ثقافة وفن

نظريات متباينة في العلاقات الدولية … العلاقات الدولية تعمل لردم الفجوة بين ما هو فعلي وما هو مرغوب فيه

| سوسن صيداوي

صدر حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب، كتاب (نظريات متباينة في العلاقات الدولية من المثالية إلى العولمة)، تأليف: د. كميل حبيب، نقله إلى العربية:د. عبد الفتاح عمورة.
يستعرض هذا الكتاب، بطريقة مكثفة، نظريات العلاقات الدولية، التي تتسم بالتباين والتعدد لأسباب تاريخية وجغرافية وسياسية، وهذه تتغير باستمرار، الأمر الذي يجعل هذا المجال موضوع دراسات تضيف مفاهيم جديدة إلى مخزونه القديم قدم الدولة في تاريخ البشرية.

تضع هذه الدراسة مادة جديدة بين أيدي الباحثين وصنّاع القرار لاتخاذ مواقف تلبي متطلبات الواقع الذي يشهد حركة استثنائية بفعل الثورة العلمية التكنولوجية في طورها الثالث، وبفعل العولمة التي تضفي على العلاقات الدولية مسحة جديدة غير مألوفة لأنها تمس الأسس الجوهرية التي تقوم عليها.
وأخيراً تجدر الإشارة إلى أن عدد صفحات الكتاب 167 صفحة من القطع الكبير، ويتضمن خمسة فصول: طبيعة النظام الدولي، قضايا الحرب والسلم، دراسة التنمية، والاقتصاد العالميين.

في الطبعة الإنكليزية
في تقديم الكتاب بطبعته الإنكليزية اعتبر بول سالم أن جهد د. حبيب هو جهد مقدر لإبطاء سرعة الاندفاعات نحو ذلك المسار الخطر، كما يشكل العمل نداء بأن نصغي إلى تلك العقول العظيمة التي تعاملت مع المأزق العالمي الذي يواجهنا من أجل استخلاص دروس رصينة، مضيفاً: «أنا واحد من كثيرين أتقدم بالشكر له على هذا الجهد، وإني على ثقة أن هذا الكتاب سوف يشغل جميع القراء الذين يضعون المستقبل الخطر للنظام الدولي في قمة اهتماماتهم».

هدف البحث حسب المؤلف
ذكر د. كميل حبيب في مقدمته أن الهدف من بحثه هذا «هو رسم حدود النزاعات والاتجاهات الأساسية لعمل نظري معاصر حول العلاقات الدولية في سياق الواقعية والعولمة وفي هذا المجال سيدور النقاش حول عدد من المسائل التي تهم منظري العلاقات الدولية». مضيفاً: إن مجال العلاقات الدولية الذي كان موجوداً ذات مرة ومرتبطاً بالفرضيات الأساسية التي تتعلق بمسائل الحرب والسلم، قد تشظى بشكل متنام، ما يعني أن نظرية العلاقات الدولية قد تبعثرت إلى مجموعات من التخصص، وأن فهمها يتطلب دراسة معمقة للحوار بين الطوباوية والواقعية الجديدة؛ إضافة إلى تفحص ودراسة الجدل بين المقاربات التقليدية والسلوكية». هذا ويضيف في سياق عملي أكثر يعتبر الطوباويون أن الحقوق والالتزامات القانونية الدولية تمثل التناغم والانسجام الطبيعي مع المصالح الوطنية، ويركزون على دور العقل في الشؤون الإنسانية كمنظم لصون وحماية السلم العالمي. من جهة أخرى يركز الواقعيون على العقلانية والقوة والحاجة إلى قوة عسكرية لدعم الدبلوماسية والأمن العالميين. متابعا أنه «بالنسبة للواقعيين فإن النظام الدولي هو نظام يستند إلى دولة الأمة على أنها أساس جميع العلاقات الدولية. على أي حال تم تحدي هذه النظرة التقليدية عن السياسة العالمية عبر سنوات عديدة من خلال بروز بيئة جديدة من الاعتمادية الاقتصادية العالمية المتبادلة. وفي حقيقة الأمر ساعد النمو الدراماتيكي لوسائل النقل والاتصالات وتبادل السلع والبضائع والأموال والأفكار في خلق درجة لم يسبق لها مثيل من الترابطية المتبادلة والاعتماد المتبادل والاندماج العالمي بين المجتمعات. نتيجة لذلك أصبح العديد من المعلقين والناقدين مقتنعين بحقيقة أن العالم الآخذ بالانكماش قد تجاوز بكل تأكيد القوى القومية. بالنسبة لهم فإن قوى القومية هي بكل بساطة آخذة بالتراجع كظاهرة دولية، وأن دولة الأمة قد أصبحت صغيرة جداً بالنسبة لمشكلات الحياة اليومية، وكبيرة جداً بالنسبة إلى المشكلات الصغيرة».

المقاربة التقليدية أو العلمية
يعتبر د. حبيب أنه من المضلل أن يتم رسم تمييز دقيق بين المقاربات التقليدية وبين ما يسمى المقاربة العلمية، وأن الشكوك حول قدرة أي من المقاربة التقليدية أو العلمية في تطوير نظرية عامة يمكن اعتمادها بأن لها صوابية وصلاحية أساسية «وأيضاً أرضية خصبة لفتح حدود جديدة للبحث إلى نوع من تلاشي النقاش. ربما يؤكد الاختلاف بين الطريقتين وإلى درجات متفاوتة، على التفاوت بين القانون والنظرية. في حقيقة الأمر-وفقط مؤخرا-بدأ التمييز بين النظرية، وبشكل خاص في دراسة العلاقات الدولية، وبين القانون. الفرق بين القانون والنظرية يمكن أن يشبه الفرق ذاته بين المتغيرات أو الأحداث، ولكن يجب أن يشتمل أيضاً على عناصر التنبؤ. من المتوقع أن يعمل منظرو العلاقات الدولية ضمن هيكلية قابلة للإدارة تمكنهم من إدراك الأحداث من خلال ما يحدث، ولماذا حدث، وما أهميتها في التطورات المستقبلية؟ إن هذا في غاية الأهمية لأن الشؤون العالمية الراهنة لا يمكن دراستها وتفحصها بمعزل عن الأحداث السابقة. وبطريقة ما فإنه من المتوقع من نظرية العلاقات الدولية أن تجسر الفجوة بين ما هو فعلي وما هو مرغوب فيه».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن