ثقافة وفن

الساعون إلى المجد

| د. اسكندر لوقــا

ليس صعباً فقط بل من المستحيل أن يتمكن أحدنا من إحصاء أعداد الساعين إلى المجد. إن كلا من الساعين إلى المجد يختار لنفسه درباً بغية الوصول إلى مجده، ولهذا الاعتبار تندرج حتى إمكانية معرفة الأساليب المتبعة لتحقيق هذا الغرض تحت عنوان المستحيل.
إن شيئاً من هذا السعي قد لا يعد من الأمور القبيحة أو غير المستحبة، أو المرفوضة كلياً في حياة المرء، ولكن الدرب إذا كان مستقيماً أو ملتوياً هو الذي يوضح الاستحسان أو الاستهجان، بحسب القيم الموروثة أو الراهنة في المجتمع المعني بمثل هذه الأمور. فثمة من يلجأ إلى مجده عن طريق الجهد، فينال التقدير والاستحسان، وثمة من يلجأ إلى مجده بأي وسيلة يستطيع اقتناصها بطريقة أو بأخرى، ومهما كان نوعها، وصولاً إلى غايته، أي بأقصر الطرق وفي أقل وقت، ويكون الاستهجان من نصيبه، وبذلك يكون الدرب هو المؤشر والدليل على الصواب أو الخطأ. وكثيراً ما يوصف السعي من النوع الثاني بالانتهازية. والانتهازي، كما نعلم، لا يعنيه كيف أو من أين عليه أن يبدأ، لأن الأهم لديه أن يحقق مأربه وكفى.
في الحالات العادية قد يبدو السعي باتجاه المجد طبيعياً بل موضوعياً، لعلاقته بتكوين الإنسان، الذي يسعى منذ نعومة أظفاره إلى إثبات وجوده في البيئة التي هو منها، وذلك من خلال قبوله أو رفضه لما هو حوله من مغريات ونقيضها. وهذا دليل بداية الوعي لدى الكائن البشري في كل الأحوال وبالتالي دليل القدرة على اختيار ما هو مناسب أو غير مناسب.
وفي سياق هذه المعادلة، تكون عملية سعي المرء إلى مجده ليست سهلة لأن سبيله إليه لن يكون خالياً من العقبات، ويقد يكون من الصعب تجاوزها إلى ما يشتهى، وتكون الخسارة غير المتوقعة أحياناً. من هنا القول بأن يكون الدرب واضحاً منذ لحظة الاختيار، وليس على حد قول البعض: إن كل الطرق تقود إلى روما.
إن الدرب الذي يختاره أحدنا وصولاً إلى ما يريد تحقيقه، هو الذي يوصلنا أو لا يوصلنا في نهاية المطاف إلى ما يريد. وهنا يأتي دور الوعي بمعنى قراءة الظرف الذي يواجهه أحدنا في حياته عبوراً إلى مجده الشخصي جيداً، وبكل أشكاله حتى المتواضعة منها كالنجاح في امتحان شكلي أو تخطي حفرة لا تشكل عائقاً في دربه على سبيل المثــال.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن