ثقافة وفن

الجمهور السوري مثقف ومتطلب دائماً للأفضل … محمود الحداد لـ«الوطن»: نفتقد للمفهوم التسويقي للأغنية السورية وغياب الإنتاج يعزز ذلك

| سوسن صيداوي

الخامة الصوتية، والأداء المتقن، والثقافة الموسيقية تمكّن المغني من اختيار قوالب غنائية مناسبة له وللمتلقي على حدّ سواء. ما ذكرناه هي مفاتيح يملكها شبابنا السوري المعتد بنفسه وبفنه والرافض لأي استسهال مهما بلغت الإغراءات، وأصبح الأمر عاديا ومألوفا لأننا نفتقر لشركات إنتاج لديها خطط تسويقية تسعى لخلق نجم سوري تنطلق نجوميته من حدود الوطن لا الخارج. اليوم يستعد الفنان السوري الشاب محمود الحداد لتقديم حفله الثاني على خشبة مسرح الدراما في دار الأوبرا، وسط حماس وترّقب لكل من يحب أن يستمتع بالأغنية الطربية والأغنية التراثية السورية، وللحديث أكثر عن الحفل وما سيتضمنه البرنامج الفني، إضافة إلى الوقوف عند بعض النقاط، نزودكم بها من خلال لقائنا السريع أثناء البروفات مع المغني، وإليكم الحوار.

بداية حدثنا عن التحضيرات لحفل يوم الثلاثاء… وعن البرنامج الفني الذي سيتم تقديمه؟
حفل يوم الثلاثاء هو حفلي الثاني لهذا العام على خشبة مسرح الدراما وبرعاية دار الأوبرا السورية، وبالطبع مع الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو نزيه أسعد. بصراحة أشعر بالمسؤولية الكبيرة، فالجمهور السوري مثقف ومتطلب دائماً للأفضل وهو متنوع الثقافات، وأنا فيما أقدمه أسعى جاهدا إلى تحقيق مستوى فني يرضي الجمهور الذي يقوم بمساندتي بشكل دائم. أما بالنسبة لبرنامج الحفل فهو متنوع كي نرضى كل الأذواق، فالأغاني المختارة متنوعة بين الكلاسيكي والعاطفي والطربي والحديث، ومما سنقدمه: الموشحات والقدود سورية القديمة، وموشح للسيدة فيروز، يا عاشقة الورد لزكي ناصيف، سيرة الحب للسيدة أم كلثوم، يا صلاة الزين. كما أضيف إلى أن نجاح ما يضمه البرنامج يعود إلى بذل الجهود والتعاون أيضاً مع خيرة الموسيقيين الأساتذة.

هل مازالت رهبة مسرح الأوبرا هي ذاتها لك؟… وعندما تغمض عينيك وتغني على أي خشبة مسرح في العالم تحلم أن تقف مستقبلا؟
يمكنني إجابتك عن هذا السؤال بما يعنيه المثل الشعبي التالي:(اللي ما بخاف المسرح ما بيخاف الله). إذا برأيي من لا يشعر برهبة تجاه المسرح فهو فنان لا يتمتع بالمسؤولية الكافية. أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال… في الحقيقة أثناء غنائي وإغماض عيوني، يكون جلّ تفكيري التركيز على المقام والكلام، لإصدار الإحساس اللازم والمناسب للعمل الغنائي. هذا وحلمي بأن أقف على جميع مسارح العالم الملتزمة، التي تحترم الموسيقا والموسيقيين.

النوعية الموسيقية التي تربيت عليها.. أدرجتك في مكان لا يمكن لك أن تشذّ عنه مهما بلغ الأمر من إغراءات ممكنة… ما تعقيبك؟
بالفعل… إن النوعية الموسيقية التي تربيت عليها دائماً ما ترافقني سواء في طريقة استماعي أو أدائي، وحتى في أحلامي أثناء النوم. وبالمقابل مثلي مثل الكثيرين من الفنانين، ويحدث أن أتعرض لإغراءات كثيرة، كركوب موجة الحداثة وأن يكون الفنان مشابهاً للكثيرين من خلال الموسيقا الحديثة والتي من الممكن أن تكون هابطة، ومن الإغراءات أيضاً السعي لتحسين الوضع المادي، وأن يتمكن الفنان من العيش في مستوى لائق وممتاز. وبالطبع ما ذكرته بعض مما يغري الكثير من المغنين السوريين الذين رفضوا، ومن بينهم أنا، لأنني أفضل أن أكون مغنيا ملتزما أقف على مسرح ثقافي، وفي النهاية الرأي بهذا الموضوع شخصي ولكل فنان اختياراته وتوجهاته في الحياة فيما يناسبه من إغراءات خلال مسيرته الفنية.
أنت من فئة الفنانين المعنيين حقا بشأن التراث السوري والموشحات والقدود والأغنية الطربية بشكل عام.. ولكن مع العصرنة والحداثة وسرعة الايقاع كيف ستحافظ على هذا الاهتمام أو تجذب الجيل الشاب قدر المستطاع؟
صحيح أنني من فئة الفنانين المعنيين والمناديين بالحفاظ على التراث، لكن بالمقابل ليس لديّ أي مانع بغناء أغنية حديثة وعصرية ذات قيمة فنية- والبحث جار بهذا الخصوص- وخير مثال على ذلك السيدة أم كلثوم التي ما زال الكثير من النجوم والفنانين يؤدون أغانيها بطريقة تناسب الشباب والإيقاع السريع، وأيضاً لا يمكننا أن نتجاهل بأن السيدة وردة الجزائرية قامت بأداء الأغاني الحديثة، وبالمقابل حافظت على رقي مستواها الفني.

أخيراً برأيك… لماذا الأصوات السورية مظلومة.. هل يمكننا أن نوجه العتب واللوم على الشاعر السوري أم الملحن.. أو لافتقارنا لشركات إنتاج؟
سورية ملأى بالأصوات الجميلة، والتي نشأت وتمرنت في جو صحيح وضمن معايير وأصالة فن الزمن الجميل، ولكن لا شركات إنتاج تقوم برعاية كل من المغني والشاعر والملحن والموزع الموسيقي أيضاً. عدا ذلك نفتقد للمفهوم التسويقي الصحيح للأغنية السورية بدءا من صفحاتنا على الميديا والعالم الافتراضي إلى شاشات التلفاز وإذاعات الراديو. إذاً التسويق هو أول خطوة في طريق النجاح وغياب شركات الإنتاج يعني غياب الفكر التسويقي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن