من دفتر الوطن

أنت تسأل..!!

عبد الفتاح العوض : 

القضايا الكبرى.. ومثلها الصغرى مغلقة بأقفال مفاتيحها الأسئلة.
التعرف على اللـه بدأ بسؤال.. كذا التعرف على إنسان يبدأ بسؤال.. وهكذا يصبح السؤال بوابة المعرفة..
الذين يسألون هم أولئك الذين يقرعون الأبواب.. ومن خلال نبرة «قرعهم» للأبواب تعرفهم أو تعرف عنهم أو على الأقل تخمن شيئاً قريباً منهم.
قل لي ماذا تسأل أقل لك من أنت.. هذا التعبير فيه الكثير من المبالغة ككل جمل التعميم والتنجيم لكنه بالوقت نفسه لا يخلو من بعض الحقيقة.
السؤال يعبّر عمن يسأله.. ولعلكم تعرفون قصة الإمام أبي حنيفة النعمان، وللتذكير فإن الإمام كان يعاني ألماً في رجله يضطره ليمدها وهو يلقي دروسه على تلاميذه، وفي أحد الدروس جاءهم زائر عليه هيبة ووقار.. ما جعل الإمام يسحب رجله رغم الألم احتراماً لهذا الزائر.. بعد قليل قرر الزائر أن يفصح عن نفسه من خلال سؤال.. فسأل الإمام متى يفطر الصائم؟.
هنا يرد الإمام بتحفظ لعل في السؤال سراً ما فيجيب: عندما تغرب الشمس.. في هذه اللحظة يأتي السؤال «العميق» من الزائر الوقور.. وإذا لم تغرب الشمس؟!
وقتها قال الإمام جملة صارت معروفة ويتم تداولها في كل حدث مماثل «آن لأبي حنيفة أن يمد رجله».
هذه المقدمة الطويلة لأسأل..
ما أسئلة المجتمع السوري الآن؟!
على الأقل من خلال أسئلته يمكن أن نتلمس الحال الذي هو عليها، والمشكلات التي تؤرقه أو الاهتمامات التي تشغله.
لدي عينة من برنامج يبث على قناة سورية كل جمعة يتلقى أسئلة الناس الدينية، وهنا الموضوع لا يتعلق بفتاوى الشيخ المحترم الذي يجيب عن أسئلة الناس فلست أهلاً لذلك. الموضوع لا يتعلق بالأجوبة أبداً.. بل بالأسئلة والأسئلة فقط.
إنها القضايا التي تشغل بال الناس بعد أن دخلنا بعمق في السنة الخامسة للكارثة.
على الأقل عندما يقوم مواطن سوري بتكبد عناء الاتصال بقناة تلفزيونية فهذا على الأقل يعبر عن اهتمامه وأن الموضوع الذي يسأل عنه يشغله.
اللافت هو أن الأسئلة تدور في الكثير من الحالات عن الطلاق والمشكلات الزوجية، وتفسير الأحلام، وبعض الأسئلة تصل إلى مستوى: هل الخروج «بالشيال» مباح!!.
دوماً كان السؤال محفزاً للعقل، لكن إحدى المفارقات التي تعبر عن فقر الأسئلة أن اهتمامات الناس لم تتغير كثيراً بعد كل هذه الأزمة.
وأن مسألة التجديد في الإسلام مجمدة ولم تحركها الأحداث الجسام التي تمر بها والتي يتحمل جزءاً منها الفهم الخاطئ للدين بشكل عام…. ألم تستطع الجرائم التي حركها التطرف تحريك العقل. أسئلتنا تدل أننا لم نفعل الكثير ولكن سيأتي يوم وأرجوه قريبا يتحدث فيه السوريون وقد أخرجت الأزمة أفضل ما لديهم. آخر ما أقوله….
الفقراء في الأسئلة لا يتلقون الإجابات الغنية.

كلمات:
– عندما نفكر بالغايات يجب ألا ننسى الوسائل.
– إن القلوب إذا تنافر ودها… مثل الزجاج كسوره لا تجبر.
– إذا كان على القلب توجيه أسئلة فعلى العقل الرد عليها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن