رياضة

في التصفيات الآسيوية السلوية … كثرت الأيدي فاحترقت سلتنا ومصير المدرب برسم المعنيين

| مهند الحسني

ندرك تماماً أن حال منتخبنا الوطني بكرة السلة، لن يكون أفضل في المرحلة القادمة، بعد سلسلة من الخسارات المؤلمة والقاسية، ولا نتوقع أن يكون فارس التصفيات الآسيوية الحالية، وإن حصل ذلك على جناح مصادفة أو طفرة، فلا يعني أننا أصبحنا على الصراط المستقيم، وهذا لا يعني أننا فقدنا أو سنفقد كل شيء، لأن بناء المنتخبات الوطنية لا يكون بالأمنيات فقط، أو العزف على وتر المشاعر الملتهبة.

عند الامتحان
عند الامتحان يكرم المرء أو يهان، مقولة زرعها في أذهاننا آباؤنا فيها اختصار لكثير من الحكم والنصح لأن تكون شعاراً لمرحلة كاملة، وإذا أردنا أن نطبق هذا القول على اتحاد السلة، فأننا نمنحه علامة الصفر في امتحانه الآسيوي الحالي من دون تردد أو خجل، وما يحزّ في النفس فإننا جميع التحذيرات والتنبيهات التي أشار إليها رجال الإعلام، وخبراء اللعبة، لم تلق آذاناً مصغية عنده، فكان ما كان، وأصبح الكابوس الذي كنا نخشاه واقعاً، واستيقظ اتحادنا على واقع مرير، وفشل كبير في تقديم منتخب يليق باسم سورية وسمعتها السلوية، وإذا كانت محطات التقييم متدرجة، فإن أعلى مراحل عمل الاتحادات هو منتخباتها الوطنية، فالمنتخب حصيلة إستراتيجية، ورؤية فنية بعيدة، وأنظمة تصيب العمق المطلوب للارتقاء باللعبة، وإننا نمنح اتحاد السلة علامة الصفر أيضاً، ليس بسبب سوء النتائج، فالرياضة تتساوى فيها احتمالات الفوز والخسارة، لكن أن يكون الأداء هزيلاً وبدائياً وغير منضبط معتمداً على مبادرات فردية ظهرت فيها السلة السورية كالقزم أمام عمالقة آسيا فهذا غير مقبول.

سوء الإعداد
وإذا أردنا التحدث عن المسؤولية المباشرة للاتحاد في هذا الفشل الذريع، فإن سوء الإعداد وتخبطه والمصالح الشخصية والمحسوبيات هي العناصر المباشرة لمعادلة الفشل التي صنعها اتحادنا عن سابق الإصرار والتصميم، وكان بإمكانه وببساطة شديدة تجاوزها، لو نجح في توحيد آراء جهابذته من أعضاء الاتحاد، فهذا العضو يرغب في مشاركة المنتخب بعناصر الخبرة، والعضو الأخر يتطلع لرفد المنتخب بلاعبين شباب، والعضو الثالث له تحفظات، ووو؟ الأمر الذي ساهم في إدخال المدرب في متاهة لا مخرج منها، والسؤال هنا: هل يعقل زج أربعة من أفضل اللاعبين في بطولة 3/3 في كازاخستان في وقت هم بأمس الحاجة لأن يكونوا تحت إشراف المدرب قبل اللقاء المهم أمام نيوزيلندا، فاللاعبون الأربعة سافروا ولعبوا وأرهقوا، ومن ثم عادوا للعب أمام منتخب يتفوق علينا بكل شيء، فأين الرؤية الفنية للاتحاد؟
من الطبيعي
لذلك على ضوء ما سبق، فمن الطبيعي أن يخسر رجال سلتنا أمام السلة النيوزلندية، ولكن من غير الطبيعي أن تخسر بفارق يصل إلى الأربعين نقطة.
ومن الطبيعي أن نسعى لتعزيز الأداء الدفاعي للمنتخب في ظل غياب المواهب الهجومية، لكن من غير الطبيعي أن تكون نتيجة التركيز على الجانب الدفاعي استقبال سلتنا لـ107 نقاط.
والطبيعي أن نستعين بمدرب أجنبي في ظل ظروف مدربينا الوطنيين الحالية، لكن من غير الطبيعي أن تكون نتيجة المنتخب مع المدرب الوطني أقل سوءاً من المدرب الأجنبي.
وقد يكون من الطبيعي الاستعانة بلاعب مجنس لستر عوراتنا الهجومية، ولكن من غير الطبيعي أن يكون هذا المجنس عبئاً على لاعبينا المحليين، ومن الطبيعي أن تصبح سلتنا مثقوبة، ومقطعة لكثرة ما تستقبله من نقاط، ولكن من غير الطبيعي ألا يتجاوز مجموع نقاطنا ٧٠ نقطةً، ومن الطبيعي أن نشارك في بطولة ٣×٣، لكن غير الطبيعي أن نشارك بعماد المنتخب الوطني للرجال في بطولة ثانوية مقارنة بلقاء نيوزلندا.

برستيج
ومن الطبيعي أن يحضر نجوم كرة السلة السابقين مباراة المنتخب الوطني في بيروت، لكن من غير الطبيعي أن يكون الحضور للظهور الإعلامي فقط، ومن دون حضور تدريبات المنتخب الوطني في دمشق، ولو حصة واحدة، والسؤال عن احتياجات اللاعبين.
والطبيعي أن يقدم النجوم السابقون وجهة نظرهم للخروج بالسلة السورية من مستنقعها القميء، لكن غير الطبيعي ألا نرى دوراً إيجابياً واحداً للمعتزلين في أنديتهم على أقل تقدير، لا بل إن أنديتهم باتت في أسوأ أيامها بفضل إدارتهم وأفكارهم المستوردة.
قد يكون من الطبيعي أن ينادي بعض النجوم بإتاحة الفرصة للاعبين الشباب، وإصدار قرارات بتقليص مساحة مشاركة اللاعبين الأكبر سناً، ومن غير الطبيعي أن نتذكر أن هؤلاء النجوم اعتزلوا على حافة الأربعين، وكانت أماكنهم في أنديتهم محجوزة، ولو من دون تمرين.
الطبيعي أن ننادي بإصلاح كرة السلة السورية، وغير الطبيعي أن تكون المناداة بالإصلاح لتصفية حسابات شخصية أو تحقيق آمال ورديةً.
الطبيعي أن يقدم الخبراء الإستراتيجيات، والخطط للسلة السورية، وغير الطبيعي أن تعيش أنديتهم بلا خطط أو تحضير، أو أن تمضي موسماً كاملاً بلا لاعب ارتكاز بسبب العجز عن التعاقد معه.

شفافية واهية
الطبيعي أن ننادي بالشفافية، وغير الطبيعي أن نعجز عن الرد على مكالمة هاتفية، والطبيعي أن نرسم حضوراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وغير الطبيعي ألا نرد على المكالمات الهاتفية، ولو كانت لغايات العمل، ولمصلحة كرة السلة الوطنية, والطبيعي أن ينتقد أعضاء الاتحاد الأداء الإعلامي لاتحاد كرة السلة، وغير الطبيعي أن يكونوا فاشلين في بناء علاقة تشاركيه مع وسائل الإعلام.

خلاصة
بين الطبيعي وغير الطبيعي تعصف التناقضات بسلتنا، ويبدو أن لعبة الكراسي والتزاحم عليها لها ما لها في حسابات القائمين على سلتنا والمتربصين بفرصة للانقضاض على كراسي العضوية ورئاسة الاتحاد، لن ننفي الجهود الصادقة والمحاولات لإيجاد حلول وعلاجات لسلتنا القابعة على منفسة أوكسجين المحاولات الفردية، لكن قراءة ما بين السطور تزخر بما يدل أن مصلحة كرة السلة ليست في المقام الأول لدى الجميع بمن فيهم أدعياء المصلحة العامة.

برسم السيد اللواء
سيادة اللواء موفق جمعة رئيس الاتحاد الرياضي العام المحترم، نعرف مقدار اهتمامكم بمصلحة الرياضة السورية بشكل عام، وكرة السلة بشكل خاص، ونعرف مسبقاً احترامكم للقرارات الفنية المتعلقة باتحادات الألعاب، لكننا في الوقت نفسه ندرك كل الإدراك حرصكم الكبير على عدم هدر أموال المنظمة وعلى أن تصرف وتوظف بالمكان المخصص لها بعيداً عن الإسراف والهدر، سيادة اللواء، مضى أكثر من عام على تولي المدرب الصربي قيادة منتخب السلة، وهي مدة كافية لبيان قدراته الفنية، وظهور لمساته الواضحة على أداء المنتخب الذي ما زال خطه البياني يسير بالمقلوب، فأصبح منتخبنا في عهده تستبيح سلته كل المنتخبات من كل حدب وصوب.
فالخسارات كثرت، بأرقام فلكية، وأداء بدا باهتاً وعقيماً حتى وصلنا إلى طريق مسدود، والتغيير بات مطلباً ملحاً، واستبداله بأي مدرب وطني هو الحل الأمثل، ما دامت آمالنا بالتأهل لأبعد من الدور الثاني شبه مستحيلة، فالأفضل عدم هدر أموال المنظمة على مدرب لم يأت بشيء جديد.
وكلنا أمل أن تكون كلماتنا هذه موضع اهتمامكم وتقديركم، وما نتمناه أن تتم معالجة أوضاع المنتخب، وتكليف أي مدرب وطني قيادة المنتخب في مبارياته المقبلة، مع إمكانية دراسة التعاقد مع مدرب أجنبي عالي المستوى للمرحلة المقبلة يكون قادراً على تطوير منتخبنا أمام نمور القارة الآسيوية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن