قضايا وآراء

من يوقف القتل اليومي لأبنائنا في فلسطين؟

| د. يوسف جاد الحق

لا يمر يوم واحد هناك من دون أن يقتل العدو واحداً أو أكثر، ويصيب بالجراح مئات ويعتقل العشرات وأكثر في عملية ممنهجة، هادفة للقضاء على شعب فلسطين، على مراحل، وبأساليب مختلفة متعددة معروفة، هذا واحد منها.
يُقدم العدو الصهيوني على أفعاله الإجرامية النكراء هذه على مدار الساعة، والأيام والأسابيع، ولا صوت يرتفع، أو موقف يردع، أو يستنكر لدى العالم المتفرج الصامت، العالم ذاته الذي قدم للقراصنة، من يهود العالم إياه وطناً بأكمله، بكل ما فيه، اسمه فلسطين، بمقدساتها الفريدة العظيمة على ظهر هذا الكوكب، أرض الأنبياء الذين يدعي أولئك كذباً أنهم ينتمون إليهم، النبي إبراهيم ونسله، وعيسى المسيح (عليه السلام)، الحدث الفريد بخبر مثيل في تاريخ البشرية، هذا كله وكأنه لا يعني أحداً أبداً.
القتلة، الغرباء عن هذه الأرض، السارقون المارقون يفرضون، ويفرض العالم الضالع معهم، وجودهم ها هنا فرضاً، على شعب عاش آلاف السنين على أرضها مسالماً، لم يعرف عنه الغدر أو الظلم يوقعه على أحد غيره على وجه الأرض.
هذا القتل اليومي الممنهج تجترحه عبقرية رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، ومن معه، وكأنهم في مأمن من أي حساب، ومنجاة من أي عقاب. هم هكذا لأنهم مطمئنون إلى أن أميركا راعية حقوق الإنسان وحامية الديمقراطية، تحميهم، بل تؤمن لهم المزيد من وسائل القتل والتدمير، ليس على شعب فلسطين وحده وإنما على من يقف معه من إخوته ومناصريه، مدافعاً بالسلاح حيناً، وبالموقف حيناً أو حتى بالكلمة المجردة حيناً ثالثاً.
إن دفاع الفلسطينيين عن أنفسهم بحق يقابل بالحصار تارة وما يسمونه «سلاح العقوبات» تارة، فضلاً عن دمغهم بالإرهاب تارة ثالثة، هي حالة ظلم قلما عرف التاريخ والجغرافيا والبشر على مر العصور لها مثيلاً.
يطلع علينا كبيرهم نتنياهو منذ أيام متضعاً الحزن والأسى على مقتل اثنين من مستوطنيه، مصرحاً أمام العالم كله بأنهما قتلا «بوحشية»، على يد مجرم إرهابي فلسطيني! أما من يقتلهم هو وجنوده يومياً، وعلى مدار الساعة، بالعشرات من أولئك الذين ينتمي إليهم الشاب الذي طفح به الكيل، وبرح به الحزن على ذويه، والغضب على ما يحل به، بوطنه وبشعبه فإنما يقتلون «برحمة ورفق ولطف» بالرصاص المطاطي والمعدني، وقنابل الغاز «دونما وحشية» في حساب المستر نتنياهو.
مستوطنوه بشر يؤسف عليهم ومن أجلهم، فيما هما اثنان لا غير، على مدى العالم كله، والفلسطينيون يحق له قتل الآلاف منهم بلا حساب، ولا ننسى أنه مقابل هذين الاثنين قتل لنا منذ آذار الماضي ما ينوف على المئتين من الشهداء الأبرار المدافعين عن الحق، والأرض المقدسة. ويسمى عالم النفاق ما يجري على أنه «نزاع»، بين فريقين ليس إلا! ويذهبون إلى منطق التبرير، الهزيل المستهتر بأرواحنا ودمائنا، على وصف ما يقع علينا من عدونا الأزلي إياه على أنه «دفاع عن النفس»! ترى ألا يحق لنا نحن أيضاً «الدفاع عن النفس»؟ أم إن تلك نفس عليا صنعت من مادة سماوية، وأنفسنا جبلت من طين رخيص؟!
هو الظلم الفادح أيها السادة في عالم الرياء والنفاق والمصالح النفعية الذي لا يرى في شعوب العالم الثالث بأكثر من سلعة تجارية تباع وتشترى ولا تصلح إلا وقوداً في الحروب العدوانية التي لا يكفون عن إضرامها حيثما يشاء لهم الهوى والمصالح.
هو نفاق عالمي غير مسبوق، في هذا الزمن الأميركي اليهودي، هو مصالح النفط والمال والعقار وأشياء أخرى. هو عندهم ذلك الذي يبيح ما جرى، وما انفك يجري في ظلال «الربيع العربي» آخر مبتكراتهم الإجرامية.
سؤالنا إياه: هل هناك في هذا العالم من يوقف هذه المهزلة؟
يقيناً ليس لنا أن ننتظر من يهبط علينا من أحد كواكب المجرة من يفعل إن لم نبادر نحن للإعداد والاستعداد، ثم المبادرة إلى إيقافه باللغة وحدها التي يفهمونها.
حتى في هذه الحال لن نكون إلا محررين إنسانيين غير معتدين، غايتنا ومبتغانا إيقاف الجناة عند حدهم، واسترجاع ما أخذ منا بالقوة، بقوة تفوقها.
ذلك هو السبيل الأوحد، ولا سبيل إلى الخلاص غيره، وإن لنا، وللعالم أجمع، في سورية العربية، وما حققته من انتصار معجز، مع حلفائها وأنصارها على أعداء البشرية خير مثال يحتذى.
تحرير فلسطين الكامل العادل الشامل آتٍ لا محالة، على أيدي من أنجزوا الانتصار في سورية وفي وقت غير بعيد، عندئذ فحسب، يحل على الديار سلام حقيقي تباركه السماء، وليس سلام الكذبة المضللين والأدعياء.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن