شؤون محلية

سلم الرواتب والأجور

| نبيل الملاح

كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن زيادة مرتقبة للرواتب والأجور، وتسربت بعض الأخبار عن شكل هذه الزيادة ونسبها التي ستكون متناقضة للشرائح الأعلى ومتزايدة للشرائح الأدنى وأقل للمتقاعدين.
وفي ضوء ذلك لابد من التذكير بالتجارب التي مرت خلال العقود الماضية، حيث تم تطبيق هذه السياسة في سبعينيات القرن الماضي، وأدت إلى خلق خلل في التوازن بالرواتب والأجور بين الفئات العليا والمتوسطة والدنيا، ولو استمرت هذه السياسة لأصبح سلم الرواتب والأجور لا معنى له.
وهذا ما أدى إلى إعادة النظر بهذه السياسة، واعتماد نسبة واحدة لزيادة الرواتب والأجور لجميع العاملين في الدولة والمتقاعدين في كل الزيادات التي منحت خلال العقدين أو الثلاثة الماضية.
بداية أقول للمعنيين: عليكم الاستفادة من تجارب الماضي والأخذ بما هو ناجح فيها، وعدم تكرار تجارب ثبت عدم صحتها. فالوضع المالي لا يسمح بمزيد من التجارب الفاشلة، ويتطلب العناية والتأني باتخاذ القرار، وخاصة في المسائل المتعلقة بحياة الناس ومعيشتهم.
علينا أن نعود إلى الحيثيات التي تم على أساسها تحديد أجر معين لكل فئة من الفئات وفقاً للمؤهلات والشهادات والوظائف والمهن، وهي الحيثيات المعتمدة في جميع دول العالم.
إن القواعد الناظمة للإدارة الحديثة تقضي باعتماد سلم للرواتب والأجور يتناسب مع مؤهلات العامل وخبراته ويتوافق مع التراتبية المحددة في الهيكل الإداري والتنظيمي للجهة العامة. فلكل عامل الأجر الذي يستحقه وفقاً لمؤهلاته وشهادته وخبرته، وليس وفقاً لحاجته وتكاليف معيشته، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أن يكون الحد الأدنى للرواتب والأجور مناسباً ويغطي الحد الأدنى لتكاليف المعيشة.
أقول هذا وأنا مدرك أن إمكانات الدولة حالياً لا تسمح بتحقيق هذه المعادلة؛ لكن على الحكومة أن تسعى دائماً وأبداً إلى تضييق الهوة الكبيرة بين دخل العامل وأعباء معيشته، وذلك بكل السبل والوسائل، والعمل الجاد في الحفاظ على المال العام وتنمية موارد الدولة وإيقاف الهدر الحاصل في مختلف القطاعات.
لابد من تحسين الأوضاع المعيشية لجميع المواطنين عموماً وللعاملين في الدولة على وجه الخصوص، وبشكل تدريجي ومتصاعد وفق رؤية إستراتيجية شاملة، وذلك لتهيئة المناخ المناسب لمحاربة الفساد والقضاء عليه.
إن سورية غنية بشعبها وثرواتها ومواردها، وتحتاج إلى إدارة حكومية كفؤة ومخلصة وفاعلة تضع مصلحة المواطن والوطن فوق أي اعتبار آخر، وتعمل على محاسبة الفارين والمفسدين والمقصرين والمهملين بجد وشفافية، وتعيد الأموال المنهوبة والمسروقة إلى خزينة الدولة، ولا تكتفي بأحكام قضائية لا يتم من خلالها استرداد المبالغ المحكوم بها، ويكتفى بحبس المحكوم بها لمدة سنة؛ ليخرج بعدها ويتمتع بهذه الأموال المنهوبة!
لابد من إصدار قانون الإثراء غير المشروع الذي أعتقد جازماً أنه سيعيد إلى خزينة الدولة مبالغ ضخمة جداً، ويعيد إلى الشعب حقوقه، ويؤمن الموارد اللازمة لزيادة الرواتب والأجور؛ وبدلاً من اللجوء إلى زيادتها بنسب متفاوتة ثبت عدم صحتها وأنها تؤدي إلى خلل في سلم الرواتب والأجور.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن