ثقافة وفن

مدير ثقافـة طرطوس لـ«الوطن»: قبول الرأي الآخر من أهم محاور عملنا الثقافي

| هيثم يحيى محمد

رغم كل ما تعرضنا له في هذه الحرب القذرة ورغم أن ضعف الوعي وقلة الثقافة وعدم بناء الإنسان بناء صحيحاً كانت من الأسباب الرئيسة للأزمة وكثرة أدواتها.. نجد أن اهتمامنا بالفعل الثقافي وبالمؤسسات الثقافية المنتجة له مازال قاصراً جداً وأقل من المطلوب بكثير، كما نجد أن الكثير من الإدارات الثقافية المعنية بالحل الثقافي غير جديرة، حيث لا يتم اختيارها وفق أسس دقيقة وموضوعية.. هذه القضايا وقضايا عديدة أخرى تتعلق بواقعنا الثقافي في طرطوس والعقبات التي تواجهه كانت محور لقائنا التالي مع كمال بدران مدير مديرية الثقافة في محافظة طرطوس الذي تسلم مهمته في شباط 2016 بعد أن كلّف عدة مهام ثقافية في المديرية وبعض المراكز الثقافية.

وفق قانون إحداث وزارة الثقافة وتشكيل المديريات في المحافظات ما المهام الأساسية المنوطة بمديرية الثقافة والمراكز التابعة لها؟
ثمة مهام عديدة لعل أبرزها تنفيذ السياسة العامة لقطاع الثقافة التي تحدده الوزارة، وتعميم المعرفة والثقافة بين الجماهير والتعريف بالحضارة العربية وتوفير إمكانات التفاعل مع الثقافات الأخرى.. والعمل على تنمية الوعي الوطني في المجتمع بما يسهم في رفع المستوى الفكري، ومضاعفة الجهود في خدمة الوطن والإنسانية.. وتشجيع الفنون والأدب.
اكتشاف التراث الأثري الوطني ونشر الوعي بأهميته والمحافظة عليه سليماً إلى الأجيال القادمة.
إحياء التراث الوطني القديم في العلوم والآداب والفنون وتطويره وإغناؤه ونشره ودعم البحث في علوم اللغة العربية.
تيسير سبل الثقافة الشعبية في أوساط الجماهير وتنوع أساليبها وإفادة أكبر عدد ممكن منها.
تشجيع تأسيس الجمعيات الثقافية المختلفة، ومساعدتها على القيام بمهامها.
رصد التراث اللامادي الوطني والحفاظ عليه.
إقامة المعارض والمهرجانات والحفلات الثقافية والفنية وعقد المؤتمرات وتنظيم المسابقات.
المساهمة في الخطة الوطنية لتعليم الكبار والتنمية الثقافية.

الكثير من مقرات المراكز الثقافية بالمحافظة غير مناسبة على الإطلاق لماذا؟ وما الإجراءات التي قمتم وتقومون بها لمعالجة هذا الواقع؟
عدد المراكز الثقافية الرئيسة التي تمتلك بناء خاصاً بها ستة مراكز فقط من أصل عشرين مركزاً وهي: طرطوس- بانياس- صافيتا- الدريكيش- الشيخ بدر- القدموس أما باقي المراكز فهي عبارة عن شقق مستأجرة من البلديات أو أملاك خاصة.
بدأنا هذا العام بأعمال الترميم الكامل للمركز الثقافي العربي في الدريكيش وصافيتا، وسيكون هناك ترميم أيضاً للمركز الثقافي العربي في بانياس العام القادم، وتتم بشكل دوري أعمال الصيانة الجزئية في المراكز الرئيسة، كما تقوم المديرية عن طريق الوزارة بشكل دائم بتحديث وتطوير المراكز الثقافية في ما يتعلق بالتجهيزات اللازمة للعمل فيها.

أين وصلت إجراءاتكم لاستكمال الصالة الجديدة مع الطابق الثاني فوق المركز الثقافي بمدينة طرطوس بعد أن مضى نحو عشر سنوات على بناء الصالة على الهيكل ثم توقفت؟
لقد بدأت أعمال الإكساء في المبنى الجديد منذ أكثر من شهرين بعد أن قامت الوزارة بتأمين الاعتمادت المالية اللازمة، وقامت بتلزيم المشروع لمؤسسة الإنشاءات العسكرية والأعمال تسير بوتيرة عالية ومن المتوقع إنجاز الأعمال كافة وتدشين المبنى خلال عام 2019.

أين أنتم من دعم المبدعين الشباب وكيف يتجلى دعمكم لهم؟
ضمن الإمكانات المتاحة تعمل المديرية بشكل دائم على دعم المبادرات الجديدة والمبدعين الشباب في المجال الثقافي، وعلى سبيل المثال ومن النشاطات التي تسهم في إظهار هذه المبادرات:
-مهرجان الموسيقا للهواة وهو يقام بشكل سنوي وأقمنا ثلاث دورات منه حتى الآن.
– مهرجان شعري للإبداعات الشابة أيضاً يقام بشكل دوري.
– أسبوع الموسيقا العربية.
– مجموعة شموع الأدب.
– وغيرها من الأنشطة الموجهة إلى جيل الشباب سواء في المسرح أم السينما وغيرها من المجالات.

كيف تعملون على التعاون مع المجتمع وفعالياته؟
أبواب المديرية مفتوحة لكل من يرغب في المشاركة في الفعل الثقافي ونحن على مسافة واحدة من الجميع.. حيث تقام الفعاليات بشكل منسق غالباً بين المديرية والجهات صاحبة العلاقة في المحافظة ومن أهم المراكز جامعة طرطوس، حيث يقام العديد من الأنشطة بالتعاون معها، كما تم في عام 2018 توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الثقافة ووزارة الداخلية شملت العديد من المحاور التي تلحظ أهمية التعاون بين الجانبين لنشر الفكر والمعرفة الصحيحة وتقديم الفائدة للجميع.

هل أدواتكم ومستلزمات عملكم البشرية والمالية مناسبة وكافية أم لا؟
في ظل الحرب الكونية على وطننا الغالي لم تتوقف يوماً عجلة العمل الثقافي عن الدوران رغم قلة الإمكانات المادية والنقص في الكادر البشري المتخصص، إلا أننا بقينا في وزارة الثقافة وتحت أقسى الظروف منارة للفكر العقلاني المتنور الذي يرفع راية الوطن والمعرفة، فالثقافة قيم وأخلاق قبل أن تكون مجرد عمل.

لماذا لم يتم حتى الآن قبول مكتبة الشاعر الكبير حامد حسن ونقلها إلى المركز الثقافي بالدريكيش أو غيره؟
مكتبة الشاعر الكبير المرحوم حامد حسن مكتبة غنية ومتنوعة ويزيد عدد كتبها على عشرة آلاف كتاب ومكتبة المركز الثقافي في الدريكيش لا تتسع لها فتم الاتفاق أن يتم نقلها إلى المركز الثقافي العربي في طرطوس بعد أن يتم إنجاز المبنى الجديد للمديرية وهذا الأمر سيتم العام القادم 2019 إن شاء الله.

حضور النشاطات والمحاضرات ضعيف.. ماذا فعلتم لمعالجة هذا الواقع؟
التعميم فكرة مرفوضة، والقياس بالمكيال نفسه لأغراض متنوعة غير صحيح، فالحضور في محاضرة تخصصية نوعية يجب أن يكون نوعياً فمن الطبيعي أن يكون العدد قليلاً، وفي نشاطات أخرى وعلى سبيل المثال مؤخراً في إحدى أمسيات مهرجان برج وبحر في هذا الشهر بلغ عدد الحضور700 شخص علماً أن القدرة الاستيعابية لمسرح المركز 450 شخصاً جلوساً، إلا أن الممرات والأدراج غصّت بالحضور. ومن هنا نقول: إن عدد الحضور ليس معياراً وحيداً لنجاح هذه المحاضرة أو النشاط وأهميته.

ضمن مشروع إعادة الإعمار في سورية لابد من وضع مشروع ثقافي لإعادة بناء الإنسان فكرياً وثقافياً في مواجهة التكفير والتطرف والإرهاب الذي شهدناه.. ماذا تقترح في هذا المجال؟
في هذا المجال إن خطة عملنا تنطلق مما قاله السيد الرئيس بشار الأسد: «الإعمار الحقيقي، هو إعادة إعمار العقل والايديولوجيات والمفاهيم. فالحجر غالٍ لكن البشر أغلى.. والتحدي هو أن نعيد بناء البشر والحجر».
إن بناء الجيل القادر على التفكير بمنطقية ووعي ونشر الأفكار البناءة المبنية على المساواة في الحقوق والالتزام بالواجبات وقبول الرأي الآخر من أهم المحاور التي يهتم بها العمل الثقافي، وهو ما يسهم في تحقيق قدر عال من الانتماء للوطن وتحت راية الوطن فقط.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن