ثقافة وفن

سورية هي البلد الأول الذي يتربع على عرش الدراما العربية … أسامة المصري لـ«الوطن»: لا أستطيع تجسيد دور السيد حسن.. الفكر أهم من أن يتم تجسيده

| سارة سلامة

بحب كبير وتواضع مثير وضحكة لا تفارق وجهه هكذا يكون في الحياة، على الرغم مما يحمله شكله من عنفوان وقسوة وصوت رخيم، جعلت من المخرجين يسندون له أدواراً إشكالية وشريرة وقاسية، إلا أنه يملك قلباً ينبض حباً وطيبة وحناناً ويحمل قضيةً يدافع عنها ولا يتهاون بها، ويقدم لها ابن الجنوب اللبناني الفنان أسامة المصري كل ما استطاع إليه.
كما أنه يعشق سورية بكل تفاصيلها ويدفعه هذا العشق كل مدة إلى ركوب سيارته مختاراً وجهته دمشق ليمشي في شوارعها وأزقتها الضيقة ويتناول الإفطار مجالساً أهلها وناسها ومتحاوراً معهم، وهذا العشق نفسه الذي يأتي به دمشق يسري به أيضاً إلى لبنان ليكون بجانب عائلته محباً وأباً وعاشقاً، ويعبر دائماً عن ولائه وانتمائه لهذين البلدين.
وأسامة هو ممثل لبناني أتاحت له مصادفة دخول عالم التمثيل حيث كانت أول مشاركة له في مسلسل «الغالبون»، بجزأيه للمخرجين السوريين باسل الخطيب ورضوان شاهين، وبعدها توالت عليه الأدوار(«قيامة البنادق»، و«ملح التراب»، و«درب الياسمين»، و«بلاد العز»، و«مذكرات عشيقة سابقة»، و«كواليس المدينة»، و«الحب جنون»، و«بوح السنابل»، وله مشاركة في مسلسل «قناديل العشاق»، وفي عمل مصري بعنوان: «الزوجة الرابعة» وإيراني باسم «الحاجز الأخير» وفيلم إيراني تحت عنوان: «السر المدفون» وغيرها من الأعمال.
ويزورنا اليوم في «الوطن» ليخبرنا أكثر عن مسيرته الفنية وما يحضره من جديد وأي المخرجين والفنانين يحب العمل معهم من خلال هذا الحوار.
من العمل الخاص إلى التمثيل، لماذا هذه النقلة؟
أمر طبيعي أن يكون لي عملي الخاص فأنا لدي مكتب للخدمات العامة، ومعرض لبيع وشراء السيارات وشركة تأجير للسيارات، ودخولي عالم التمثيل كان من خلال مصادفة حدثت في إحدى شركات الإنتاج التابعة لأحد أصدقائي في بيروت، الذي شجعني على خطو هذه الخطوة ووجد في شخصيتي قدرة كبيرة على الأداء، وفي المقابل رأى عندي الميول لدخول هذا المجال، وبعد ذلك خضت تجربة تكللت بالنجاح فأصبحت شركات الإنتاج والمخرجون يسألون عني ليكون أول ظهور لي في عمل «الغالبون».

ماذا قدم لك الفن مادياً؟

لم يقدم لي وفي الوقت نفسه لم يعطل عليّ عملي فأنا لديّ أشغال أخرى أتكل عليها بالمرتبة الأولى ودخلت الفن من باب الرغبة والحب ولكن عندما أوقف شغلي الخاص أقبض ثمن ذلك من الفن.

هل الفن رسالة بالنسبة لك؟
بالتأكيد هو رسالة ولم أفكر أن أدخله يوماً من أجل المال ولو كان كذلك لما كنت رفضت العديد من الأدوار.

هل كان لأحد يد في دخولك عالم التمثيل؟
لا أحد لديه فضل أو جميل في دخولي التمثيل، لأنني صنعت نفسي بنفسي واجتهدت حتى وصلت، وشققت طريقي بنفسي وأعتبر أنني من الممثلين الجيدين ولذلك فإن الفضل يعود لي مع احترامي للجميع.

كم خدمك شكلك وشخصيتك ورخامة صوتك في أداء الأدوار التاريخية أو أعمال المقاومة؟
خدمني الصوت بنسبة 20 بالمئة في تلك الأدوار ولكن الشكل أو الصوت يمكنهما أن يخدماني في عمل أو عملين إلا أنني لو لم أكن موهوباً لن يخدمني أي شيء.

ما علاقتك الفكرية بفكر «الغالبون» والمقاومة والأشياء الأخرى؟
أنا ابن الجنوب اللبناني ونحن ربينا وخلقنا على حب المقاومة وحب الوطن وأي شيء يصب في مصلحة المقاومة الإسلامية وتحديداً حزب اللـه نقدم ليس فقط فننا بل نقدم فناً ومادة، وحتى إننا نقدم أولادنا، وحقيقة عندما نذهب لتصوير هذه الأعمال لا نعتبر أننا ذاهبون لنصور مسلسلاً بل ذاهبون من أجل قضية ولكي نعرف الناس ما المقاومة وأيضاً نعرف بقذارة العملاء الإسرائيليين والخائن لبلده ولصديقه ولأخيه، كل ذلك نقدمه من خلال الفن.

ألم تخف أن تنحصر أدوارك ضمن أعمال المقاومة؟
بالطبع وهذا حدث معي في إحدى المرات حيث قامت إحدى شركات الإنتاج اللبنانية برفض اسمي لأنني على حد اعتبارها محسوب على تلفزيون المنار والتلفزيون السوري.

ماذا كان ردك؟
قلت لهم: إذا كان هذا اتهاماً فهو اتهام مشرف وحتى لو أن هذه الأعمال أثرت فيَّ، إلا أنني أحاول التنوع والاختلاف حتى لا أتطبع ضمن قالب معين، وعندما حاربوا تلفزيون المنار دعوا الفنانين إلى التجمع ولكن للأسف فإن 90 بالمئة منهم لم يأت، إلا أنني اعتبرت ذلك واجباً مقدساً وقدمت شعراً مع أني لست بشاعر عن تلفزيون المنار.

أعمال المقاومة غالباً تقتصر على بيئة واحدة وتهمل البيئات الأخرى ألا يعد ذلك ضعفاً فنياً؟
أعمال المقاومة غالباً ما تتحدث عن ضيعة من ضيع الجنوب اللبناني، إذاً هي لا تجسد الواقع اللبناني المختلف الأطياف، وهي لا تقول من خلال تلك الأعمال إن هذا لبنان، بل تجسد الفكر والقضية التي يحملها أبناء هذه المقاومة وصراعهم الطويل مع العدو الإسرائيلي.

المقاومة شيء وتقديم الدراما شيء آخر ألا يخدم المقاومة وفكرها أن تكون الدراما صورة اجتماعية حقيقية وليست انعكاساً للفكر المقاوم؟
المتابع لتلك الأعمال يجد أنها لم تحصر ضمن بيئة واحدة وهي قدمت بيئات أخرى ولكن بشكل ضئيل، وإذا ما نظرنا إلى مدينة النبطية فنجد أن 90 بالمئة من فتياتها محجبات، ولكن قدمت تلك الأعمال أكثر من نموذج لفتيات غير محجبات مثل عمل «درب الياسمين» الذي قدم قبل 3 سنوات، و«ملح التراب» و«بلاد العز» و«بوح السنابل».

بين الاجتماعي والتاريخي والكوميدي أي الأعمال كانت أقرب إلى أسامة؟
لم أحب الكوميدي لأنني وجدته لا يليق بتركيبة شخصيتي وصوتي، أما في الاجتماعي و«الموديرن» والتاريخي فقدمت عملاً تاريخياً كنت سعيداً به جداً باسم «قيامة البنادق» ويتحدث عن (أدهم خنجر، وصادق حمزة،) بطلي المقاومة اللذين يمثلان ذلك العصر، وكذلك عن(السيد عبد الحسين شرف الدين) قائد المقامة آنذاك، وهناك أدوار «موديرن» أحببتها وأقارنها ببعضها حسب الشخصية التي أجسدها، ولكنني كمشاهد أحب مشاهدة الأعمال التاريخية وكممثل حسب الدور الذي يسند إلي.

مثلت عملاً إيرانياً ومصرياً وتمثل في لبنان ما خصوصية العمل السوري لديك؟
هناك مبدعون كبار في مصر لا نستطيع تجاهلهم ولكنني أجد نفسي أقرب إلى العمل السوري حتى لو كان دور ضيف شرف.
وإذا أردنا الانفتاح على مصر يجب أن نحضر فيها بشكل شبه دائم لنستفيد من الدراما المصرية ولكني أفضل سورية بكل معطياتها، وبالنسبة لي سورية هي البلد الأول الذي يتربع على عرش الدراما العربية.

ما خصوصية سورية بالنسبة لك؟
لا أستطيع الانقطاع عن سورية فحتى لو لم يكن لي عمل فيها أشغل سيارتي وأذهب وحدي وعندما أقطع الحدود وأدخل سورية يفتح قلبي وأكون سعيداً جداً وأنزل وأتناول وجبة الإفطار في شوارعها وأزقتها الضيقة وأقضي أكثر من يوم مولهاً بها، وبعدها أعود إلى لبنان وتصيبني حالة الاشتياق نفسها لأن لدي أولادي وبيتي وحياتي، لذلك فإن سورية ليست بلدي الآخر إنما هي بلدي كلبنان وأعتز بلبنانيتي وبسورية حيث لم أقطعها في سنوات الأزمة بل كانت زيارات قليلة.
هل ممكن أن نرى أسامة بدور العاشق الولهان مبتعداً عن الأدوار الشريرة والإشكالية التي يجسدها؟
طبعاً من الممكن أن أجسد تلك الأدوار بسهولة ولكني أفضل أدوار الشرّ والأدوار الإشكالية وفي الحقيقة هي تشدني وتجذبني جداً.

هناك شبه بينك وبين شخصية السيد حسن نصر اللـه لا أدري إذا كان للحيتك دور في ذلك، هل ممكن أن تؤدي دوراً تجسد به شخصيته؟
لا أحد فينا يشبه السيد حسن نصر الله، وفنياً يمكن أن أجسد دوره، ولكن منطقياً لا أحد باستطاعته تجسيد دور السيد ولو أتينا بأكبر نجم في العالم فلن يستطيع ذلك، فالسيد حسن أكبر من ذلك بكثير، وحتى لو تمكنت فنياً من الشخصية إلا أنه لا أحد سيتقبلني ولا أنا سأتقبل نفسي أن أكون مكانه، الفكر أهم من أن يتم تجسيده.

مَنْ من الفنانين السوريين تحب أن تعمل معهم؟
أحب العمل مع المخرج نجدت أنزور لأنه من المخرجين المهمين، ولي الشرف أن أعمل مع حاتم علي وأحمد إبراهيم الأحمد وسمير الحسين ومهند قطيش وعمار رضوان وعاطف كيوان والمثنى صبح وسيف الشيخ نجيب وسيف سبيعي، أما الممثلون فأحب العمل في المرتبة الأولى مع الفنان عبد الهادي الصباغ وهو من أعز الأصدقاء، وأيضاً محمد حداقي الذي أعشقه أخوياً وإنسانياً وفنياً وهو إنسان مبدع وأراه من أقوى نجوم سورية وحرام ألا يكون نجماً أول.

مَنْ من الممثلين السوريين الذي إذا رأيته على الشاشة تبقى واقفاً تنظر إليه؟
عابد فهد من النجوم الكبار الذين لا غبار على مسيرتهم الفنية، ومن الممثلات أتساءل عن غياب جمانة مراد!، لأنني أحب رؤيتها على الشاشة، وأحب أداء جيني أسبر، وشكران مرتجي فنانة مبدعة، وسلاف فواخرجي أكثرهن جمالاً وأداء ونجاحاً.

هل من الممكن أن نراك في دور البطولة؟
باعتقادي أن ذلك ليس صعباً، ولكن ليس الآن بوجود نجوم كثر وأتمنى أن تأتي فرصة ولو احتاجت إلى بعض الوقت.

طموحك في الفن إلى أين؟
هو أن يحبني الناس وأصبح معروفاً من خلال بوابة الشرق سورية ولبنان.

تحدث لنا عن جديدك؟
نحضر لعمل باسم «دقيقة صمت» إنتاج هلال أرناؤوط وإخراج المخرج المبدع شوقي الماجري، وكتابة الصديق سامر رضوان الذي أعتبره من أهم الكتاب العرب.
والعمل سوري بامتياز لذلك أخاف أن أتكلم باللهجة السورية وأكون ضالاً وطلبت من الكاتب الأستاذ سامر أن تكون شخصيتي لبنانية وأقيم في سورية فإذا تحدثت بالسورية أو اللبنانية فلا ينتقدني أحد، وخاصة أننا شاهدنا تجارب غيرنا مثل تجربة النجم رفيق علي أحمد في مسلسل «قناديل العشاق» حيث ظهرت لهجته اللبنانية بشكل واضح.
والعمل «موديرن» تجري أحداثه في عام 2010، وشخصيتي إشكالية بامتياز وأكون الصديق المقرب لعابد فهد حيث يستعين بي في المراحل الصعبة.
ما التكريمات التي حصلت عليها؟
كرمت من بلدية «بنت جبيل» عن مسلسل «قيامة البنادق»، وفي ثانويتي: «الصباح» و«سان شارل» والعديد من التكريمات الأخرى.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن