شؤون محلية

قانون الأحوال الشخصية نظر للمرأة على أنها إنسان غير واع وأنها أمة للرجل…ميداني لـ«الوطن»: المشكلة ليست في الدستور بل بالتناقض الحاصل بينه وبين قانون الأحوال الشخصية ولابد من السماح للمرأة بالترشح للرئاسة

 محمد منار حميجو : 

أكدت رئيس مؤسسة عشتار الدكتورة أيسر ميداني أن هناك تناقضاً أساسياً بين قانون الأحوال الشخصية السوري الذي ينظر للمرأة على أنها إنسان غير واع وقاصر وبين الدستور السوري الذي دعا في بعض مواده إلى المساواة والحريات بين أبناء المجتمع، معتبرة أن المرأة إنسان كأي إنسان يجب أن تتمتع بكل حقوقها الإنسانية من التعليم والصحة وغيرهما من الحقوق الاجتماعية ودعت في الوقت ذاته إلى تعديل المادة المتعلقة في عدم قبول ترشح المرأة إلى الرئاسة باعتبار أن ذلك حقاً لها.
وفي حوار مع الوطن قالت ميداني إن الحرب التي تتعرض لها سورية استهدفت الأسرة السورية والمجتمع قبل أن تستهدف الحضارة والبنية التحتية وأن المرأة والطفل السوري تعرضا لجروح شديدة ولاسيما المرأة التي تعرضت لكل أنواع الاغتصاب، مشيرة إلى وجود عادات تعتبر رواسب وجذوراً لأفكار متطرفة في المجتمع السوري أثرت سلبا في المجتمع السوري حالياً.
وأوضحت ميداني أن هنالك أقوالاً تقول إن قانون الأحوال الشخصية السوري مبني على أشياء مستمدة من الشريعة الإسلامية إلا أن ما يحتويه هذا القانون من أراء تدل على أنه لم يعامل المرأة كشخص قاصر فقط بل جعلها رقيقاً للرجل، والدين الإسلامي هو أول من دعا إلى تحرير الإنسان من العبودية ومن ثم فإن التفسيرات الموجودة في القانون هي ذكورية مغرضة للبقاء على هيمنة الرجل على المرأة ولذلك فأنه لا يمكن للدين الإسلامي أن يدعو إلى مثل هذه الآراء.
وأضافت ميداني إن المشكلة ليست في الدستور فهو دستور حضاري أجمع عليه جميع المواطنين إلا أن المشكلة تكمن في التناقض الحاصل بينه وبين قانون الأحوال الشخصية، مشيرة إلى أنه لابد من النظر في المادة المتعلقة بعدم السماح للمرأة بعدم ترشحها لمنصب الرئاسة، إضافة إلى أنه يجب ألا يحدد دين رئيس الجمهورية باعتبار أن المجتمع السوري هو خليط من المكونات الاجتماعية وأن الرئيس لا ينتخب وفقاً لاتجاهاته الدينية بل على عمله وبرنامجه السياسي وإلا دخلنا في تقسيمات لسنا في صددها حالياً.

التخلص من الأقنعة الزائفة
واعتبرت ميداني أن النظرة الاجتماعية تجاه المرأة كونت نوعاً من التفكير بأن كل تصرف تقوم به تحتاج إلى وصي وولي عليها علماً أن المرأة الشريفة دائماً تحترم نفسها وتحترم الآخرين ويحترمها الآخرون، متسائلة هل كل رجل في المجتمع شريف ونحن نسمع أن هنالك رجالاً يتاجرون ببناتهم وزوجاتهم بنكاح الجهاد حتى إن هنالك أزواجاً قتلوا أزواجهم بسبب ما تعرضوا له من استغلال وابتزاز منهم.
وقالت ميداني إن قضية الشرف والعرض هي مجرد أقنعة يلبسونها ليغطوا على أفعالهم تحت أسماء عديدة مثلهم كمثل الذين يقاتلون حالياً في سورية تحت أسماء الحرية وهم يرتكبون فظائع وجرائم بحق الإنسانية وأنه يجب التخلص من الأقنعة الزائفة، مشيرة إلى أن الفكر الوهابي والداعشي والنصروي شوه صورة المرأة وجعلها من أساس العادات الغائبة التي يعتبر لها جذور ضمن الشوائب التي دخلت على الإسلام.

تطبيق المساواة في القطاع الخاص
ورأت ميداني أن القانون السوري بشكل عام مقارنة بالقوانين العربية وحتى الأجنبية يعد جيداً جداً، ضاربة مثلاً قانون العمل الذي يكرس المساواة بين الرجل والمرأة في الكثير من الأشياء منها المسؤوليات والمعاش وذلك حينما يكونان متساويين في الشهادة إلا أنه في القطاع الخاص غير مطبق، مشددة على ضرورة تجريم كل أنواع التحرش الجنسي ضد المرأة، معتبرة أن بناء الأسرة يبدأ من علاقات الاحترام المتبادل بين المجتمع السوري سواء كان بين المرأة والرجل والطفل ونبذ العنف واللجوء إلى الحوار والنقاش في كل خلافاتنا وأن نسمع لحجج الطرفين.

غربلة التوصيات الدينية في المجتمع
وأضافت ميداني: إن المرأة اليوم تتحمل مسؤولية كبيرة وإعادة الأعمار قائم على عاتقها باعتبار أن عدداً كبيراً من الرجال استشهدوا ومنهم خطفوا كما أن عدداً كبيراً منهم غادر البلاد نتيجة ظروف الحرب، معتبرة أن المرأة من حقها أن تختار رئيس الجمهورية وليس من حقها أن تدير شؤونها ومن ثم إذا كنا نريد أن تنتصر سورية وأن تتم إعادة إعمارها فإنه يجب احترام المرأة بشكل كامل باعتبارها ركناً من أكان هذا المشروع.

العوامل الداخلية ساهمت في تنفيذ مخطط الحرب
وطالبت ميداني بضرورة إعادة توحيد الجهود بين جميع الجمعيات المدنية باعتبار أن الهدف واحد وهو إعادة إعمار سورية وأن مؤسسة عشتار ورغم حداثتها فإنها تحاول أن تشبك مع كل الجمعيات المدنية التي تربطها أهداف مشتركة مبنية على أسس متساوية بين أبناء المجتمع، معتبرة أن الحرب على سورية خطط له منذ فترة طويلة من إسرائيل والولايات المتحدة إلا أن المشكلة الكبيرة هي وجود العوامل والأشخاص في الداخل ساهموا في تنفيذ هذا المخطط وهذا يعتبر خطراً شديداً على المجتمع السوري.

غريزة الأمومة تساهم في المصالحة
ولفتت ميداني إلى أن غريزة الأم لدى المرأة تساهم في تحقيق المصالحة في سورية باعتبار أنها مستعدة لمسامحة ابنها مهما فعل على حين الرجال يسيطر عليهم شيء اسمه المكابرة ولذلك فإنهم لا يسامحون بسهولة، معتبرة أن غطرسة الرجل تعقد تحقيق المصالحة أكثر من المرأة وهذا ما شاهدناه على أرض الواقع.
ودعت ميداني إلى إعطائها كل الحرية في منزلها ليكون لها دور في المصالحة، إضافة إلى رفض كلي للزواج القاصرات ولو بموافقة ولي أمرها لأنه لا يعلم خطورة هذا الشيء، معتبرة أن هناك آباء يبيعون بناتهم حتى يتخلصوا من همهن مهما كانت أعمارهن ويشترونهم الخليجيون المستغلون الذين باعوا أخلاقهم.
وأضافت ميداني: إنه اليوم يقوم الرجل بزواج 100 امرأة ويفتي له المفتي بذلك ثم يقوم هذا الرجل بتشغيل النسوة بالدعارة للاستفادة منهن، معتبرة أن اليوم دخلنا في فساد اجتماعي بعد الفساد المالي والسياسي.
وتأسفت ميداني للوضع التي وصلت إليه المرأة السورية ولا سيما في البلدان العربية والأجنبية حيث أصبحت عرضة للدعارة والأفعال الأخرى وأن هنالك الكثير من القصص تحدث ولذلك فإنه لا بد من إعادة النظر في تعدد الزواج والبحث عن حلول تعيد للمرأة كرامتها ولا سيما بعد الظروف القاسية التي مرت بها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن