قضايا وآراء

الزبداني ترسم معادلات جديدة

باسمة حامد : 

التهويل والتضليل اللذان يمارسهما الإعلام المعادي بخصوص سير المعارك في الزبداني يكشف حقيقة استخدامهما كورقة للضغط السياسي من الجهات الإقليمية الراعية للإرهاب في هذا التوقيت الذي يشهد ترتيبات دولية باتجاه التسوية السياسية في سورية.
لكن بعيداً عن كل ما أثير ويثار من تحليلات حول الأوضاع فيها، ثمة العديد من المؤشرات التي تؤكد وجود حجم كبير من التعويل الإقليمي على مدينة الزبداني باعتبارها بوابة سورية على القلمون والقنيطرة وحمص ولبنان، ونافذتها على فلسطين والأردن.
ولذلك، يجب النظر إلى الحسم العسكري فيها انطلاقاً من عدة زوايا كإنجاز ميداني مهم له تداعيات وانعكاسات بارزة، فهذا الإنجاز -حال استكماله- من شأنه أن يساهم في تثبيت العوامل التالية:
1- رفع منسوب الأمان للعاصمة إذ لا تبعد عنها سوى 45 كم، وتأمين طريق دمشق – بيروت الدولي.
2- تغيير المعادلات الميدانية لمصلحة الجيش العربي السوري الذي يستكمل عمليات التطهير وتضييق الخناق على المجموعات الإرهابية في ريف دمشق وتسريع انهيارها بالاستسلام أو الفرار أو القضاء عليها، فقد بات من الصعب على ما يسمى «أحرار الشام وجيش الإسلام وجبهة النصرة» وغيرها التسلل أو المناورة أو التحرك بحرية في قرى وبلدات وادي بردى كما كان الحال سابقاً (العديد من المسلحين قاموا بتسليم أنفسهم للجيش والمقاومة على خلفية الوصول إلى هذه القناعة). وبذلك، ربما تصبح إمكانية الحسم قريباً في بؤر التوتر (كمضايا ودوما والغوطة وداريا وبلدات القلمون الشرقي وغيرها) احتمالاً وارداً أكثر من أي وقت مضى، وعلى هذا الأساس ولأن مسلحي تلك المناطق أصبحوا يفتقدون التنسيق مع غرف العمليات الرئيسية بالزبداني، ربما ستشهد تلك المناطق وغيرها تسويات ومصالحات واتفاقيات للعودة إلى سلطة الدولة وتجنب ويلات الدمار والحرب والتخلص من سيطرة الإرهاب.
3- تطويق «داعش» والمجموعات المسلحة الأخرى في البادية والقلمون الشرقي وريف حمص وإحكام محاصرته باعتبار الزبداني نقطة الدعم اللوجستي والعسكري الأساسية للمسلحين وحلقة الوصل الإستراتيجية التي يتنقل عبرها هؤلاء من القنيطرة إلى مناطق القلمون وبالعكس، (الجيش العربي السوري عزز خطوط دفاعه قبل أيام في القلمون الشرقي لمنع تمدد «داعش» مستفيداً من حالة القتال القائمة بين التنظيمات الإرهابية المسلحة في المنطقة).
4- الحد من استخدام الفصائل المسلحة المدعومة من النظام التركي والمتمركزة في نبع الفيجة لسلاح المياه و«تعطيش» العاصمة.
5- نسف محاولات الكيان الصهيوني لإقامة جدار عازل في الجنوب السوري (والغارات «الإسرائيلية» على المدينة تأتي في إطار تلك المحاولات)، وتأمين خطوط إمداد حزب اللـه وإقفال معابر الإمداد والتهريب مع القرى الحدودية، والمساعدة على استقرار لبنان عبر منع التهديدات الإرهابية من الوصول إلى أراضيه.
وفي ضوء هذه الحقائق، لم يكن غريباً أن تنتقد المجموعات المسلحة بعضها بعضاً على خلفية ما جرى بعد إخفاق جهود المصالحة بمدينة تشكل أهم معاقلها ومخازنها، وليس غريباً أيضاً أن يطلق الإرهابي السعودي (عبد المحيسني) نداءات استغاثة «لنصرة» الزبداني «تظاهرات مليونية» و«مليون دولار لقلب المعادلة في القلمون»، أو أن يوجه الإعلام الدائر في فلك الأنظمة «النفطية» – دعوات هستيرية عاجلة «لجامعتهم العربية» لعقد اجتماع «طارئ» لإنقاذ مدينة سورية تتعرض – وفق زعمه- لعمليات «تطهير عرقي»، وأن تحاول أبواقه الفاشلة «تبييض» الصفحة السوداء لأردوغان لإثبات أنه «ليس زعيماً طائفياً وأن خلافه مع النظام السوري هو خلاف سياسي ولا علاقة له بتاتاً بمشروع الشرق الأوسط الكبير».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن