ثقافة وفن

الجوائز كلها من كعبي ونازل ومن دون تواضع … غسان مسعود لـ«الوطن»: لم أجد نفسي في الدراما المشتركة.. ولم أختر السينما بل هي اختارتني

| وائل العدس

يمتاز النجم السوري غسان مسعود بأسلوب تمثيلي فريد من نوعه لا يستطيع مجاراته فيه أحد، وهو ممثل مسرحي وسينمائي وتلفزيوني، قدم الكثير من الأعمال الناجحة في المسرح والتلفزيون والسينما السورية والعالمية، إضافة إلى عمله الإخراجي المميز.
ويعد مسعود من الفنانين العرب العالميين المشاركين في أدوار بطولة في أفلام عالمية منها «Kingdom of Heaven» و« Exodus: Gods and Kings» و« All the Money in the World»، كما يعتبر من أكثر الممثلين العرب حصداً للجوائز من دول عربية وعالمية.
شارك في الدراما بما يقرب من مئة مسلسل، منها «شجرة النارنج» و«أخوة التراب» و«ذي قار» و«الحجاج» و«ذكريات الزمن القادم» و«أشواك ناعمة» و«فنجان الدم» و«أبواب الغيم» و«رايات الحق» و«عمر» و«ياسمين عتيق» و«بانتظار الياسمين» و«ترجمان الأشواق».
الفنان القدير غسان مسعود حل ضيفاً على «الوطن» من خلال الحوار التالي:
افتتحت موسمك الدرامي عبر خماسية من مسلسل «عن الهوى والهوى» حدثنا عنها.
تتحدث الخماسية عن امرأة تصاب بمرض الزهايمر، ونشاهد خلالها كيفية رعاية واهتمام زوجها «الذي ألعب شخصيته» بها عبر تذكيرها بقصة حبهما السابقة التي نشأت منذ أكثر من ثلاثين عاماً.

أنت معروف بدقة وانتقائية اختياراتك، فما الذي دعاك إلى المشاركة في هذا العمل؟
ما يميز خماسية «لحظات» هو النص، فعندما قرأته جذبني جداً وأحببته على اعتباره يتناول قصة إنسانية رائعة بين رجل وامرأة بزمنين مختلفين عندما كانا في سن الشباب ولاحقاً عندما كبرا في السن.
كما أني شممت في الخماسية رائحة رواية «بيت الأشباح» للروائية الشهيرة إيزابيل الليندي، بما تحمله من عمق ودفء وإنسانية.
كل هذه العناصر جذبتني، إضافة إلى رغبتي في لقاء المخرج فادي سليم الذي سمعت عنه كثيراً لكني لم ألتق به سابقاً، فأحببت رؤية عمله عن قرب كنوع من الفضول، فوجدته إنساناً شغوفاً وموهوباً ولديه رغبة كبيرة في العطاء وخاصة أنه يكتب لنفسه، وهذا الأمر لا نصادفه كل يوم. وباعتبار أن قلمه ذكي قلت لا بد أن يكون خياله الإخراجي ذكياً أيضاً.
وتكمن حرفيته بأنه اقتبس القصة عن فيلم أجنبي واستطاع أن يحولها بطريقة تتناسب مع صميم المجتمع السوري عن طريق بناء خطين هما التاريخي والمعاصر وهو تاريخ الشخصيتين التي تدور حولهما القصة.
الجميل في العمل أن النص محبوك درامياً بطريقة جميلة جداً، والقصة اجتماعية إنسانية عميقة جداً تبتعد عما يوجع الناس وما تسبب لهم بكابوس، وهو الكابوس الذي عاشوه في سورية أو عاشته البلدان العربية التي تعرضت لحروب وأزمات.
لم يسبق أن تم التطرق إلى هذه الحكاية بهذه الطريقة والتفاصيل، وقد نفتقد هذا الأمر حالياً في الدراما السورية.

المرحلة العمرية المبكرة لشخصيتك لعبها ابنك «السدير»؟
ربما من الصعب جداً أن نجد شخصاً قريب الشبه مني أكثر من ابني، ولو أنه أجمل مني «ضاحكاً».
المرحلة العمرية الأولى لعبها ابني «سدير» وهي مرحلة صعبة وليست بالسهلة أبداً، وحقيقة لا أعرف النتائج كيف بدت وأتمنى أن يوفق بما قدمه.

قبل البدء بالتصوير، هل تم التنسيق بينكما؟
نعم تحدثنا حول كيفية تناول هذه الشخصية وخاصة بمرحلة الشباب، وعموماً «السدير» يراقبني تماماً ويراقب سلوكي العام الذي أصنعه، وقد استفاد من الأمر وسرق مني سرقة شرعية.
والمخرج أراد أن يخلق نوعاً من المطابقة بالمزاج في بعض المشاهد، فمثلاً عندما تغضب الشخصية فإن ردة فعلها وهي شابة نفس ردة فعلها عندما تكبر، أي إنها تلجأ إلى منظومة حركية قد تكون مطابقة في المرحلتين العمريتين.

تلعب بطولة العمل أيضاً القديرة منى واصف.
سعيد جداً بوجود كبيرتنا منى واصف والفنانة مرح جبر، إضافة لوجود مجموعة شباب «كتير ظراف»، وأنا شخصياً لا أفترض أبداً منطق «صراع الأجيال» وإنما أفترض منطق تكامل الأجيال.

سينمائياً تصور مشاهدك في فيلم «توميريس» في كازاخستان، حدثنا عن هذه التجربة.
منذ أن قرأتُ النص أغرتني هذه التجربة للغاية لأنها مأخوذة عن أسطورة «هيرودت» الإغريقية، ويتحدث الفيلم عن سيدة السهوب «توميريس» التي لها رمزية عالية لدى قبائل السهوب وجمهوريات أوراسيا وصراعها مع ملك ملوك فارس «كوروش».
في ذلك الزمان قبل 600 عام قبل الميلاد كان «كوروش» يسيطر على نصف العالم القديم وكان عليه أن يخضع قبائل السهوب فيقرر إخضاعها عبر زواجه من «توميريس» فيقتل زوجها وابنها ويعرض عليها الزواج كي يوحد تلك القبائل وكل تلك المنطقة، لكنها ترفض وتتمرد عليه فتنشب معركة كبيرة بينهما وتهزمه.
تاريخياً لم تهزمه، لكن «توميريس» في كازاخستان وما يجاورها من الدول تعتبر رمزاً تاريخياً كبيراً جداً، والمنتجون هناك لا يريدون لها برمزيتها وعظمتها أن تهزم.
وحقيقة أنا راض جداً عن هذه التجربة وآمل وأحلم أن تأتي النتائج بما ينسجم مع ما أفكر به.

ما الصعوبات التي واجهتك في هذا الفيلم؟
أكثر صعوبة واجهتني هي تكلم فريق العمل باللغة الروسية أو القزقية أو لغات محلية أخرى لا أجيد التحدث بها، فكان لا بد من مترجم يفهم تلك اللغة، علماً أنني تحدثت في الفيلم باللغة الإنكليزية.
لاحقاً سيدبلج الفيلم إلى الروسية، وبعدها سيترجم إلى عدة لغات عندما يسوق الفيلم عالمياً.

تترقب الآن عرض فيلم «الاعتراف»، حدثنا عن شخصيتك في العمل.
لعبت شخصية «أبو جاد»، وهو رجل يعيش في منطقة ريفية، يشهد على أحداث حقبتين زمنيتين من تاريخ سورية المعاصر: مطلع ثمانينيات القرن الماضي والحرب التي تواجهها سورية اليوم.
يقوم «أبو جاد» عندما كان شاباً بواجبه الوطني ويؤدي خدمته العسكرية شأنه شأن أي مواطن سوري، وينتمي إلى جيل يفهم معنى الوطن بطريقة مغايره عما يسود حالياً من ترويج لمفاهيم وطنية.
يضع القدر خلال فترة الثمانينيات في طريقه امرأة غريبة «نهلة/ديمة قندلفت» وهي امرأة عانت ظلم زوجها المنضم إلى تنظيم الإخوان المسلمين آنذاك.

تعاونت سينمائياً للمرة الأولى مع المخرج باسل الخطيب حدثنا عن هذه التشاركية.
سعدتُ جداً بهذه التجربة، ووجدت أن هناك تقاطعاً بيني وبينه من جهة ماذا نريد أن نقدم وكيفية مقاربته فنياً وثقافياً، تحمست كثيراً للصيغة والمادة النصية التي كتبها كونها تطرح المواضيع عبر حكاية اجتماعية محكومة بقدريات معينة تلتقي مع واقع هذا البلد والأسرة التي عاشت الشخصية زمنها في المرحلتين، وعلى المستوى الفكري والوطني والاجتماعي والثقافي وجدت أن السيناريو يقدم أفكاراً راهنة وجوهرية كي يتبناها الإنسان ويعمل على تقديمها عبر فيلم سينمائي.

علمنا أن هناك العديد من المشاريع التلفزيونية التي تقرأ نصها، على أي عمل استقررت؟
هناك مشاريع مطروحة مهمة للغاية منها «الحلاج» ومشاريع أخرى خارج سورية، والنقاش قائم ومفتوح مع شركات الإنتاج وأنا أقرأ النصوص، وحتى الآن لم أستقر على أي عمل، لكن الشخصيات كلها مغرية وضرورية وأتمنى أن أقدمها ومن سأتفق معه لا أعرف حتى الآن.
عموماً لا أحب الترويج أو الإعلان عن أي عمل لم أوقع عقده، وأنا أشتغل على قاعدة جدتي التي تقول: «لا تقول فول ليصير بالمكيول» ضاحكاً.

تمتلك شغفاً سينمائياً كبيراً بعد تاريخ طويل.
سأقول لك شيئاً قد يفاجئك، أنا لم أختر السينما بل هي من اختارتني، قد تبدو الفكرة غريبة لكن بالفعل هي التي اختارتني.
فجميع العروض الجيدة التي قدمت لي تاريخياً كانت عبر السينما أكثر من التلفزيون أو من أي مكان آخر فوجدت نفسي بجانب السينما أكثر من التلفزيون، وعموماً أنا تاريخي الشخصي مسرحي وبعدها جاءت السينما لتكون مع المسرح أكثر من التلفزيون، وبناء عليه فإن السينما قدمت لي عروضاً مغرية أفضل بكثير من التلفزيون.
عموماً أنت مقل بأعمالك التلفزيونية فما السبب؟
الله سبحانه وتعالى وضع عندي قناعة ولم يخلق لديّ التهافت تجاه المال، في العموم العالم تشتغل في التلفزيون ليلاً ونهاراً من أجل تكديس الأموال، أما أنا فأشعر بأنه عندما نأكل ونشرب بكرامة أنا وأهل بيتي فهذا يكفيني.
أما سينمائياً.. لو عُرض عليّ عمل سينمائي جيد كل يوم فسأقدمه.

أين غسان مسعود من الدراما العربية المشتركة اليوم؟
حتى اليوم لم أجد نفسي فيها وقد لا أكون ضرورياً لها، ليس بالضرورة أن أشتغل فيها. اشتغلت كثيراً في السينما العربية المشتركة، وآخر فيلم شاركت به يتضمن ست جنسيات عربية.
الدراما التلفزيونية خلقت للتسلية فلا مانع أن يتسلى الناس في هذا النوع من الدراما.

مؤخراً حصلت على جائزة أفضل ممثل بدور ثان عن فيلم «الكتابة على الثلج» خلال توزيع جوائز مهرجان الإسكندرية وحصل لغط معين بما يخص الجائزة.
يبدو أن خطأ ما قد حدث، ربما يكون مقصوداً، أو غير مقصود، فيما يخص هذه الجائزة، وقناعتي أن هناك خداعاً قد حصل لأن دوري لم يكن دوراً ثانياً، وهذا واضح، وبناءً عليه هذه الجائزة ليست لي، وأنا على دراية تامة بكواليس ما حصل في المهرجان.
وعلى كل حال سأختصر جداً القصة بهذه الجملة: «مو مستاهلة والجوائز كلها من كعبي ونازل ومن دون تواضع.. بطلنا تواضع».

هذا الكلام لمن توجهه؟
لمن مارس الخداع، ولن أقول من هو لأني أحياناً أكون حذراً في ملامسة أشخاص معينين، وهناك مستوى أخلاقي ما لا أود النزول إليه، وسأحتفظ لنفسي بدبلوماسية معينة فأقول: من قام بهذا الخداع يعرف نفسه ويجب أن يعرف بأني أعرفه.

طموح أي فنان الوصول إلى العالمية، فبعد وصولك إلى العالمية إلى ماذا تطمح؟
طموحي بصراحة السلام الداخلي ولكنه طموح صعب لأن الفنانين يعيشون في حالة قلق دائم.

سبق أن قلت بأنك لا تشجع ولديك لدخول الوسط الفني واليوم نراهما قريبين من هذا الوسط.
بصراحة لو لم أر وير الناس معي تباشير النجاح عند كل منهما في مجاله لكنت سأكون أباً تعيساً، لكن ما رأيته من تباشير النجاح والموهبة التي تعبر عن نفسها كل يوم عند لوتس بالكتابة والإعلام، وعند السدير بالإخراج والتمثيل يريحني ويجعلني أعتقد بأنني لست أباً تعيساً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن