ثقافة وفن

ثنائي «صوت الشرق» يشعلان مساء دمشق في ثقافي دمر … سمر بلبل لـ«الوطن»: اعتبر نفسي سفيرة لبلدي أكثر مما أنا مغنية

| سارة سلامة- «ت: طارق السعدوني»

لم تتمالك عند صعودها المسرح دموعها وحنينها لوطن يمثل جذورها وتمثله هي كسفيرة لفن وصوت وطرب ثمين باق، فلم تكن لتغني حرفاً واحداً قبل النظر بشغف كبير لجمهور كادت ترمي له كل شوق غياباتها، فنظرتها كانت كفيلة بمعرفة ما يسكن بداخلها، ربما هذا هو العشق وهذا هو الوله والتعلق حتى بكل زاوية وبكل وجه حضر لتشكر بعينيها كل من أتى، ومع غياب الطرب الأصيل والتلوث السمعي الذي تشهده أيامنا تبقى سمر بلبل وزوجها الملحن الدكتور عصام شريفي شمعة مضيئة في شبه ظلام دامس وعتمة أبى أن ينيرها إلا قلائل، ليشعلا مساء دمشق بأغان جميلة تتماهى مع أيام زمن جميل مضى.
حيث أحيت فرقة ثنائي «صوت الشرق» الفنانة سمر بلبل وزوجها الملحن والدكتور عصام شريفي بالاشتراك مع أوركسترا ندى بقيادة المايسترو حسام الدين بريمو أمسية غنائية على خشبة مسرح ثقافة دمر، وقدم الثنائي باقة من الأغنيات والبداية كانت بأغنية للوطن، وقصيدة «إلا أهواك»، ومختارات كلثومية وموسيقا «تحميل عجم، و«ياشالها»، وقصيدة «كيف أصحو».

سفيرة لبلدي

وقبيل صعودها على المسرح قالت سمر بلبل في تصريح خاص لـ»الوطن» إن: «سعادتي في الوقوف على المسرح السوري لا توصف ولكنها لا تخلو من الخوف الذي يترافق مع بداية كل حفلة، وسنقدم مقطوعة من تلحين زوجي الدكتور عصام وهو لحن خاص بي إضافة إلى الكلثوميات أما البداية فستكون مع أغنية لسعاد محمد عن الوطن».
وعن قلة الجمهور الطربي بينت بلبل أن: « كل نوع له جمهوره ومن حق الناس الاستماع إلى أي نوع يروق لهم، ولكن المشكلة أننا لا نعطي فرصة للطرب الأصيل ولا يأخذ الحجم نفسه من الدعاية والتسويق».
أما عن شعورها وهي تقف على المسرح السوري فتقول بلبل إن: «غنائي في الخارج يحملني مسؤولية كبيرة لأظهر كم أن موسيقانا وغناءنا مهمان لأنهما كنوع ليسا مألوفين بالنسبة لهم، وأشعر أنني سفيرة لبلدي أكثر مما لو كنت مغنية، وفي سورية ليس لديّ المخاوف ذاتها وتكون المسؤولية من نوع آخر أي إن الاختلاف يكون فقط في المسؤولية، وفي بلدي الغناء له وقع خاص وأجمل من الغناء في أي مكان آخر واستمتع بقدر شعوري بالمسؤولية».

الموسيقا لم تقف يوماً

وبدوره قال الدكتور والملحن عصام شريفي إن: «هذه الحفلة هي الثانية التي نقدمها خلال أسبوع في مدينة حمص واليوم في دمشق والاختلاف بالبرنامجين بسيط، والعمل اليوم يكون اختمر مع الشباب العازفين الذين بذلوا قصارى جهدهم لأنهم ملتزمون بعدة نشاطات ثقافية أخرى ولكن حرفيتهم العالية تغلبت على عدد البروفات وكان واضحاً ذلك في حفلنا السابق، ولمسنا في قدومنا هذا العام إلى سورية ازدياد حجم النشاطات الثقافية وهذا دليل عافية».
وعن مشاعره قبل البدء في الحفل أوضح شريفي : «لا استطيع دائماً وصفها وذلك بسبب غيابنا عن البلد لفترات، وعندما نعود ونقوم بنشاط ثقافي نرى أن سورية تستحق أن تعيش بالثقافة، والمشاعر لا توصف في هذه الحالة لأننا نعاني الحرب الشعواء على بلدنا حتى في إقامتنا في فرنسا، وحقيقة قبل يوم واحد من قدومنا إلى سورية قال لي أحد الأصدقاء كيف تذهب إلى سورية وهي مدمرة فجاوبته لو كانت كذلك كيف أذهب واصطحب أغلى الناس معي وهما زوجتي وابنتي، سبب هذا التصور هو حجم الإعلام الغربي الذي يضخ السموم، وشيء مهم أن نعود ونحمل صوراً حية عن بلدنا حتى يساهم كل واحد منا بدوره ويروي الصورة الصحيحة عن سورية والأمسيات الثقافية والحفلات الفنية والمهرجانات ونقول للعالم كله إن الموسيقا لم تقف يوماً وبقيت جزءاً من الحرب والانتصار».

مستمرون في حفاظنا على الهوية

وعن التحضيرات أخبرنا المايسترو حسام الدين بريمو أن: «كل البروفات جرت بأسلوب سلس للغاية، وخاصة أن شريفي صاحب الموسيقا الجميلة هو شخص هادئ ويتعامل مع الموسيقيين وكأنهم أولاده جميعاً، أما وجودي فكان بين المطرقة والسندان أي بين صاحب الألحان والموسيقيين، والاثنان كانا في غاية الروعة».
وأضاف بريمو إن: «الموسيقا جميلة ولكنها عندما تكون جديدة نحتاج إلى وقت لنحبها والناس بشكل عام تفضل اللحن المطروق أما إذا كان جديداً فتمله، لذلك فإن الألحان الجديدة كانت مدروسة منذ البداية وعملنا على ألا تكون طويلة، واختار شريفي قطعاً صغيرة ذات اللحن الشرقي الأصيل وفي الوقت نفسه خفيفة على الأذن، وأشعرني رد فعل الجمهور في حمص أن اختياره موفق، حيث حملنا على الألحان التي تعرفها الناس قطعاً جديدة أحبوها بحيث تكون مسبوكة ومحبوكة بشكل صحيح».
وبالنسبة لترافق الحفل مع حفلة أخرى للمطرب الأردني أدهم النابلسي وغياب جمهور كبير لكونه لكونه هوى باتجاه الأغان السائدة وترك الطرب الأصيل بين بريمو أن: «الناس خرجت من حرب دامت 7 سنوات ولسان حالها يقول: (لا تسمعني شيئاً جيداً بل اسمعني شيئاً مسلياً)، وهذا يتطلب منا بعض الوقت من الصبر لا التوقف، وهذا ما جعلنا نأتي ونقدم اليوم نحن وعشرون موسيقياً والدكتور عصام هذا الطرب الصعب مع قلة الإقبال من الجمهور، وذلك دليل على أنه لا يزال هناك جمهور متمسك بحالة الأصالة، ويجب ألا تغيب عن ذهن الأمة وإلا فإننا سنصبح بلا هوية لذلك نحن مستمرون في حفاظنا على الهوية».
من الجدير بالذكر أن الفنانة سمر بلبل هي ابنة المسرحي السوري فرحان بلبل وبدأت مبكراً في الغناء بعد أن اكتشف والدها إمكانياتها الصوتية من خلال العمل معه في أعماله المسرحية للأطفال، ثم أخذت بعد ذلك تغني لأم كلثوم قبل أن تدرس الغناء الغربي الكلاسيكي في المعهد العالي للموسيقا بدمشق.
أما الدكتور عصام شريفي فهو طبيب جراح يعمل في فرنسا، وقد نشأ في بيت موسيقي هو منزل والده أحمد شريفي الذي يمتلك واحدة من أهم المكتبات الموسيقية في الوطن العربي، وقد بدأ الدكتور شريفي تعلم الكمان في التاسعة من عمره، قبل أن يتحول إلى آلة العود في عمر السادسة عشرة، وبعد لقائه سمر بلبل شكلا معاً فرقة موسيقا الشرق في حمص، قبل أن يتحولا إلى ثنائي صوت الشرق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن