مشهد غير مسبوق الحلم الألماني يدفع بالازدحام على الجوازات
عبد الرزاق دياب :
مشهد غير مسبوق أمام فرع الهجرة والجوازات بدمشق، أعداد كبيرة من المواطنين على مدار الأيام الماضية تزاحمت بشكل لافت للنظر، فمع ازدياد وطأة المعارك في أغلب المناطق السورية كان المواطنون يسعون للحصول على وثيقة السفر لاعتبارات شخصية وعامة، ولكنها لم تصل إلى هذه التجمعات الكبيرة، وتكاد منطقة البرامكة تصبح الأكثر ازدحاماً في كل العاصمة، ولا تكاد المكاتب التي تعمل على تنظيم وتصوير الأوراق الثبوتية تخلو من العشرات، وكذلك الصفوف والطوابير التي تنتظر استلام الجوازات أو التقدم للحصول عليها.
الغواية الألمانية
مصادر إعلامية قالت إن ألمانيا قررت منح اللاجئ الإقامة الدائمة بعد انتهاء إقامة اللجوء لثلاث سنوات بغض النظر عن وضع البلاد التي جاء منها اللاجئ إلا بحالة طلبه عدم إعطائهِ الإقامة الدائمة… هذا التصريح المغري أدى إلى تدافع المواطنين للحصول على وثائق السفر من أجل البحث عن الفرصة الألمانية الذهبية التي إن توافرت حسب ما يدّعي البعض ستكون مقدمة حياة مستقرة، فكل من يسعى وراءها يتحدث عن العيش الرغيد من دون عمل، واللجوء المريح وأن التسهيلات في الطريق إلى هذا الحلم لم تعد متعثرة.
10 أيام ومليون ليرة إلى ألمانيا
إحدى المنتظرات قالت لي إن ابن أخيها اتصل منذ أيام وحدثها عن الترحيب الكبير الذي لقيه في ألمانيا، وإن الطريق كان سهلاً عكس ما كان يقال عن الغرق والاحتجاز في اليونان، والسير على الأقدام بين هنغاريا ومقدونيا والضياع في الغابات، وإنه وصل بفترة 10 أيام قضاها من دمشق لتركيا ومن ثم بالبحر لألمانيا، وكذلك الطريق البري ليس عسيراً هناك، فقط اجتياز الحدود مشياً لمدة لا تزيد عن يومين ورشوة الشرطة الحدودية في هنغاريا بمبلغ قليل وهذا أوفر ولا يحتاج إلا إلى 3000 يورو.
المشهد المختلف
روايات أخرى نقلها مواطنون لذويهم علقوا في الطريق إلى الحلم، والطريق يبدو عادياً لحظة الوصول إلى تركيا وتحديداً إلى (أزمير)، ومن ثم سيفاجأ المواطن أن فترة انتظاره ستطول على عكس ما قيل له إنها مجرد يومين وتغادر حيث تنتظرك اليخوت التي ستحملك إلى اليونان.
في أزمير ستنتظر إلى أن تجد المهرّب والسعر المناسب الذي لا همّ له إلا المال، وأنت وحظك ربما تحملك أنت وعائلتك باخرة تجارية أو يخت سياحي أو قارب مهلهل قد لا يصل بك إلا إلى عمق البحر.
تروي سيدة أن ابنها قص عليها الأيام الطويلة التي انتظرها في حدائق أزمير، وفيها تتجمع وتنام عائلات كثيرة في أوضاع إنسانية مزرية بانتظار دورها في العبور إلى الحلم.
سيدة أخرى تقول إن عائلة صديقتها انقطعت عنهم الأخبار والاتصالات منذ أكثر من أسبوع بعد أن تمكنوا من عبور الحدود اليونانية ودخلوا في قرى حدودية ولا يعرف مصيرهم، وهؤلاء ربما ضاعوا في الغابات أو اعترضت طريقهم عصابات وقتلتهم وهناك روايات كثيرة عن موت الكثيرين الغامض.
مخاطر أخرى
لا تخلو مواقع التواصل من حكايات فظيعة ومصائر مجهولة لاقاها السوريون في رحلة الهجرة وراء البريق الأوروبي، وآخرها ما تردد عن شخص تم ذكر اسمه الكامل وهو يمتهن تجارة الأعضاء البشرية، وينشط بين تركيا والحدود السورية يقوم بأخذ الناس بحجة تهريبهم إلى أوروبا، وبعدها يسلمهم إلى تجار يقومون بقتلهم وأخذ أعضائهم، وتم نشر صورته وهو في العشرينيات من عمره وسوري وهذا ما يجعل الكثيرين يصدقون.
في التعديل الألماني
تقول وزارة الهجرة واللجوء الألمانية في إحصاءاتها المبدئية إن 95 بالمئة من اللاجئين سيحصلون بنهاية المطاف على الإقامة الدائمة بعد انتهاء فترة اللجوء المؤقتة ومدتها 3 سنوات.
والتعديل الجديد ألغى أيضاً تحديد مكان سكن حاملي إقامة (الحماية الإنسانية)، حيث أصبح بإمكانهم الانتقال للسكن في أي مدينة في ألمانيا.
السوريون بالتأكيد أغراهم العرض الألماني، فأغلب المصطفّين في الطوابير لا تبدو عليهم المعاناة هذه المرة، وتوحي ملابسهم النظيفة ونوعيتها بأنهم من الذين يحلمون بقفزة أنظف بعيداً عن قذائف الهاون التي بدأت تتساقط الآن من جديد.