قضايا وآراء

اللجنة الدستورية والتجاذبات الدولية حولها

| ميسون يوسف

يستعجل بعض الأطراف الذين يزعمون الاهتمام ومتابعة الشأن السوري تشكيل اللجنة الدستورية التي سيعهد إليها أمر الدستور السوري ليكون عملها مدخلاً لا بل ترجمة للحل السياسي وهو موضوع يبدو محل تجاذب والتناقض بين تيارين:
تيار عدواني استعماري يريد أن يحقق لنفسه في السياسة ما عجز عنه في الميدان ويعمل عبر الدستور لوضع يده على سورية بما يمنع قيام الدولة القوية القادرة ويبقي المستعمر صاحب كلمة الفصل فيها كما هو حال معظم الدول التي يهيمن عليها معسكر العدوان.
وتيار استقلالي يتمثل بالحكومة بقيادة الرئيس بشار الأسد ويؤازره الفريق الوطني المتعدد المصادر والانتماءات من الشعب السوري والمصر أو المتمسك باستقلال سورية وسيادتها والساعي إلى بناء الدولة القوية القادرة التي تستطيع أن تمارس حقوقها السيادية وتضطلع بمسؤولياتها وواجباتها الوطنية والقومية.
وهنا لا بد من التذكير بالواقع الميداني لكل من التيارين، حيث إن الفريق الاستعماري الذي يسعى إلى الهيمنة خسر حربه في الميدان وخسر تالياً الأوراق التي كانت بيده للضغط على سورية لإجبارها على الانصياع لإرادته، وفي المقابل فان الفريق الاستقلالي بات ذا اليد الراجحة في الميدان وأصبح على مقربة من إنهاء الملفات الميدانية ويعمل على تعزيز مواقعه وطي الملف الميدان كلياً عبر معالجة ملفي إدلب وشرقي الفرات وعندها سيتفرغ لمسألة الدستور وباقي عناصر الحل السياسي.
ونقطة أخرى مهمة تسجل في المشهد وتبقى محلاً للتجاذب هنا أيضاً حيث إن الفريق الاستعماري يريد الانطلاق من الصفر وصياغة دستور كما يناسبه وكما فعل في العراق مثلاً بعد الاحتلال الأميركي له، أما الفريق الاستقلالي فإنه يعتبر أن الحكم استمرار ولا يمكن الانطلاق من فراغ في أي مسألة والمطلوب من لجنة الدستور مراجعة الدستور القائم وتعديل ما يتفق على تعديله وليس كتابة دستور جديد بخلفيات استعمارية تبغي الهيمنة على الدولة.
لهذه الأسباب نرى ورغم الحرارة التي تظهر في الملف الدستوري فإن المسألة ستبقى مشدودة إلى الميدان حيث له الكلمة الفصل قبل أي أحد، ولهذا كان الموقف السوري الحاسم الذي عبّر عنه وزير خارجيتها في الأمم المتحدة مؤكداً أهمية مسألة سيادة سورية واستقلالها وأن سورية لن تسلم قرارها لأحد ولن يضع لها أحد قانوناً أو دستوراً أياً كان هذا الأحد.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن