رياضة

لهذه الأسباب تراجعت رياضتنا في إندونيسيا … الحلول قائمة ونحن قادرون على تجاوز ما حدث

| ناصر النجار

تعليقاً على نتائجنا في دورة الأسياد التي اختتمت في إندونيسيا هذا الأسبوع، نقول: النتائج غير مرضية، والنتائج لا تقاس بالميداليات في بعض الأحيان، إنما تقاس بالنتائج المحققة والتنافس الندي المطلوب.
الحقيقة التي لا ينفيها أحد، أننا أصبنا بخيبة أمل كبيرة من لاعبينا الذين كانوا على هامش هذه البطولة فاحتلوا المراكز المتأخرة، وخسروا بعلامة الصفر في الكثير من المواجهات في ألعاب القوة.
ولا ندري هنا من يتحمل المسؤولية؟ اللاعب أم المدرب أم اتحاد اللعبة؟
قبل أن ندخل في الحقيقة الأخرى، نلفت النظر إلى هذه الاتحادات وهؤلاء اللاعبين الذين يحققون النتائج والبطولات في الدورات الدولية التي يشاركون بها استعداداً لمثل هذه البطولات الرسمية المعتمدة دولياً، فنجد أن اتحادات الألعاب تطبل وتزمر لميداليات وبطولات ما أنزل الله بها من سلطان، فهل هذه البطولات على مستوى جيد، أم إن الكذب والخديعة كانا حال اللاعبين ومن يرافقهم في هذه البطولات، بمعنى أنهم توجوا أنفسهم ولم تتوجهم هذه البطولة؟ وعدوى الإخفاق انتقلت إلى أبرز لاعبينا مجد الدين غزال الذي أخفق في تسجيل رقمه الشخصي، ولو تمكن من ذلك لنال الذهب بدل أن يتفوق على مجموعة من اللاعبين بفارق المحاولات فينال البرونز, وهذه الحقيقة تضعنا في موقعنا الصحيح على الخريطة الرياضية الآسيوية لندرك أن هناك خللاً، والمفترض أن نتعرف على مواقع الخلل وأن نبدأ العلاج من الآن، حتى نتدارك ما وصلنا إليه من خطر يهدد رياضتنا ليس على الصعيد الخارجي فقط، وإنما على الصعيد المحلي أيضاً.

الحقيقة الثانية
يجب أن ندرك أن رياضتنا ما زالت هاوية وأن الإمكانيات المتاحة ما زالت ضيقة، والأموال التي يملكها الاتحاد الرياضي العام غير قادرة على تغيير مسار الرياضي أو تطوير الألعاب الرياضية بإحداث نقلة نوعية.
ونحن هنا لا نريد الدفاع من أجل الدفاع أو النقد حباً بالنقد إنما نريد أن نتعامل مع مشاركتنا الإندونيسية بمنتهى الموضوعية.
في مصر على سبيل المثال تم تأسيس ناد جديد باسم الأهرام، النادي ميزانيته تفوق ميزانية الاتحاد الرياضي العام، فقط هذا الكلام يخص كرة القدم بناد، وليست ميزانية لثلاث وثلاثين لعبة فضلاً عن جرعات دعم للكثير من الأندية التي توشك على السقوط، وبمعنى آخر، فإن ميزانية الاتحاد الرياضي العام مبعثرة بين اتحاد وناد ومنشآت وإنشاءات وصيانة ورواتب وغير ذلك كثير.

الخروج عن المألوف
الحلول تكمن بالخروج عن المألوف، وهي تبدأ أولاً بتغيير القوانين المالية للاتحاد الرياضي العام، وكذلك بعض القوانين ذات الصلة، لتمنح الرياضة حرية الحركة والتغيير والتطوير.
وعلى سبيل المثال كيف لحكم أن يتطور وأجرة المباراة خمسة آلاف ليرة، وكيف لمدرب أن يطوِّر وراتبه في الشهر الكامل عشرة آلاف ليرة تصل إلى تسعة بعد اقتطاع الضريبة.
وهذا يجب أن يترافق بزيادة ميزانية الاتحاد الرياضي العام أضعافاً مضاعفة، قد يكون أحد الحلول إقرار الطابع الرياضي، ويبقى هذا الأمر إن تم تنفيذه جزءاً من الحل وليس الحل كله.
الاتجاه نحو الاستثمار والرعاية للألعاب الرياضية لدعم قطاع القواعد وبنائها وفق أحد الأساليب الحديثة، فاتحاداتنا يجب أن تبحث عن الشركات الراعية التي ترعى مواهبها ومنتخباتنا وفق طريقة عمل تمنح المستثمر والراعي إعلاناً متميزاً يستطيع من خلاله ترويج بضائعه.
اتحاد الكاراتيه بدأ تنشيط اللعبة عبر الرسوم التي يفرضها على المشاركين من أجل تطوير بطولاته، لكن هذا لا يكفي لأنه عبارة عن (بريستيج) يضفي على البطولات المقامة حضارة ونضارة ويقدم الدعم للكوادر القائمة على البطولات، وهي خطوة جيدة، لكنها لا تصب في عملية التطوير المطلوبة.

الأندية
ضمن النهج الحالي لا يمكن للكثير من الألعاب أن تتطور بعد أن سيطرت كرة القدم على كل موارد النادي وعقله وتفكيره واهتمامه ولأن الأندية هي المسؤولة عن رعاية الألعاب وتطورها، فهناك حلول تطويرية لرعاية الألعاب، أولها: وضع هذه الألعاب في الاستثمار، وهذا ينطبق على ألعاب القوة وبعض الألعاب الفردية مثل البلياردو والسنوكر والشطرنج، والمثال هنا: البلياردو: كل الأندية تستثمر لعبة البلياردو وهذا أمر جيد، لكن العوائد المالية لا تعود على اللعبة، ولو خصصنا عوائدها لتطوير اللعبة لوصلنا إلى غايتنا والكلام نفسه ينسحب على ألعاب القوة.
الاتجاه إلى الأندية التخصصية وهذا ينسجم تماماً مع الأندية الريفية التي خرَّجت لنا العديد من الأبطال، كنادي سلحب مع رفع الاثقال، والدريكيش وصلخد والسلمية، ومحردة وصقيلبية والسودا وغيرها كثير، هناك الكثير من الأندية اشتهرت بألعاب الطائرة واليد وألعاب القوة، وهذه الأندية يجب أن تلقى دعماً خاصاً على اعتبارها مصنعاً للأبطال.

الكوادر الفنية
كل الكلام الذي تحدثنا عنه سابقاً لا يمكن أن يعطي ثماره إن لم يكن لدينا الكوادر الفنية المؤهلة للتدريب، وللأسف فإن سنوات الأزمة أرخت بظلالها على المستوى التدريبي بشكل كبير، واتحادات الألعاب غفلت عن تطوير مدربيها في هذه الأزمة محلياً على الأقل، وغابت الدورات الخارجية، وهناك حلان لا ثالث لهما، أولهما: استدعاء مدربين أجانب من النخب الممتاز لرفع مستوى العملية التدريبية من خلال إقامة دورات لمدربينا والعناية بالمنتخبات الوطنية، وثانيهما: إرسال كوكبة من المدربين المتميزين بشكل مستمر إلى الخارج لاتباع دورات نموذجية.

أخيراً
علينا ألا نغفل الأزمة وتداعياتها وما تسببت من هجرة لخيرة الشباب والكوادر، وما تسببت أيضاً من إحباط، وإهمال وتسيّب، وهذا جزء من أسباب التدهور والتراجع، وعلينا اليوم أن ننفض عن كاهلنا كل هذه الأسباب، لنبدأ رحلة العودة إلى موقعنا الرياضي الذي نستحقه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن