدقة. كما رصع محراب المسجد بالمجهورات وكان المسجد يضاء بتسع مئة وستين قنديلاً. تتدلى بسلاسل من الذهب والفضة على حين كان يضاء صحن المسجد بمئة وأربعة وثلاثين قنديلاً.
وقد وظف المعماري الدمشقي قدراته الفنية في القبب فضلاً عن قبة الخزنة التي في الجهة الغربية من صحن المسجد وقبة الساعات في الجهة الشرقية من صحن المسجد وللمسجد أربعة أبواب باب في الجهة الشرقية من المسجد يعرف باسم باب جيرون وباب في الجهة الغربية من المسجد هو باب البريد والباب الثالث هو بالجهة الشمالية من المسجد ويعرف باسم باب الفراديس أما الباب الرابع فهو في الجهة الجنوبية من المسجد ويعرف باسم باب الزيارة. كما أن للمسجد الأموي ثلاث مآذن مئذنة في الجهة الشمالية من صحن المسجد تعرف باسم مئذنة العروس، وهي ترتفع وسط الرواق الشمالي لصحن المسجد، وقد أنشئ القسم السفلي منها زمن الخليفة الوليد بن عبد الملك. وتقوم المئذنة الثانية في الجانب الجنوبي الغربي من حرم المسجد وقد جددت زمن قايتباي سنة (893 للهجرة تعرف بمئذنة قايتباي والمئذنة الثالثة في الجانب الجنوبي الشرقي من حرم المسجد، ويطلق عليها اسم مئذنة سيدنا عيسى.
وبالجهة الشرقية والغربية من صحن المسجد أروقة محمولة على عضائد وأعمدة تحمل قناطر ذات أقواس نصف دائرية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن