ثقافة وفن

أطلّ على الناس بزيه الشامي الأصيل بشخصية «أبو رياح» … محمد الشماط قامة أبدعت وقدمت للأجيال الكثير

| وائل العدس

درجت العادة ألا يكرم المبدعون إلا بعد رحيلهم، ولا تذكر فضائلهم ومحاسنهم إلا بعد أن يفارقوا الحياة، هكذا فإن تكريم الفنان القدير محمد الشماط وهو على قيد الحياة جاء استثناء بين أبناء جيله.
صحيح أن الخطوة تأخرت بعدما ناهز عمره الثمانين قضى منها ستين عاماً في العمل الفني إذ يعد من الرعيل الأول الذي أسهم بتأسيس الحركة الفنية في سورية، لكن أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً، حيث عبّر الشماط عن تقديره لهذه المبادرة بعد مسيرته الطويلة في الفن إلى جانب زملائه الذين ساندوه منذ خمسينيات القرن الماضي وقال: إن العمل الدرامي عمل جماعي ولا يتم على يد شخص بمفرده، مشيراً إلى أنه يهدي تكريمه هذا إلى «الأم سورية».
الشماط من القامات الفنية التي أبدعت وقدمت للأجيال الكثير، ومسيرته الغنية تستحق التكريم، وهو من مواليد دمشق 1936، متزوج ولديه ستة أولاد، من بينهم الممثل سمير الشماط.
«أبو رياح» هكذا عرفته الشاشة وهكذا أطل على الناس بزيه الشامي الأصيل، وهكذا تواصل مع أبناء جيله العظام من أمثال الفنان دريد لحام ورفيق سبيعي ونهاد قلعي وعبد اللطيف فتحي وناجي جبر وياسين بقوش ليقدموا للجمهور العربي أروع ما أنتج في تلك الفترة من مسلسلات ومسرحيات وأفلام لاقت نجاحاً ليس على الصعيد المحلي فقط، وإنما على الصعيد العربي أيضاً.
هذه الأعمال التي ما زال صداها وتأثيرها إلى الآن والتي تدل على صدق ممثليها وتفاعلهم الحقيقي والمباشر مع هذه الأعمال التي ظلّت بصماتها حية إلى الوقت الحاضر وخصوصاً بعد أن أعُيد عرضها عدّة مرات، وما زال الجمهور مقبلاً على الاستمتاع بهذه المسلسلات الجميلة.
بداية الشماط كانت في المسرح، عندما ذهب إلى العسكرية قام بالانتساب إلى المسرح العسكري حيث قام بتمثيل العديد من المسرحيات وطاف بها في سورية كافة وبقي في المسرح العسكري 35 سنة منذ عام 1956 ولغاية عام 1995.
بعدها أصبح في تاريخه زهاء أربعين مسلسلاً وسبعة أفلام، والعديد من الأعمال التلفزيونية والإذاعية الأخرى.
ومن الملاحظ أن جيل الرواد، طغى فيه الاسم الفني على الاسم الحقيقي، حيث صرح في أحد لقاءاته أن هذه الأسماء هي أول ما عرفه الناس عنا وأول ما استقبلونا به، لقد كان عدد التلفازات قليلاً جداً، وكانت الحارة كلها تجتمع على تلفاز واحد، وأقولها بصراحة إن وصولها لقلوب الناس وتفاعلهم معها وصدق هذه الأعمال وبساطتها جعلت هذه الأسماء محفورة في أذهانهم، وهناك الكثيرون ممن ألتقيهم يجهلون اسمي الحقيقي ولا يعرفونني إلا باسم «أبو رياح».
وأضاف: أحياناً الأدوار تفرض نفسها ، فمثلاً مسلسلات «حمام الهنا» و«صح النوم» و«الخوالي» و«ليالي الصالحية» و«باب الحارة» كل هذه الأعمال شامية لها ميزة خاصة والملاحظ أن اسم «أبو رياح» قد طغى على الرغم من تسميتي «أبو جمعة» في «الخوالي» و«أبو مرزوق» في «باب الحارة».
‏‏‏وفي حديثه عن المسلسلات الشهيرة التي مازالت تحظى بمتابعة واسعة أمثال: «صح النوم» و«حمام الهنا» علق: كانت هذه المسلسلات هي اللبنة الأولى للدراما السورية، وقد لاقت قبولاً واسعاً على الصعيد العربي، فأصبح هناك أناس من الخليج ومصر والمغرب يقلِّدون اللهجة الشامية، وكل هذا بسبب المصداقية التي قدّمت فيها هذه الأعمال، لقد كنّا نمثل بروح عالية بحب لا مثيل له لهذه الأعمال التي أفتخر بها كثيراً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن