سورية

في مؤتمر صحفي مشترك … المعلم: أميركا تحارب كل شيء في سورية إلا داعش … الجعفري: افتتاح المعابر وشيك وعلاقاتنا تاريخية وإستراتيجية

| سيلفا رزوق

أكد وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم، أن سورية لها موقع بالعالم العربي، ويجب أن تمارس دورها العربي، ومن هذا المنطلق فإن أي مبادرة عربية أو دولية ستستجيب لها، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تحارب كل شيء في سورية إلا تنظيم داعش الإرهابي بل هي تحميه.
وشدد المعلم على أنه لا يمكن السكوت على استمرار الوضع الراهن في إدلب، إذا ما رفض تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي الانصياع لـ«اتفاق سوتشي»، في حين بيّن وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري أن المعابر الحدودية بين البلدين ستفتح قريباً لما فيها من خير للشعبين العراقي والسوري.
وفي مؤتمر صحفي مشترك مع الجعفري في مبنى وزارة الخارجية والمغتربين، أوضح المعلم أن العراق وسورية بدءا يتلمسان حلاوة النصر على الإرهاب الذي ضرب بالبلدين، وأن صمود الشعبين العراقي والسوري والتفافهما حول قواتهما المسلحة أدى إلى هذه النتيجة، معتبراً أن العالم كله سوف يستفيد من هذه النتيجة، وأضاف: تخيلوا لو أن «داعش» والنصرة انتصرا ماذا كان سيحدث لأوروبا وللدول العربية وللعالم كله؟
وأشار المعلم إلى أن الجعفري كان أول من تحدث في المحفل العربي عن ضرورة عودة سورية للجامعة العربية، وكان هناك استغراب كثير من العرب لحديثه، لكنه اليوم يجد تشجيعاً من الدول التي كانت تعترض على ذلك، وقال: «سورية لها موقع بالعالم العربي ويجب أن تمارس دورها العربي، ومن هذا المنطلق أي مبادرة عربية أو دولية نحن سنستجيب لها».
ولفت المعلم إلى أن الإرهابيين كانوا يسيطرون على المعابر الحدودية ويغلقونها، وكانت الدول الراعية لهؤلاء الإرهابيين تقف ضد فتح هذه المعابر، ولذلك نظرت سورية بالمنظار الأوسع ولم تنظر بالمنظار الضيق، أي في مصلحة الشعبين السوري والأردني، واليوم مصلحة الشعبين السوري والعراقي هي في فتح المعابر في أقرب وقت.
وبخصوص الوضع الحاصل في مناطق شرق الفرات والأداء الأميركي هناك، أكد المعلم أن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة بذريعة محاربة الإرهاب دمر مدينة الرقة بالكامل وقتل الآلاف من أبنائها بالغارات ونقل عناصر تنظيم داعش الإرهابي بقوافل محمية بالطيران الأميركي إلى شرق دير الزور، مشيراً إلى أن «الولايات المتحدة تحارب كل شيء في سورية إلا داعش بل هي تحميه، وتستثمر بإرهابها لإطالة أمد الأزمة. أخذت بقايا داعش من الرقة وغيرها ونقلتها كي تتوضع على الحدود السورية العراقية، كجزء من مخطط لإطالة أمد الأزمة وتهديد مصالح البلدين».
واعتبر المعلم أن الغارات الفوسفوية لـ«التحالف الدولي» المزعوم ضد داعش ليست جديدة وقد جرى استخدامها في الرقة ودير الزور وغيرهما، ومهما أنكر «البنتاغون» فإن الحقيقة واضحة للجميع، مجدداً التذكير بأن الفلول الداعشية تحظى برعاية أميركية، ربما لنقلهم في المستقبل إلى مكان آخر لأنهم يستثمرون في الإرهاب.
وبشأن الموقف من تنفيذ بنود «اتفاق سوتشي» الخاص بإدلب، بيّن المعلم أن «جبهة النصرة» أو «هيئة تحرير الشام» مدرجة على قائمة الإرهاب في الأمم المتحدة، وبالتالي لابد من استئصالها، لكن بسبب وجود مواطنين سوريين في إدلب لا ذنب لهم وجدت الدولة أن تحرير إدلب بالمصالحة أفضل من إراقة الدماء، وتأييدها ودعمها لاتفاق سوتشي حول إدلب جاء من باب الحرص على عدم إراقة الدماء، «لكن لا يمكن أن نسكت على استمرار الوضع الراهن في إدلب إذا ما رفضت جبهة النصرة الانصياع لهذا الاتفاق».
ولفت المعلم إلى أن «السوريين ناضلوا طوال السنوات السابقة من منطلق الحرص على قرارنا الوطني المستقل. مصالح سورية دائماً يقررها القرار الوطني المستقل النابع من الشعب والذي تتبناه القيادة، لذلك نستشير الحلفاء والأصدقاء ونتعاون بالتنسيق معهم لكن في نهاية المطاف القرار هو سوري سوري»، وقال: «يجب أن ننتظر ردة الفعل الروسية على ما يجري في إدلب، لأن روسيا تراقب وتتابع ومطلوب منها دوريات مشتركة في المنطقة العازلة، لذلك علينا أن ننتظر لكن في الوقت ذاته قواتنا المسلحة جاهزة في محيط إدلب».
وأكد المعلم، أن أي حديث عن «الفيدرالية» يخالف الدستور السوري، «ونحن كدولة نحترم الدستور ولا نستطيع مخالفته»، ولفت إلى أن على الأكراد تحديد ماذا سوف يقررون بشأن مستقبلهم؟ هل ما زالوا يراهنون على الدعم الأميركي أم تعلموا من دروس العقود الماضية عندما كانوا يتحالفون مع دول عظمى، وفجأة تتخلى عنهم هذه الدول؟ وأضاف: «عليهم أن يقرروا ما هو مستقبلهم وما إذا كانوا سيراهنون على واشنطن، نقول: إن أي محادثات ستكون مضيعة للوقت، وإذا قرروا العودة لحضن الوطن -وهذا هو الشكل الطبيعي- فالمحادثات ستكون مثمرة، وقرار الدولة السورية هو استعادة السيادة على كامل الأراضي السورية، وعلى الأكراد أن يقرروا العودة إما بالحوار أو بالوسائل الأخرى».
وبخصوص الإجراءات التي تقوم بها الميليشيات المدعومة من تركيا في مناطق سيطرتها شمالاً، اعتبر وزير الخارجية والمغتربين أن هذه الإجراءات تأتي في إطار الحرب النفسية، والدولة السورية لا تعترف بها ولا تقيم لها وزناً، وأكد أنه بعد إدلب هدف الدولة السورية شرق الفرات، «وعلى الإخوة هناك إن كانوا عشائر أو أكراداً أن يقرروا ماذا يريدون في المستقبل؟ لكن تحت شعار عودة السيادة السورية إلى كل الأراضي السورية، وهذا أمر لن نتخاذل بتنفيذه، إذا أرادوا الحوار فالحوار على أسس واضحة، هناك دستور وهناك قوانين تنظم العلاقة، وإذا لم يريدوا الحوار فهم يريدون شيئاً آخر، وأنصح الإخوة الأكراد، بأن لا يتوهموا بالرهان على الولايات المتحدة».
وأكد المعلم، أن سورية ما زالت تعتبر تركيا دولة غازية محتلة لأراضي السورية، لذلك «لا يمكن تخيل أن تشارك القوات المسلحة السورية مع القوات التركية في قتل شعبنا الكردي وهذا أمر خيالي. على الإخوة الأكراد أن يقرروا المستقبل الذي سيعيشون فيه، الدولة لن تقبل بالفيدرالية، وأي شيء يخالف الدستور السوري وموضوع شرق الفرات حيوي ولايمكن أن تتنازل عنه».
وبخصوص التصريحات الأوروبية التي تحدثت عن عدم إمكانية التوقيع مع الجانب السوري على اتفاقيات لأن سورية في حالة تفكك، وصف المعلم هذه التصريحات بـ«السخيفة، وعلى من يطلق مثل هذه التصريحات القدوم إلى سورية والاطلاع على الواقع على الأرض»، ولفت إلى أن سورية أصبحت أكثر أمناً بعد تزويدها بمنظومات «إس300»، وهذا من حق الشعب السوري أن يشعر بالأمان تجاه اعتداءات «إسرائيل» أو غيرها، مشيراً إلى أن سلاح «إس300» هو سلاح ردعي وليس هجومياً والسلاح الردعي سيؤدي إلى أمن واستقرار أكثر في المنطقة.
وجدد المعلم التأكيد على أن «السوريين لم يتغيروا، ومن تغير هم الآخرون، استنتج بعضهم ممن راهن على سقوط النظام بأن رهانه أخفق، وهو اليوم يعيد النظر في تفكيره وفي سلوكه، والبعض بقي صامتاً ووجد الفرصة في أن يتحدث الآن، والبعض آزر سورية لأنها صاحبة حق ووجد أن موقفها كان موقفاً عادلاً، لذلك سورية تمد يدها للجميع من باب الثقة بالنفس».
وختم المعلم حديثه بالقول: «نحن نعيش الآن ثمار بدء الانتصار ولا يمكن القول الانتصار كامل حتى نستعيد كل أراضينا في إدلب. وفي شمال حلب. وفي شرق الفرات. نستعيد السيادة السورية عليها كاملة، أما فتح المعابر فهذا شيء يخاطب مصالح الشعوب ونحن نعتقد أن من أجل تعزيز التنسيق السياسي يجب أن نلبي مصالح الشعوب».
بدوره، كشف وزير الخارجية العراقي عن محاولات عراقية لاستعادة الحوار بين الدول العربية، وأشار إلى أن العراق راغب بعودة سورية إلى البيت العربي في الجامعة العربية، وقال: «لا ينبغي ولا يستطيع أحد أن يهمش سورية، والسنوات الماضية أثبتت أن سورية قوية وملتحمة مع شعبها وهذا الدور نلعبه منذ مدة».
وأشار الجعفري إلى أن افتتاح المعابر سيكون وشيكاً حيث لم يعد يوجد أي سبب للتأخير، ولفت إلى أن المعابر ليست فقط جغرافية بل تحمل معالم حضارية واقتصادية وسياسية وحتى ديمغرافية تؤثر على السكان، لذلك الجهود صبت ولا تزال تصب من أجل فتح هذه المعابر لتدر على البلدين الخير.
وأمل الجعفري أن تشهد وتيرة التعامل مع سورية أرقى أنواع درجات الثقة، وهذا سيدر مزيد من الفوائد على البلدين، مشيراً إلى أن الظروف اختلفت اليوم وأصبحت أفضل، والعراقيون يكنّون لسورية كل التقدير والاحترام وتبذل كل الجهود لتعزيز الصف السوري العربي.
وشدد الجعفري على أن السيادة العراقية خط أحمر ومن غير المسموح لأي طرف المساس بها، مشيراً إلى أن العراق يرفض رفضاً قاطعاً محاولات عدد من الدول تزويد بعض الأطراف بالسلاح لزعزعة استقراره أو استقرار أي دولة في العالم، محذراً إياها من ارتداد سياساتها هذه عليها.
وأشار إلى أن ما يربط العراق بسورية ليس جزئياً وطارئاً، بل قديم وعريق وإستراتيجي وبعيد الأمد، ولا يوجد ما يعكر العلاقة الإستراتيجية بين البلدين، وأي اعتداء على أي دولة هو اعتداء على الجميع، مؤكداً أن العلاقة مع سورية ليست علاقة محجمة ومقتصرة على حكومة بعينها. فالعلاقة مع سورية ستبقى إستراتيجية إضافة إلى وجود مصلحة مشتركة وهذا تحول إلى مسألة اقتصادية ومجتمعية، والعلاقة مع سورية تمتد بامتداد المصالح الاقتصادية والاجتماعية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن