ثقافة وفن

خمسون عاماً على غيابه «الأميرُ المجمعي مصطفى الشهابي» … الآثار العلمية والفكرية والأدبية

| نضال حيدر

»الأميرُ المجمعي مصطفى الشهابي» من تأليفِ الدكتور ممدوح خسارة عضو مجمعِ اللغةِ العربيةِ بدمشق، عنوانُ الكتابِ الصادرِ ضمنَ مطبوعاتِ مجمعِ اللغةِ العربيةِ بدمشق.
يمتدُّ الكتابُ على مئتينِ وأربعٍ وتسعينَ صفحة منَ القطعِ الكبير، وفيهِ يُسلِطُ المؤلِفُ الضوءَ عبرَ فصولٍ ستةٍ على نشأةِ الأمير مصطفى الشهابي وآثارهِ الفكريةِ والعلميِّةِ والأدبية، وعلى مفهومِ القوميةِ العربيةِ عندَ الشهابي، كما يتتبعُ نشوءَ فكرةِ القوميَّةِ العربيَّةِ في العصرِ الحديث، والجوانبَ المتعددةَ لشخصيةِ الشهابي: العالِمِ الزراعي؛ والمصطلحي اللغوي؛ والأديب، وكذلكَ الشهابي في عقولِ معاصريهِ وعيونهِمْ، إضافة إلى خاتمةٍ وقائمةٍ بالمصادرِ والمراجِع.

ألمعِ المجمعيين العرب
من تصديرِ الكتابِ نقرأُ بعضاً مما كتبهُ الدكتور مازن المبارك في التعريفِ بالأميرِ المجمعي مصطفى الشهابي كقولهِ: «الأمير مصطفى الشهابي (1311 – 1388 ه/1893 – 1968م) واحِدٌ من ألمعِ المجمعيين العرب، ومن أكثرهِم نشاطاً وإنتاجاً وتنوُّعاً في الثقافةِ وممارسةً للعملِ في ميادينِ الثقافةِ واللغةِ والأدبِ والإدارة والسياسةِ والنضالِ القومي. وهو الذي درسَ في الشام واسطنبول وباريس، وتخرَّجَ مهندساً زراعياً، وغدت كتبهُ في الزراعةِ وما إليها، وفي المصطلحاتِ الزراعية والحراجيةِ، مرجِعاً لا يستغني عنهُ المختصون، عرفتهُ المجامِعُ اللغويَّةُ في دمشق والقاهرة وبغداد، وضمَّتهُ إليها عضواً عاملاً، وعرفتهُ مُحاضِراً في قاعاتِها، وكاتِباً في مجلَّاتِها».

بحوثٌ تاريخيَّةٌ وأدبيَّةٌ وعلميَّة
ويُضيفُ الدكتور مازن المبارك: «كرَّمتهُ سوريَّة بوسامِ الاستحقاق، وكرَّمَتهُ مصر بالوشاحِ الأكبر مع الرصيعةِ من وسامِ النيل، عرفَهُ الفكرُ القوميُّ العربيُّ، وعرفتهُ ميادينُ العملِ المعجمي والمصطلحي، والتأليفِ العلمي التخصصي. لقد حلَّ الشهابي في مجمعِ دمشق في الكرسي الذي خلا بوفاةِ الأستاذ محمد كرد علي. وأمَّا في مجمعِ القاهرة فقد نالَ مكانهُ فيهِ بترشيحِ الأستاذين أحمد أمين والدكتور منصور فهمي اللذين قالا: «إن الشهابي وضعَ معجماً علمياً في الألفاظِ الزراعيَّةِ والنباتية، وإنَّ لهُ بحوثاً تاريخيَّةً وأدبيَّةً وعلميَّةً شتى، وإنَّ لهُ ولَعَاً بلغةِ العرب».

وزِّعَ الشهابي
نشاطهُ على ميادينَ مختلفة
وينتهي الدكتور مازن المبارك إلى القولِ: «وقد بذلَ مؤلِّفُ الكتابِ الدكتور خسارة جهداً واضحاً ومشكوراً في إنجازِ كتابهِ، جمعاً لمادتهِ، وتصنيفاً لفصولهِ، وعرضاً لحياةِ الأميرِ الشهابي بجميعِ مراحلِها، من دراسيَّةٍ ومهنيَّةٍ، مدنيَّةٍ وعسكريَّة، وتعريفاً بثقافتهِ وفكرهِ وشخصيتهِ ومنهجهِ العلمي ومشاركتهِ المجمعيَّةِ في دمشق والقاهرة. كما أحسن الدكتور خسارة إذ خصَّ كلَّ توجُّهٍ من توجُّهاتِ الأميرِ بفصلٍ من كتابهِ، ليخرجَ القارِئ بعدَ رحلتهِ معهُ في هذا الكتابِ بصورةٍ واضحةٍ عن جهودِ واحدٍ من أعلام المجمعيين، استطاعَ أن يوزِّعَ نشاطهُ على ميادينَ مختلفةٍ من مجالاتِ الثقافةِ والفكرِ والعمل».

آمنَ الشهابي
بالتعريبِ وعملَ من أجلهِ
مؤلِّفُ الكتاب الدكتور ممدوح خسارة كتبَ في «مقدمةِ» الكتابِ: «وقد كانَ العملُ اللغويُّ – على الدوام – كِفاحاً على الجبهةِ الثقافيَّةِ للأمَّة، فكما رابَطَ كثيرٌ من شُبَّانِ الأمةِ ورِجالِها على الجبهةِ العسكريَّةِ لمقاومةِ الغزوِ والاحتلال، فقد رابَطَ كثيرٌ من علمائِها ولغويِّيها على الجبهةِ الثقافيَّةِ لمقاومةِ الغزو الفكري واللغـوي، وكانَ التعريبُ الذي آمنَ بهِ وعملَ من أجلهِ هو الردُّ العمليُّ على التغريبِ الذي استهدفَ ثقافةَ الأمةِ ومعتقداتها».

لم ينل حظَّهُ من البحثِ والدراسةِ
ويضيفُ المؤلف الدكتور خسارة: « كما تبيَّنَ لي أن هذا العَلَمَ اللغويَّ لم ينل حظَّهُ من البحثِ والدراسةِ، فلم يؤلَّف فيهِ كتابٌ ذو بال، وما كُتِبَ عنهُ لا يتعدَّى الأربعينَ صفحة، كانت في مُعظمِها سيرةً ذاتيَّةً موسَّعةً يأخذُ فيها لاحِقٌ عن سابِق، من دونَ إضافاتٍ لافتة».
ويَخلُصُ الدكتور ممدوح خسارة إلى القولِ ختاماً: « وبعدُ.. فقد رميتُ في هذا العملِ إلى خدمةِ العربيَّةِ والعلم أولاً، بما زخرت بهِ آثارُ الشهابي وتآليفه، ثمَّ إلى الوفاءِ لعِلمِ الشهابي وذكراه، والاعتراف بفضلِ تلمذتي لهُ وِجادةً، وإن فاتني حظُّ تحمُّلِ علمِ الرجلِ سماعاً أو إجازةً، فإن أصبتُ في ذلِكَ فبتوفيقٍ منَ الله، وإن كانت الثانيةُ فحسبي الاجتهاد».

قبل الختام
بقي أن نذكر أن الدكتور ممدوح خسارة عضو مجمعِ اللغةِ العربيةِ بدمشق، وأستاذٌ جامعيٌ لعلومِ اللغةِ العربيةِ وعضو اتحادِ الكتَّابِ العرب، شاركَ في عددٍ منَ المؤتمراتِ والندواتِ والملتقياتِ العلميَّةِ في سورية والوطنِ العربي، وهو أنجزَ أربعة عشرَ كتاباً في المعجميةِ والمصطلحِ والتعريب، من عناوينها: التعريبُ والتنميةُ اللغوية 1994م، منهجيةُ تعريب الألفاظ 1999م، التعريبُ مؤسساتهُ ووسائله 2000م، الفاخر في شرحِ جملِ عبد القاهر في النحو ( تحقيق) 2002م، قضايا لغوية معاصرة 2003م، معجمُ الكلماتِ المصطلحية في لسان العرب (الطب والعلوم والعمارة..) 2007م، معجم الكلمات المصطلحية في لسان العرب (الحيوان والنبات) 2011م، معجم فصاح العامية من لسان العرب 2011م، علمُ المصطلح وطرائق وضع المصطلحات في العربية 2013م، معجم الكلمات المصطلحية في لسان العرب (الإدارة والاقتصاد والفنون..) 2014م، معجم الإبدال اللغوي في لسان العرب 2017م، والتنمية اللغوية طريقٌ إلى المعاصرة 2018م.

بطاقةُ تعريفٍ بالأميرِ المجمعي مصطفى الشهابي
الأمير مصطفى بن محمد سعيد بن جهجاه الشهابي (1311 – 1388ه / 1893 – 1968م) مهندسٌ زراعيٌّ وباحثٌ لغوي، ترأَّسَ المجمعَ العلميَّ العربيَّ في دمشق (1959 – 1968 م) وكانَ عضواً بمجمعِ اللغة العربية بالقاهرة وعضواً مراسلاً في المجمعِ العلمي العراقي.
من أهم نتاجاتهِ: «معجمُ الألفاظِ الزراعيةِ بالفرنسيةِ والعربية» عام 1943م وقد صدرت منهُ بعدَ ذلك طبعةٌ إنكليزيةٌ- عربيةٌ بعنوان: «مصطلحاتُ العلومِ الزراعيةِ» عام 1978م، ولهُ أيضاً: «الأشجارُ والأنجمُ المثمرة»، و«الزراعةُ العلميةُ الحديثة»، و«أخطاءٌ شائعةٌ في ألفاظِ العلومِ الزراعية»، و«الشذرات»، و«الاستعمار»، و«القومية العربية».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن