ثقافة وفن

انطلاق فعاليات مهرجان دمشق الثقافي … معاون وزير الثقافة: دمشق ظلت طوال سنوات الحرب تضيء مثل شمعة باهرة

| وائل العدس – تصوير طارق السعدوني

افتتحت مساء الإثنين الماضي فعاليات مهرجان دمشق الثقافي في مسرح مجمع دمر ويستمر لغاية السابع والعشرين من الشهر الجاري ويتضمن فعاليات ثقافية وفنية وأدبية منوعة إضافة إلى معارض تشكيلية.
وتضمن حفل الافتتاح تكريم عدد من الشخصيات تقديراً لعطائهم الأدبي والفكري وهم الفنان المسرحي زهير العربي والفنانة التشكيلية هالة مهايني ورئيسة جمعية أصدقاء دمشق أمل محاسن والناقد موسى الخوري والباحث محمد مروان مراد والباحثة الموسيقية إلهام أبو السعود والقاصة والشاعرة سوسن رضوان والباحث بهجت قبيسي والفنان التشكيلي نبيل السمان.
وقدمت فرقة آرام للمسرح الراقص خلال حفل الافتتاح بقيادة نبال بشير فقرات فنية راقصة على وقع موسيقا لأغان تراثية دمشقية منها /لو لا لي/ و/زينوا المرجة/، إضافة إلى أغنية عن دمشق تناولت تراثها الغني وطقوسها الفريدة وأنها مهد الديانات والحضارات، وأغنية للجيش العربي السوري بعنوان /يا هلا بجنود جيشك سورية/.

معارض متنوعة
وافتتحت ضمن المهرجان معارض متنوعة في صالة المعارض بدار الأسد للثقافة والفنون شملت معرضاً للهيئة العامة السورية للكتاب ضم 1000 عنوان من إصدارات الهيئة التي تعود لعام 2009 ولغاية الآن بحسم يصل إلى خمسين بالمئة.
وحضرت المديرية العامة للآثار والمتاحف عبر ثلاثة معارض الأول بعنوان /الآثار المستردة/ وتضمن 500 قطعة أثرية تعود لحقب تمتد من الألف العاشر قبل الميلاد وحتى العصور الإسلامية المتأخرة وتشمل لقى معدنية وفخارية وزجاجية وتماثيل استردت بفضل الجيش العربي السوري والجهات المختصة وتعاون المجتمع المحلي.
أما المعرض الثاني فكان مخصصاً للصور الضوئية التي بينت حجم الاعتداءات الإرهابية التي لحقت ببعض الممتلكات الثقافية السورية والمواقع الأثرية والتاريخية إضافة لقطع أثرية تدمرية خضعت للترميم من خبراء الآثار في المديرية ومنها التمثالان النصفيان وأسد اللات.
واحتوى المعرض الثالث كتباً ومنشورات صدرت عن مديرية الآثار منذ عام 2010 وتطرقت لمواضيع عدة من المدافن والطقوس الجنائزية والحوليات الأثرية السورية على حين قدمت المنشورات لمحة من آثار سورية في العصور القديمة والحقبة الكلاسيكية وممالكها القديمة كماري وما تفرد به السوريون كالفخار.
كما نظمت مديرية ثقافة الطفل معرض نتاج أعمال الأطفال واليافعين تضمن ورشات عمل فنون تراثية يدوية ورسومات إضافة إلى أشغال يدوية وتطريزات وأوان للزينة.

واقعة تاريخية
وفي كلمة خلال الافتتاح عبّر معاون وزير الثقافة توفيق الإمام عن الأهمية الخاصة لمهرجان دمشق وقال: ليس لأنه يقام في أقدم المدن وأعرقها، وليس لأن هذه المهرجانات الثقافية المكرسة لكل محافظات بلدنا غدت جزءاً من هوية وزارة الثقافة وأساساً لفعالياتها الثقافية، أقول ليس لهذا فحسب، وإنما أيضاً لأن دمشق ظلت طوال سنوات الحرب تضيء مثل شمعة باهرة، تمنح الضوء والأمل لكل وطننا وشعبنا السوري. فهي لم تتوقف يوماً عن الرسم والكتابة والغناء والاحتفاء بكل إبداع أصيل رغم القذائف الغادرة التي كانت تتساقط عليها. والآن ها هي تستعيد ألقها مجدداً بعد أن دحرت العصابات الإرهابية وطردتها من محيطها، مثلما دحرت وطردت قبل ذلك الغزاة الذين مروا على أرضها عبر آلاف السنين الماضية.. نعم لقد دحرت وطردت الرومان والمغول والصليبيين والأتراك والفرنسيين ومأجوري الفكر الظلامي، وستظل تدحر وتطرد كل من تسول له نفسه الاعتداء عليها.
واستحضر الإمام واقعة تاريخية في كلمته وتحدث: عند دخول الفرنسيين دمشق كانت حكومة علاء الدين الدروبي في الحكم، وكان فارس الخوري وزيراً فيها. وقد أقيمت مأدبة لغورو في قصر المهاجرين، وقال غورو أثناء المأدبة ساخراً: أهذا هو القصر الذي كان يسكنه الملك فيصل؟ فأجابه فارس الخوري: «نعم يا صاحب الفخامة. هذا هو القصر الذي سكنه الملك فيصل وقد بناه والٍ عثماني اسمه ناظم باشا. ثم حل فيه جمال باشا، ثم الجنرال اللنبي، ثم فيصل، والآن تحلون فخامتكم، وجميع الذين ذكرتهم أكلنا معهم في القاعة نفسها وكلهم رحلوا وبقي القصر وبقينا نحن». يقال إنه بعد أن ختم فارس الخوري كلامه وجم الجميع. وقال الشيخ تاج الدين الحسيني لفارس بعد المأدبة: «هذا اليوم أنت قد انتحرت سياسياً ولن تقوم لك قائمة مع الفرنسيين». فأجابه فارس: «وأنا أيضاً لا أرغب بأن تقوم لي قائمة، وإنما هي معركة قد ابتدأت وستنتهي فقط عندما يرحل الفرنسيون». وقد رحل الفرنسيون مثلما رحل بقية الغزاة قبلهم.
وتابع الإمام: إن الغزاة لا يُدحرون ويُطردون من تلقاء أنفسهم، بل لا بد من جيش وطني باسل وشعب أبيّ عزيز يقوم بهذه المأثرة، مأثرة الدفاع عن الوطن وحماية استقلاله ووحدة أراضيه. وقد كان جيشنا العربي السوري البطل مثالاً باهراً للجيش الحارس الأمين على أمن وطننا وسلامته، وكان شعبنا مثالاً في الالتفاف حول جيشه وقيادته من أجل درء الأخطار التي تعرضنا لها عبر سنوات ثمان، وكان مثالا في التضحية والإخلاص ويقظة الوعي.. وإننا ندين، نحن المثقفين السوريين، كتاباً وفنانين، لجنودنا البواسل، لصمودهم وتفانيهم، في كل ما استطعنا تحقيقه من أفلام وعروض مسرحية وحفلات موسيقية ولوحات ومنحوتات وأغانٍ وقصائد خلال سنوات الحرب الماضية، مثلما ندين لهم جميعاً، مثقفين وغير مثقفين، بأنهم حموا مستقبل أطفالنا وصانوا كرامتنا، وكانوا على العهد دائماً باقين، عهد الدفاع عن الشعب والوطن.. وإلى هؤلاء الجنود الأبرار، أبنائنا وإخوتنا، كل تحية واحترام، وللشهداء منهم وقفة إجلال وإكبار.

امتنان وعرفان
وختم الإمام بالقول: أتقدم بأسمى آيات الامتنان والعرفان لقائد جيشنا ودولتنا، وربان سفينتنا، السيد الرئيس بشار الأسد صانع انتصارنا وحامي أرضنا. لقد كان السيد الرئيس، خلال كل سنوات الحرب الشرسة التي تشن على بلدنا، وفي أصعب اللحظات والمنعطفات، لا يني يسأل عن هذه القضية الثقافية أو تلك، هذا المعرض أو ذاك الفيلم، ويصغي إلى الأجوبة التي تقدم له بكل اهتمام. سيدي الرئيس، شكراً لك من القلب على كل ما قدمته وتقدمه لازدهار الثقافة في بلدنا، وبوركت خطاك وسدد اللـه سعيك.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن