رياضة

المنتخب الأولمبي أضاع فرصة العمر في إندونيسيا … المستوى والأداء كشفا ضرورة مراجعة شاملة لكرتنا

| ناصر النجار

فشل المنتخب الأولمبي بتجاوز دور الثمانية من بطولة الأسياد بعد أن خسر آخر الوقتين الإضافيين بهدف أمام فيتنام من خطأ دفاعي ساذج ارتكبه حارس المرمى.
والفرصة التي منحتنا إياها القرعة كانت كفيلة بوصولنا إلى نصف النهائي وبالتالي اللعب على إحدى ميداليات البطولة الثلاث، لكن منتخبنا أضاع الفرصة بأخطاء كان من الممكن أن يتلافاها.
والحظ وضعنا لنلعب في الدور الأول مباريات سهلة مع الإمارات وتيمور الشرقية ومن ثم مع فلسطين في دور الـ16، حتى مباراتنا مع الصين خسرناها لأخطاء دفاعية، وهنا العلة التي عانى منها فريقنا في هذه البطولة، فكان الانسجام غائباً بين خط الدفاع وبين خط الدفاع وخط الوسط، كما لاحظنا للمرة الأولى أخطاء غير متوقعة من حارسي المرمى لم يرتكباها في الدوري المحلي، والمشكلة أننا تلقينا ستة أهداف في خمس مباريات كلها من أخطاء يمكن وصفها بالأخطاء التافهة.
لا نريد الاصطياد في الماء العكر، إلا أننا نقول تشكيلة المنتخب الرئيسية هي من فريق الجيش بدءاً من الحارس أحمد مدنية وخط الدفاع المكون من شعيب والحموي وفارس أرناؤوط والوسط أحمد الأشقر ومحمد عنيز والمهاجم عبد الرحمن بركات، فهل وراء الأكمة ما وراءها؟
وهل تعب الموسم والمشاركة في بطولة الأندية العربية ساهمت بتواضع أداء اللاعبين وانحدار مستواهم ووقوعهم في أخطاء لم يرتكبوها في الموسم الكروي؟
بكل الأحوال نحن لا نستطيع لوم المدرب مهند الفقير ولا يمكننا تحميله المسؤولية كاملة عن سبب الخروج من هذه البطولة في دور الثمانية، وإن كنا نختلف معه على بعض اللاعبين وتغيب البعض الآخر، رغم أنه أشرك الجميع في المباريات التي لعبها.
ونسأل: ما ذنبه في سيل الفرص التي أضاعها البحر في المباريات؟ وما ذنبه في أخطاء الحراس التي لم يتوقع أشد المتشائمين بحراس المنتخب أن يرتكبوها؟

صورة حقيقية
نتائجنا في الأسياد عكستا صورة كرتنا الحقيقية بعيداً عن المنتخب الأول الذي يضم في صفوفه لاعبين محترفين من أندية عربية شتى، وهذا الأمر يدفعنا إلى التساؤل عن حقيقة الدوري المحلي وما يضم من لاعبين، أيضاً يمكن أن نتساءل عن حقيقة الوضع الفني في الأندية وما مهمة المدربين فيها، هل مهمتهم التطوير وصناعة كرة قدم حقيقية، أم مهمتهم حصد النتائج والمنافسة أو الابتعاد عن الهبوط؟
وفضلاً عن ذلك فإن أنديتنا أولاً ومنتخباتنا ثانياً تدفع ضريبة إهمالها للقواعد، والإهمال هذا ليس بسبب الأزمة، بل هو إهمال متعمد منذ سنوات، وربما الأزمة ساهمت في بعض جوانبه.
أولاً: صيغة التدريب في الأندية ليست سليمة، لأن الأندية تعتمد على اللاعب الجاهز، والمطلوب من المدرب أن يحقق نتائج لا أن يصنع فريقاً، لذلك نرى أندية الاتحاد والكرامة والوحدة (على سبيل المثال) تستعين بلاعب من هنا ولاعب من هناك لتقوية مراكزها أو لإسناد خطوط الفريق، وهي التي كانت لا تقبل بأي لاعب من خارج النادي نظراً لوفرة اللاعبين ولكثرة المواهب.
البحث عن البطولات مسبقة الصنع وضعت فرق القواعد في خبر كان، والمؤسف أن هذه الفرق ومن في حكمها كانت تبذخ بالصرف على رجالها وتقدم لهم لبن العصفور، بينما تبخل على فرق القواعد بـ(زجاجة ماء)!
ثانياً: التعاقد مع اللاعبين يتم لموسم أو لموسمين، أي إن النادي سيغير جلدته بالكامل كل موسم، وهذا يعني أنه يبدأ من الصفر كل موسم، ومن جاد عليه الزمن بلاعبين متميزين يدفع من أجلهم العير والنفير جاءت نتائجه متميزة إذا كان الوحدة قد حصد من ملايينه التي دفعها على عقود عدداً من البطولات، فنسأل ماذا جنى الاتحاد وتشرين وغيرهما من الأندية التي صرفت مال قارون دون جدوى؟
ثالثاً: المدربون ليسوا أكثر من موظفين في الأندية، فالمدرب مع أي ناد يضع حقيبته خلف الباب لأن استقالته موقع عليها سلفاً وهي مرتبطة بمزاجية الإدارة وأداء اللاعبين، لذلك مدربونا يفعلون ما بوسعهم لتحقيق نتائج آنية، ولا يسعون لتطوير فرقهم لأن الوقت ليس فيه متسع لذلك.
رابعاً: من يحكم كرة القدم في الأندية فليس بالضرورة أن يكون متمكناً أو عالماً بكرة القدم، الحب لا يصنع كرة قدم، وحبنا لها ولنادينا لا يعني أننا سنسير بالكرة نحو الطريق الصحيح، لذلك أخطأ العديد من الأندية بوضع الرجل غير المناسب في قيادة الكرة، إضافة لذلك وهي الطامة الكبرى أن الكثير ممن هم في منصب مدير الفريق تدخلوا في الشؤون الفنية فأفسدوا الفريق وبعثروا جهود المدربين.

حلول قادمة
مشاركة أنديتنا في البطولات الآسيوية والعربية وكذلك منتخباتنا القاعدية كشفت عن مستوى كرتنا الحقيقي الذي وقف عند حدود معينة، ونحن نشد على أيدي اتحاد كرة القدم الذي يحاول أن يرتقي بالعمل الإداري والتنظيمي والفني قدر المستطاع وهو يبذل الكثير في هذا الشأن، لكن هذا لا يكفي، لأن يداً واحدة لا تصفق.
فالمعروف أن بناء كرة القدم مسؤول عنه الأندية بكل درجاتها، وعلى الأندية أن تعترف بذلك شكلاً ومضموناً وأتمنى لو أن أنديتنا تقتنع ببناء كرة سليمة من مواهب فرقها وتبتعد عن التعاقد مع لاعبين هم في حكم المعتزلين بأسعار خيالية، وأتمنى لو أن اتحادنا سعى لتعزيز كوادرنا الفنية وتنمية مواهبها وصقل معلوماتها بالمزيد من الدورات، وربما فترات التعايش هي الحل الأفضل لمدربينا الشباب والموهوبين، فنحن نفتقر إلى الكوادر الفنية وقاعدتنا الكروية فقيرة بالمدربين كماً ونوعاً والأهم أن نضع الرجل المناسب بالمكان المناسب في الأندية وأن ننبذ الخلافات المصطنعة من أجل مكاسب شخصية تعود بالضرر على كرة الأندية أولاً وعلى الكرة الوطنية عموماً.
كرتنا بحاجة إلى زلزال، والزلزال هو قرار رسمي يصدره اتحاد كرة القدم بمنع اللاعبين الذين تجاوزوا الثلاثين من اللعب مع أندية الدرجة الممتازة، لنرى وجوهاً جديدة تدخل الدوري، ولنرى دماء جديدة تضخ في شريان كرتنا التي هرمت.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن