نهايات العالم
| زياد حيدر
تهديد جديد للعالم، هذه المرة من صنع الطبيعة، التي لا تتخلف عن مفاجأتنا بقوتها، وانعدام رحمتها حين تشاء الظروف.
كل ذلك ربما يكون قائماً على الفكرة المتداولة منذ وقت طويل، حول ضرورة الحفاظ على مصادر الحياة الطبيعية، بتقليل مستهلكيها.
فتتكفل الحروب والأوبئة، الفيضانات والزلازل والنيازك بهذا الأمر، التهديد الجديد بركاني وفقاً لما أعلنته وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» ونقلت عنها هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».
ففي أسفل متنزه يلوستون الوطني في الولايات المتحدة خزان ضخم من الصهارة، مسؤول عن جميع الفوارات الحارة والأحواض الساخنة التي تحيط بتلك المنطقة، وهذا الخزان بالتحديد هو الذي يملك القدرة على تدمير البشرية.
وبينما لا يعتبر الخزان المذكور، الخزان القوي الوحيد في العالم، إلا أن بركان يلوستون جاهز للانفجار، ذلك أنه ينفجر كل 600 ألف عام تقريباً، وهذه الفترة قد مرت منذ آخر انفجار.
وعلمياً، تشير الأبحاث إلى أنه كلما زادت سخونة البركان، زادت كمية الغازات التي ينتجها، وتستمر الصهارة في الذوبان وتزداد مساحة غرفة الصهارة، وعندما تتجاوز الحرارة عتبة معينة يكون الانفجار حتمياً.
وعموماً تشير التقديرات إلى أنه كل 100 ألف عام، هناك انفجار لبركان هائل، يمكن أن تكون عواقبه قاتلة بشكل يؤدي إلى الجوع في جميع أنحاء العالم، وحلول الشتاء البركاني (تبريد الطبقة السفلى من الغلاف الجوي)، بما يترك لنا احتياطيات غذائية كافية لمدة 74 يوماً بالضبط.
وبالطبع تقترح «ناسا» حلولاً ثورية، بتعقيداتها وكلفتها التي تتجاوز مبلغ 3.46 مليارات دولار، أبرزها تبريد الصهارة عبر دفع كميات هائلة من الماء، عبر قناة تحفر بشكل خاص أسفل البركان بعشرة كيلومترات لهذه الغاية، وتضخ الماء تحته بضغط عال، وصولاً إلى درجة حرارة 350 مئوية تسمح بتدارك الخطر القائم.
وتسمح هذه الطريقة وفقاً لـ«ناسا» بتوليد الطاقة الكهربائية أيضاً، عبر تحويل الطاقة الحرارية الأرضية إلى كهرباء.
وسبق لبراكين أن قتلت عشرات آلاف الأشخاص في ثوان، وغيرت اتجاهات الريح، وحجبت أشعة الشمس لسنوات، ما تسبب بكوارث بيئية ومجاعات طويلة الأمد.
ورغم أن العالم لم يفنَ، ونفض عنه الرماد واستمر حتى اللحظة، إلا أن خطر فنائه يظل قائماً، سواءً جاء هذا بيد الطبيعة العشوائية، أم بيد الإنسان المتعجرف.
المهم، أنه قبل الفناء التام، حين يحل الرماد البركاني الرمادي محل الغيم الواعد بالخير، فيتساقط المطر الأسود، وتتحول الشمس إلى نجم مختبئ بعيد، وتزمجر الأرض من تحتنا، وحين يصل لهيب الصهارة لوجوهنا، ونحن نهرب إلى لا مكان، كما فعل أهالي مدينة بومبي الإيطالية حينها، ونحن نلتفت حولنا، فكلنا من البشر، لم ننل خلوداً ولا أبدية، وجل أمنياتنا اللحظة هي مكان آمن مستحيل، يمنحنا دقائق إضافية في هذه الحياة.
يا ترى لو سأل أي منا ما الذي يعنيه أن تقف أنت وكل من تعرفه، خصومك قبل أصدقائك، على حافة الموت النهائي هكذا، تتشاركون لحظة لا مهرب منها، هي نهاية العالم.
تعرف أن ملايين سبقوك قبل ذلك بدقائق، من أنحاء المعمورة، وجالت في ذهنهم الفكرة ذاتها، وهم يقفون الوقفة العبثية ذاتها، في انتظار المحتوم.
لا شك أن جلهم كان يصلي، ولكن الكل لربه، فحتى في تلك اللحظة لن يتفق البشر.