قضايا وآراء

أردوغان.. والاصطياد في الماء العكر

| عمار عبد الغني

بعد نحو أسبوعين على انقضاء المهلة المعطاة لرئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان لسحب المجموعات المسلحة من المنطقة منزوعة السلاح في إدلب وفق اتفاق سوتشي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وعدم قدرة الأول على الإيفاء بالتزاماته، بدأ يبحث عن حشد تأييد دولي لمنع الجيش العربي السوري من القيام بعملية عسكرية لاجتثاث الإرهاب وذلك في إطار محاولاته للإبقاء على موطئ قدم له في سورية للتفاوض عندما يحين موعد التسويات الكبرى، وفي هذا السياق جاءت قمة اسطنبول الرباعية بين قادة روسيا وفرنسا وألمانيا وتركيا.
وإذا كان «المكتوب يقرأ من عنوانه»، فإن ما صدر من تصريحات تركية قبل التئام القمة، يوضح ما تريد أنقرة الوصول إليه من خلالها، حيث قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن: «سيركز المشاركون في الاجتماع الرباعي حول سورية في اسطنبول اهتمامهم على إيجاد طرق جديدة للتسوية السياسية في هذا البلد»، وأشار إلى أن المشاركين في القمة سيعتمدون على مبدأ استبعاد وجود أي حل عسكري في إدلب.
وعندما تكون الدول المشاركة هي روسيا وتركيا وألمانيا وفرنسا يعني أن معظم القادة المشاركين لديهم أجندات في سورية تختلف عما تسعى إليه موسكو، حيث إن الموضوع الرئيسي على جدول أعمال القمة هو إدلب، وهذا يعني أن قادة ألمانيا وفرنسا يقدمون طوق نجاة لأردوغان الذي عجز عن الإيفاء بالتزاماته التي قطعها لبوتين في قمة سوتشي، إذ إن التنظيمات الإرهابية الأكبر رفضت الانسحاب من المنطقة منزوعة السلاح التي تم الاتفاق عليها، وبالتالي عندما تؤكد تركيا قبل انعقاد القمة بأنها ستعتمد على مبدأ استبعاد الحل العسكري في إدلب، فهي تريد من القمة حشد قوى دولية إلى جانبها لعرقلة عمليات الجيش السوري وذلك في إطار محاولات بعض الدول الغربية جعل إدلب ورقة تفاوض في يدها ووسيلة ضغط على الدولة السورية، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن أردوغان وبعض حلفائه يريدون إقامة مسار مواز لمساري أستانا وسوتشي لإعادة خلط الأوراق من جديد وتضييع الهدف الرئيسي المتمثل بوضع الأزمة على سكة الحل.
ما تقدم يؤكد أن رئيس النظام التركي لا يزال يتبع السياسة والإستراتيجية ذاتها التي اتبعها منذ بدء الحرب على سورية والمتمثلة في اللعب على الحبال والمقايضة والمساومة على حقوق ليس من حقه التصرف بها والانتقال من حضن إلى آخر مرة في الشرق ومرة في الغرب، مستخدماً ورقة التنظيمات الإرهابية التي يدعمها كورقة ابتزاز.
وعليه فإنه على الجانب الروسي أن يكون مدركاً لما يحضر وعليه أن يبذل جهداً في سبيل وضع النقاط على الحروف ويجعل أردوغان يعترف بعجزه أولاً قبل الإقدام على أي خطوات جديدة، فإبقاء الوضع على ما هو عليه الآن في إدلب غير مقبول، فما تحمله أهلنا هناك من عذابات الممارسات الإجرامية من عصابات القتل وشذاذ الآفاق تنوء بحمله الجبال، ونعتقد أن الأمر لن يطول حتى يبدأ الجيش العربي السوري عملياته في محافظة إدلب لطرد الإرهابيين منها وإعادة الأمن والاستقرار إليها كما حدث في غوطة دمشق والجنوب السوري، أما محاولات الأعداء الاصطياد في الماء العكر من خلال الضغط عبر عقد قمم واجتماعات جانبية فلن يغير في المعادلة شيئاً وسيكون مصيره الفشل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن