من دفتر الوطن

لماذا لا يعتذر المسؤولون؟

| عبد الفتاح العوض

إذا كان الاعتراف بالخطأ فضيلة، فإن الاعتذار عنه فضيلة أكبر، لكن المشكلة أننا نادراً ما نعترف بأخطائنا ولا نقر بأن الكثير من الأخطاء التي نرتكبها يسبب أذى للآخرين.
لاشك بأننا مجتمع يعاني نقصاً حاداً في ثقافة الاعتذار وسبب ذلك أننا نعتبر الاعتذار حالة ضعف، وأكثر من ذلك نعتبره إهانة ونقصاً، ونادراً ما يقدم أحدنا على تقديم الاعتذار إلا ذلك الذي يمر على ألسنتنا عرضاً في تلك المواقف السطحية التي يكون فيها الاعتذار مجاملة عامة لا أكثر ولا أقل.
لكن ما أريد أن أتحدث عنه هنا ليس تلك الاعتذارات التي تحدث بين الناس في حياتهم الاجتماعية وإن كانت جزءاً لا يتجزأ من ثقافة المجتمع، إلا أنها تبقى محصورة في التعامل الإنساني الذي يعبر عن المجتمع وطريقة تفكيره، بل القصة هنا عن عدم وجود حالة لاعتذار المسؤولين عن الأخطاء التي يرتكبونها بحق مواطنيهم.
من سمع مسؤولاً سورياً يعتذر للمواطنين عن خطأ ارتكبه؟
لدينا عدة احتمالات لذلك.. أولها أن المسؤول لا يخطئ وهو منزه عن الخطأ، ومن ثم فلا حاجة للاعتذار لأنه لا يوجد خطأ يعتذر عنه!
مثل هذه الاحتمال غير متوافر مطلقاً لسبب بسيط أن المسؤولين ليسوا إلّا بشراً فإنهم معرضون للخطأ بشكل أو بآخر ومن يعمل يخطئ ومن لا يعمل لا يخطئ! لكن بعض المسؤولين يظنون أنهم بلا أخطاء أو يظنون أنهم إن اعترفوا بأنهم على خطأ فإنه يشوه صورتهم الجميلة.
الاحتمال الثاني: وهنا أشدد عليه كثيراً أنهم لا يقيمون اهتماماً للمواطنين.. رضوا أم لم يرضوا بالاعتذارات التي يقدمونها ليس للشعب بل بالاتجاه الأعلى، وهذه الاعتذارات لا تأتي على شكل اعتذار بمعنى اعتراف بالخطأ بل تسويغ الخطأ وإيجاد الأعذار التي لا تجعل منه خطأ.
المسؤول بل أخطاء الآخرين بل ربما أخطاء الطبيعة!
فكرة اعتذار المسؤول لها خصوصية، فليس هو مجرد اعتذار… بل اعتراف بالخطأ أولاً ووعد بتصحيحه ثانياً والتزام بعدم تكراره ثالثاً.
من هنا فإن اعتذار المسؤول من مواطنيه ليس مجاملة اجتماعية، بل هو عمل مؤسساتي راقٍ.
أريد أن أذكركم هنا أنني أتحدث فقط عن الاعتذار ولا أتحدث عن «الاستقالة».
نريد هذا الحد من الاعتراف بالخطأ الذي يعبر عن احترام المواطن الذي يتأذى من تقصير وإهمال وقرارات خاطئة تؤثر في حياة الناس بشكل أو بآخر.
كما أنه ليس لدينا عادة أن يطالب المواطن بتعويضات عن الضرر الذي يلحق به جراء أخطاء جهات عامة أو خاصة حتى في الأخطاء الطبية التي تحدث في بعض مشافينا فإنها تمر في معظم الأحيان بلا عقاب للمخطئ، وقس على ذلك في كثير من المجالات التي يكون فيها المواطن ضحية أخطاء الآخرين.
ما نريده هو الحد الأدنى، أن يعترف المسؤول عن الخطأ ثم يعتذر عنه بحيث يكون هذا الاعتذار وعداً بإصلاح الخطأ وعدم تكراره.
عندما يخطئ المواطن فإنه يدفع غرامات جراء أخطائه ولو أوقف سيارته في مكان ممنوع.. أو تأخر بدفع فاتورة الكهرباء أو أقام مخالفة بناء.
دعونا نعتبر غرامة خطأ المسؤول مجرد كلمة آسف سيدي المواطن.

أقوال:
الاعتذار هو العطر الجميل الذي يحول أكثر اللحظات حماقة إلى هدية جميلة.
الأعذار السيئة أسوأ من عدمها.
الشيطان في سعيه لتحقيق مآربه قد يلجأ لترتيل الكتاب المقدس.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن