ثقافة وفن

على حساب القيم الجميلة

| د. اسكندر لوقــا

بين جملة العادات التي اعتادها البعض في الزمن الراهن عادة العناية بالمظهر قبل الجوهر. وقد غدت هذه العادة شبه منهج بين البعض من الناس المهووسين بمظهرهم، لا بما يتحلون به من تداعيات القيم الجميلة التي ورثوها وبدأت تتلاشى مع مرور الوقت في سياق اتساع رقعة التشبه بأصحاب المظاهر.
إن شيئاً من هذا القبيل بدأ يتسرب إلى بيوتنا وحتى إلى أماكن عملنا بفعل انتشار ثقافة الفضاء إن صح التعبير وعلى مدى ساعات الليل والنهار. ومن هنا بدأ أحدنا يتساءل: ترى متى سيتم اكتشاف الترياق الذي يمكن أن يحصّن أبناء الجيل ويجنبهم السقوط في هاوية لا ندري أين نهايتها.
في حال بقيت هذه الثقافة قادرة على التأثير في أوساط الجيل الشاب ستشكل مسألة المظاهر، لا محالة، خطراً محدقاً فيها، ومن الأهمية بمكان أن تعي وسائل الإعلام المرئي تحديداً مسؤوليتها ودورها في إنقاذ ما يمكن إنقاذه مما تبقى في مجتمعنا من تبعات القيم الجميلة التي ورثناها وبدأت تذوي وتتلاشى كما أشرت.
إن الحفاظ على هذه القيم، يقارب الحفاظ على الثروات الدفينة تحت الأرض، كما الحفاظ على متانة الشخصية في مواجهة العادات التي تحاول تشويهها لاعتبارات غالباً لا تندرج في مصلحة صاحبها، بل إلى درجة تجريده من مخزون قيمه التي اعتادها قبل طغيان ثقافة الفضاء عبر الحلقات المتلفزة وفيها، كما نقدّر، ما تعنيه عبارة السم في الدسم كما يقال.
في سياق هذه المسألة، من البديهي أن يشار بالإصبع إلى أكثر من جهة يمكنها التصدي لهذه الموجة، موجة الثقافة التي تتسرب إلى بيوتنا وأماكن عملنا، وبين الجهات المعنية، فضلاً عن المربين في البيت ووسائل الإعلام المرئي تحديداً والمدرسة في نطـاق دروسها التوجيهية، قبل أن ترسخ لدى أبناء الجيل طبيعة تلقي ما يأتيهم عبر الفضائية، وتجعلهم يتخلون عما بقي في أوساطهم من قيم كان لها دورها في صقل الأخلاق وتقويمها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن