الأولى

الذئاب تأكل الذئاب

| نبيه البرجي

قلنا، الذين أهالوا الذهب على قدمي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ذات يوم لن يجدوا من يهيل عليهم التراب.
الآن، الذئاب تأكل الذئاب، إن بالطرابيش العثمانية أم بقبعات رعاة البقر أو بالكوفيات الملكية. كل ما بنوه إنما بنوه على الرمل، بل على الدم، ولقد دقت ساعة… جهنم!
كلام في واشنطن عن «الدونكيشوت الذي أشعل النار في ثيابه». لاحظتم أي سيناريوات وضعت من أجل قتل سورية.
الأبواق التي نفخوا فيها، الأسلحة التي استخدموها، الأموال التي نثروها، أكثر من مرة تحدثنا عن رقصة التانغو مع العدم.
أن تعقد الغطرسة قرانها على البلاهة. تأملوا جيداً في المشهد، العراة في وسط الحلبة يفتشون عن مأوى ولو في… ورقة التوت.
حتى اللحظة الأخيرة، حتى الرمق الأخير، رهان على دونالد ترامب كما لو أنه دراكولا، بالأنياب البشعة، يعبث بدماء ذلك النوع من الضحايا.
حيال تلك الضوضاء التي أضاءت الفضيحة، بل أماطت اللثام عن ثقافة الأقبية، وثقافة القبور، التي ترعرعوا عليها، نسأل لماذا قام جاريد كوشنر، سفيرهم في البيت الأبيض كما لدى حائط المبكى، بزيارة تل أبيب سراً قبل أن يتوجه إلى الرياض؟ أي أفكار حملها من جون بولتون، ودنيس روس، وإليوت أبرامز، من أجل لملمة عظام «الحليف المقدس» وهي ملقاة في العراء؟
كم سخر يوسي كوهين رئيس الموساد، وهو يتابع ما حدث في القنصلية، وما أعقب ذلك من موكب (كرنفال) للسيارات السوداء الفارهة، فقط ليفاخروا: نحن القتلة!
هذا مع أن كوكبة من ضباط الاستخبارات أنفسهم تدربوا في إسرائيل على ما يدعونه بالعمليات الصاعقة أو بالعمليات المستحيلة.
كما يقتل الأميركيون الدمى، يقتلون هم الدمى، أحدهم في باريس قال في وصف الحالة «لكأنه الديناصور يسند ظهره إلى… الريح».
لم يتعلموا شيئاً من رهانهم السيزيفي الذي سقط تحت أحذية السوريين، لم يلاحظوا، وهم يتقيؤون المال، أن الآخرين من يطفون على السطح ليبقوا هم في القاع.
أولئك الذين أنفقوا وأنفقوا، من دون أن يعثروا في القرن على موطئ قدم لذبابة. منذ ثلاثة عقود، حدثنا الكاتب السياسي الفرنسي أندريه فونتين عن «القطع الأثرية الرثة التي طالما عملت لتحطيم الزمن في الشرق الأوسط بتلك الإيديولوجيات التي لا تليق حتى بالقردة».
كل هذا من أجل البقاء، جاهر بذلك دونالد ترامب، لماذا الإصرار على تعريتهم إلى هذا الحد؟ الآن، الساعة، الساعة، لكي يضع عباءاتهم، لحاهم، في سوق النخاسة.
يفترض أن نكتب بغضب، أن نصرخ بغضب. كل تلك المليارات، كل تلك التريليونات، تدفع جزية للإمبراطور الذي ينتظر جثتهم، بقهقهات مصاص الدماء على ضفة النهر.
الآن يعدهم بغسل أيديهم من الفضيحة. لا تصدقوا الكلام عن «العقاب الشديد». لا مشكلة عند دونالد ترامب أن يقتلوا أحد قهرمانات البلاط. إذاً، كل ذلك الضجيج من أجل أن تدفع الجثة ثمن… الجثة.
الاتصالات المكوكية بين اللاعبين على المسرح، تحت المسرح، لصياغة خطط، ومندرجات، الصفقة، صاحب السمو تمنى على جاريد كوشنر الطلب من بنيامين نتنياهو أن يفعل أي شيء، أي شيء.
مئة مليار دولار لإسرائيل هدية من مال العرب، ومن دم العرب. نتنياهو الذي يبيعهم، الذي يشتريهم، بثلاثين قطعة من… التنك.
أليس من الطبيعي، والكوفيات تتساقط عن الرؤوس، أن يصابوا بالجنون، جنون الغباء أم عبقرية الغباء؟
الذين تقيؤوا المال. هم أنفسهم الذين يتقيؤون… الدم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن