معركة الدستور
| عبد الفتاح العوض
يراد في هذه المرحلة من الأزمة السورية لمعركة الدستور أن تحقق «للأغراب» ما عجزوا عن تحقيقه سواء بالسلاح والدم أم بالمفاوضات والسياسة.
الدستور ليس مجرد عنوان سياسي لأي بلد في العالم.. الدستور هو حياة هذا الوطن وليس فقط أبا القوانين أو أمها بل هو الطموح الذي تريد الأوطان أن تصل إليه.
ودوماً ليس من الحكمة إعطاء وثائق للوطنية من أحد ولأحد، لكن في قضية الدستور ثمة فاصل مهم يحدد الأشياء بطريقة صحيحة ويعطي مقياساً دقيقاً لمدى التزام الإنسان بقضايا وطنه.
يمكنك أن تكون مختلفاً عن الآخر في رؤيتك للدستور.. هل تريده علمانياً أو غير علماني، مدنياً أو غير مدني، رئاسياً أو شبه رئاسي؟ أو أياً من تلك القضايا التي قد تكون خلافات في وجهات النظر واختلافات في المعتقدات الفكرية، لكن الشيء الذي لا يحق لأحد أن يناقش فيه هو القبول بأن يكون لأحد من «الأغراب» الحق في التدخل بكتابة ولو حرفاً منه.
والشيء الأخطر أن يكون أحد السوريين أيّاً كان ممثلاً وناطقاً باسم أحد من «الأغراب» على طاولة كتابة الدستور السوري. فهناك دول تريد أن تحدد من يكونون في لجنة الدستور، تريد أن يكونوا «حمير طراودة»!
على مدار السنوات السابقة كانت كل المعارك والمعاناة التي عاشها السوريون بكثير من الألم، بأيد بعض السوريين، ومن الواضح أن استخدام حصان طروادة نجح في بعض المناحي، لكن لا يمكن قبوله في هذه المرحلة من الحرب على سورية، ولا يمكن تفهم أن يكون أحد السوريين وضيعاً للدرجة التي يمثل فيها سفارات وشعارات ومخابرات «الأغراب» في كتابة حروف الدستور.
إن صناعة الدستور السوري وإجراء أي تعديل عليه ليسا إلا حالة سورية خالصة بكل نقائها.
الخطاب الرسمي في هذا الموضوع صارم وواضح، وعبّر عن نفسه بطرق مختلفة وصلت لمن يهمه الأمر «وجاهياً».
لكن السؤال أين الخطاب الشعبي؟ وما الطرق التي يجب من خلالها أن تصل الرسائل الشعبية لأولئك الذين ما زالوا لم يفقدوا الأمل بتحقيق غاياتهم من خلال واحدة من أهم آخر المعارك.
أقترح هنا أن يتم إنشاء هيئة شعبية للدفاع عن «سوريّة الدستور» وألا يفرض أحد من الخارج أي صيغة تسمح باختيار موظفي سفارات أجنبية في لجنة إعادة صياغة الدستور السوري، وأن يكون لهذه الهيئة عمل محدد تنتهي بنهايته، وأن يكون جزء من عملها إظهار الرأي الشعبي في كل القضايا والنقاط التي تتعلق بالدستور السوري.
معركة الدستور هي معركة شعب، سلاحها الأفكار والإعلام وإبداء الرأي.
السؤال من يشكل هذه الهيئة؟
برأيي الشخصي أن يكون أحد الاتحادات والنقابات المهنية هو المنصة الأولى، وهنا يمكن أن يكون لنقابة المحامين دور مهم، وأن يشارك فيها جميع النخب السورية التي تستطيع أن توصل الرأي العام السوري إلى من «يشغله الأمر».
أقوال:
علمتني الفلسفة أن أفعل من دون أوامر ما يفعله الآخرون خوفاً من القانون.
القوانين الجيدة تؤدي إلى خلق قوانين أفضل، والقوانين السيئة تؤدي إلى قوانين أسوأ.
إذا كان قانون الفيزياء يقول: إن الضغط يولد الانفجار، فقانون الاجتماع يقول: إن الضغط يولد النفاق الاجتماعي.
ينبغي أن يكون للقانون سلطة على البشر لا أن يكون للبشر سلطة على القانون.