رياضة

في دورة الألعاب الآسيوية رياضتنا الأبية حصيلتها برونزية

| مهند الحسني

وجد القائمون على رياضتنا السورية وولاة أمرها طوق نجاة دائم يصلح للاستخدام لأكثر من مرة، وفي أكثر من مكان لتسويغ فشلهم الذريع في إدارة دفة الرياضة السورية، ورحم اللـه أيام كان جل هم المكتب التنفيذي للاتحاد الرياضي العام هو تحسين نتائج البعثات الرياضية السورية مقارنة مع مشاركتها السابقة، لأنها كانت جواز العبور الوحيد لاستمرار المكتب التنفيذي، وعندما كانت غلة الميداليات تنقص برونزية واحدة عن المشاركة السابقة، تنصب المحاكم للاتحادات المتراجعة، وغالباً ينتهي السيناريو بحل كلي أو جزئي للاتحاد، أما اليوم فلا حرج لدى ولاة أمر الرياضة السورية من أن يذهبوا إلى إندونيسيا ويعودوا مكللين ببطاقات الورود الصناعية، وشهادات المشاركة الآسيوية، ولا مانع من ألبوم صور تذكارية في الصروح الرياضية، والنصب الحضارية، ومن يشكك في تقدم الإنجازات الرياضية، فبإمكانه مشاهدة أحدث وضعيات التصوير المعتمدة في مواقع التواصل الاجتماعي، وتحقيق أعلى معايير الموضة في النظارات الشمسية، والبدلات الرسمية، والمركز المتقدم للبعثة على مستوى آسيا والعالم في إنجازين حضاريين، عدد ساعات الطيران للوصول إلى موقع المشاركة، وعدد أيام الانتظار والاستجمام لقيادة البعثة في طريق العودة، حيث تسقط حسابات دريهمات المشاركات، ونوع التجهيزات، وتعويضات أذونات السفر، ونوعية الوجبات المخصصة لهذا اللاعب، أو ذاك ما دامت الليرات تنفق على فنادق، وساعات انتظار صناع القرار، والإنجاز الرياضي.

اعوجاج المعايير
أجمع الكثير من الفنيين بأن معيار الانتقاء للمشاركة لم يكن للأفضل أو للاعبي المستقبل، إلا في حالات قليلة، أما باقي أفراد البعثة فمنهم من تم اختياره إكراما لاتحاده، وضماناً لسفر أعضائه، وإلا فما تفسير خسارة لاعب بالتثبيت بعد خمسين ثانية من بداية المنافسة، أو إخفاق لاعب آخر في تحقيق أرقامه الشخصية البعيدة بواقع عشر سنوات تدريب عن الأرقام الآسيوية، وهناك لاعبون ولاعبات آخرون تم اختيارهم لقربهم وتبنيهم من مركز صنع القرار الرياضي.
سؤال آخر كبير حملته البطولة عن جدوى صرف راتب شهري خيالي بالدولار لأحد الرياضيين المغتربين منذ فترة طويلة، علماً أن هذا الرياضي أخفق في التأهل لنهائيات السباق في بعض المشاركات، وأرقامه إن لم تشهد تراجعاً، فإنها لم تتحسن بأقل تقدير، علماً أن المبلغ المرصود لتحضيره كفيل بتحضير جيل كامل من الرياضيين الناشئين القادرين على رسم بسمة أمل حقيقية للرياضة السورية، كما استغربنا غياب رياضيي السجادات الحمراء والفلاشات وابتسامات هوليود والمهرجانات الودية والمنافسات الحبّية، والسباقات الخيرية عن المنافسات الآسيوية بعد أن تم تسويقهم على مدار سنوات بأنهم أمل الرياضة السورية ومستقبلها المشرق، وقد دخلوا سن الاعتزال، وما زلنا بانتظار ميدالية واحدة منهم في بطولة رسمية، ولكن يبدو أن الإنجازات الوهمية، والتنافسات المسبقة الصنع التي ينافس فيها الرياضي نفسه، أو من هو أضعف منه قد غدت نهجاً وإرثاً لدى بعض مفاصل العمل الرياضي، بقصد تسويق أنفسهم على أنهم جهابذة الرياضة ومفكروها ومبدعوها، علما أن جل إنجازاتهم هي مكاسب شخصية، ومنافع للأقارب والأصدقاء والمعارف، ولتذهب الإنجازات الحقيقية أدراج الريح ما دامت المحاسبة رافقت الإنجازات في خبر كان.

حجج واهية
من يزعم بأن ظرفنا الراهن هو سبب تردي النتائج في هذه المشاركة، فليذكر فقط بأن أفغانستان تقدمتنا على لائحة الترتيب النهائي للمشاركة، وبأن دولاً بلا تاريخ، أو إمكانيات اقتنصت ذهبية من هنا أو هناك، وبأن الأزمة الرياضية ليست وليدة الإمكانات ولا الظروف، لأن هذه العوامل ما كانت لتعطل الإنجاز لو توافر في قيادتنا الرياضية من يملك الإرادة والوقت، والنية للخروج بالرياضة السورية من نفقها المظلم بدل التفرغ للاستثمارات وحفلات العشاء والتخطيط للإطاحة بهذا الاتحاد أو ذاك، أو تحويل الرياضة السورية ومنصاتها للبحث عن الأمجاد الشخصية والمصالح الخاصة.

رسالة
كما نجح الوطن في مواجهة الأزمة، والخروج منها أكثر قوة وعزيمة بفضل الإدارة الحكيمة والإخلاص والإيمان بالقضية، كذلك الحال في رياضتنا التي باتت بحاجة للإطاحة ببعض رؤوس فسادها ومحاسبة كل من امتدت يده للعبث بمقدراتها، وحرف بوصلة العناية بالرياضة إلى بوصلة اللهاث وراء الاستثمارات والمكاسب واستقطاب الأصدقاء والمعارف، وتسليمهم إدارة دفة بعض مفاصل العمل الرياضي، فهؤلاء سقطوا وأسقطوا سمعة رياضتنا معهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن