سورية السعيدة
| عبد الفتاح العوض
كثيرة هي الصفات التي نريدها لسورية بعد كل هذه السنوات الحزينة.. ولعل واحدة منها أو لنقل على رأس القائمة أن تكون سورية سعيدة. فكيف يتأتى ذلك؟!
لدى البشر وكأفراد ثمة اختلافات في النظرة إلى مقياس السعادة. لكن في الدول ثمة معايير تكاد تكون قابلة للقياس. صحيح أن سعادة الدولة هي محصلة سعادة مواطنيها لكن المؤشرات وإن كانت متداخلة فإنها ليست متشابهة.
عالمياً أصبح بالإمكان وضع مؤشر السعادة العالمي أو ما يفضل البعض تسميته خريطة السعادة وربما بعض الدول لديها اعتراضات على ترتيبها وبالتأكيد كمعظم التقارير التي تصدر من الأمم المتحدة فإنها لا تحمل مصداقية خالصة ويساور الكثيرون الشكوك حولها. لكن بالشكل العام تمثل خرائط السعادة العالمية مؤشرات عامة يمكن اعتبارها دلائل أولية يمكن الاسترشاد بها والاستدلال من خلالها على مدى سعادة الشعوب.
طبعاً ترافق إنشاء هذه الخرائط مع الحرب على سورية ومن ثم ليس من المتوقع أن تنال سورية أي مرتبة متقدمة في سجل السعادة، وهذا العام كنا في المرتبة 150 من أصل 156 دولة في العالم.
الشيء الذي يطمح إليه السوريون الآن أن تصبح هذه السنوات وراء ظهورهم، وأن يكون لسورية مكان مشرق في خريطة السعادة العالمية.
عملية القياس العالمية تقوم على مجموعة من المؤشرات لعل من أهمها متوسط عمر الفرد، والرعاية الاجتماعية، الشعور بالمساواة، الشفافية ومكافحة الفساد.. ودخل الفرد.. وغيرها من المؤشرات الأخرى.
وعندما تمت مناقشة الأفراد لوحظ أن ما يسعدهم هو الشعور بالأمان من المستقبل كفقدان الوظيفة، أو المسكن وغير ذلك من الأشياء الحياتية.
إذا كان من أحد يريد أن يعرف ما يسعد السوريون فسيجد أمامه قائمة طويلة جداً.. وليس لأننا طماعون بل لأنه فعلاً ينقصنا الكثير والكثير.
من أكثر ما افتقدناه الإحساس بالأمان، بينما أصبح القلق رفيق السوريين الذي لا يفارقهم كل تلك السنوات الصعبة. لكن أبعد من ذلك.
سيكون مصدر سعادة لكل سوري أن يدرك أن بلاده تسير إلى الأمام وأن الأيام السوداء باتت وراءه، وأن كل ما يراه حوله من مظاهر قاسية ليست إلاّ ذلك المخاض الذي يسبق ولادة «سورية السعيدة».
سورية السعيدة دولة مدنية فيها حكومة رشيدة وحرية تعبير ومساواة ومكافحة فساد وسطوة القانون.
هنا يأتي السؤال الأهم: كيف نتمكن من تحقيق سورية السعيدة؟
خطة سورية لما بعد الأزمة بحاجة لتكون شاملة وبمشاركة جهود كل السوريين.. تحويل سورية إلى ورشة عمل على كل المستويات وهذا يحتاج إلى الكثير من المؤمنين بإمكانية الحلم السوري.
تولستوي يقول: السعادة أن يكون لديك شيء تعمله وشيء تحبه وشيء تطمح إليه… على الأقل لدينا ما نطمح إليه… سورية السعيدة.
أقوال:
أنت لا تحتاج إلى البحث عن السّعادة؛ فهي ستأتيك حينما تكون قد هيّأت لها موقع إقامتها في قلبك
البؤس عود كبريت لا ينطفئ أبداً.
ربما هذا العالمُ هو الجحيم لكوكبٍ آخر