سورية

سكان عفرين يشتكون انتهاكات الاحتلال التركي ومرتزقته

| وكالات

اشتكى سكان منطقة عفرين بريف حلب الشمالي الغربي مما يتعرضون له من انتهاكات مختلفة على أيدي الميليشيات المسلحة التابعة لتركيا، وتحدثوا عن عمليات الخطف مقابل فدية، والاستيلاء على منازلهم وممتلكاتهم، وتعرضهم لاعتقالات وتعذيب.
وسرد سكان المدينة تفاصيل عن مضايقات واسعة يعانون منها في عفرين، تدفعهم إلى ملازمة منازلهم وعدم الخروج إلا في حالة الضرورة.
وقال أحمد (55 عاماً) وفق وكالة «أ ف ب» للأنباء: «سرقوا بيت ابني ولم يتركوا شيئاً، حتى الثياب أخذوها، كما أخذوا دراجتي النارية و20 عبوة زيت واستولوا على محل المشروبات (الروحية) الذي كنا نملكه».
وسيطر جيش الاحتلال التركي ومرتزقته من الميليشيات على منطقة عفرين في آذار الماضي، ومنذ ذلك الحين، وثقت منظمات حقوقيّة عدة بينها منظمة العفو الدولية انتهاكات واسعة وعمليات نهب.
وأجبرت عملية الاحتلال التركي، وفق الأمم المتحدة، نصف عدد سكان عفرين البالغ 320 ألفاً، على الفرار، ولم يتمكن العدد الأكبر منهم من العودة إلى منازلهم.
أما من تمكنوا من العودة، فقد وجدوا أن منازلهم تحولت إلى مأوى لسكان تم إخراجهم من غوطة دمشق الشرقية، أو تعرضت للنهب و«جُردت من الأثاث والأجهزة الكهربائية وكل أدوات الزينة»، وفق ما أوردت «لجنة التحقيق حول سورية» التابعة للأمم المتحدة في تقرير الشهر الماضي.
وبعد عودته إلى عفرين، وجد أحمد مدينته غارقة في حالة من الفوضى، وقال: «هربنا من القذائف، وحين عدنا لم أجد حتى الجرار الزراعي»، وأضاف: «لا نستطيع أن ننام ليلاً جراء إطلاق الرصاص المتكرر».
وروى سليم (50 عاماً)، الذي بقي في عفرين مع عائلته، أنهم «عندما دخلوا إلى المدينة (المسلحين)، لم يتركوا آلية إلا وسرقوها، حتى كابلات الكهرباء نزعوها» لبيعها.
واضطر سكان آخرون، وفق «لجنة التحقيق الدولية» إلى إعادة شراء سياراتهم بعد سلبها منهم، مقابل دفع مبلغ يتراوح بين ألفين وخمسة آلاف دولار أميركي، كما دفع البعض رشاوى للمسلحين على الحواجز مقابل السماح لهم بالعودة إلى قراهم.
ويواجه سليم صعوبة في الوصول إلى حقول الزيتون التي تحيط بعفرين من كل ناحية وصوب وتعرف بجودة زيتها.
وقال: «إذا لم تحصل على ورقة من المجلس المحلي (الذي أنشأته أنقرة ومرتزقتها لإدارة المنطقة)، ولا يمكنك أن تدخل إلى أرضك».
وأضاف: «لكن الحصول على هذه الموافقة لا يعني بالضرورة أن من يحملها بات بأمان»، وتابع: «الأمر مرتبط بالحظ، فقد تلاقيك مجموعة (مسلحة) على الطريق إلى أرضك وتخطفك مقابل طلب فدية تتراوح بين 15 وخمسين ألف دولار»، لافتاً إلى أنه «لا يجرؤ الأكراد على الخروج من منازلهم».
وتحدثت مصادر إعلامية معارضة عن قيام ميليشيا تابعة لتركيا بخطف 40 شخصاً خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، واقتيادهم إلى «مراكز خطف» تابعة لها.
وبحسب تلك المصادر، يتعرض «المخطوفون في تلك المراكز للتعذيب والضرب قبل أن يُطالب ذووهم بدفع مبالغ مالية مقابل الإفراج عنهم»، مشيرة إلى أن عمليات الخطف هذه تحولت إلى «مصدر لتحصيل الأموال».
وغالباً ما تتهم الميليشيات المسلحة، السكان الأكراد بالانتماء إلى حزب «الاتحاد الديمقراطي- با يا دا» الذي تعد «وحدات حماية الشعب» جناحه العسكري ويعتبره النظام التركي إرهابياً أو إلى «حزب العمال الكردستاني» الذي يعتبره النظام التركي أيضاً إرهابياً.
وروى إبراهيم، وهو عامل صيانة، أنه تم توجيه اتهام له بأنه موال للدولة السورية، ومرة أنه «ينتمي إلى حزب العمال الكردستاني».
وأضاف: «ألقوا القبض علي وأخذوني إلى مقر خارج عفرين، علقوني على البالانكو (طريقة تعذيب عبر التعليق من اليدين) وضربوني».
ورغم الشكاوى التي يتقدمون بها إلى ما يسمى «المجلس المحلي» أو الاحتلال التركي في عفرين، قال سكان المدينة: إنه «لا مُجيب»، مشيرين إلى أن المضايقات لا تفرّق بين مكون كردي أو عربي.
وتتحدث سامية، الطالبة العربية في عفرين، عن مقتل والدها أمام عينيها على أيدي مسلحين هاجموا منزلهم لسرقة السيارات.
وقالت: «في المرة الأولى، أخرجهم والدي من المنزل، لكنهم عادوا في المرة الثانية للانتقام وقتلوه»، وبعد توقيف الميليشيات للقاتل، «أدخل إلى السجن لشهر واحد فقط، وخرج بعدها». وقالت بحسرة «ذهبت دماء والدي سدى».
ووثقت لجنة التحقيق الدولية «أنماطاً من الاستيلاء على المنازل»، وأوردت أن مسلحين وصلوا مع عائلاتهم من الغوطة الشرقية «استولوا» على منازل الأكراد الذين شردتهم المعارك.
وبحسب «أ ف ب»، ففي وسط مدينة عفرين، افتتح الخارجون من الإرهابيين وعائلاتهم من الغوطة الشرقية محالاً عدة ومطاعم.
كما غيّرت قوات الاحتلال التركي ومرتزقتها الكثير من معالم المدينة، فتحول دوار «كاوا الحداد»، تيمناً ببطل أسطوري كردي دمرت الميليشيات تمثاله إثر سيطرتها على المدينة، إلى «دوار غصن الزيتون».
وكتبت اللافتة الجديدة المقتبسة من تسمية الهجوم على عفرين، باللغتين العربية والتركية.
وفي وسط المدينة، ترتفع في ساحة لافتة كتب عليها «ساحة الرئيس رجب طيب أردوغان»، بينما حوّل جيش الاحتلال التركي مبنى قريب إلى مقر له وأحاطه بجدار اسمنتي.
وتحسّر أبو جهاد (60 عاماً) على الأمان الذي تنعّم به سكان عفرين قبل دخول المسلحين إليها، وقال: «المضايقات كثيرة، ظلم وظلم وظلم ولا من يحاسبهم».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن