ثقافة وفن

العائلة أورثتني الفن بالجينات ولم ندرسه أكاديمياً … محمد قنوع لـ«الوطن»: لا أظن أن نقابة الفنانين قادرة في هذا الوقت على تقديم شيء لأي فنان في سورية

| سارة سلامة

هو ممثل وابن عائلة قنوع الفنيّة الشهيرة التي اشتغلت لسنوات في المسرح الكوميدي «دبابيس» تحت اسم «الأخوين قنوع»، والتي أورثته الفن وأسسته فنياً، وهو ابن الفنّان والمخرج الإذاعي مروان قنوع، من هذه العائلة انطلق، وكانت بداية دخوله الوسط الفني في العام 1995 حيث شارك محمد قنوع في سلسلة «مرايا»، وهو الابن البار والمثابر والمجتهد الذي بدع وأبدع، وتعدد في أعماله ومشاركاته فنراه قاسياً وشريراً وحنوناً ولطيفاً، ويثبت لنا مراراً أن الممثل الحقيقي هو ليس بحجم الدور المعطى له إنما من خلال إتقان دوره مهما كان هذا الفن الذي يعشقه ويزعم أنه لا يستطيع فعل شيء آخر سواه، فمنه انطلق وإليه يتطلع لغد حافل بمشاريع فنية منتظرة أفضل.
وفي زيارتنا له حدثنا أكثر عن بدايته وجديده، وأفاض لنا عن قلة مشاركاته في السينما ودور الدراما السورية في المرحلة القادمة في هذا الحوار..

بداياتك كانت مع سلسلة «مرايا» ماذا قدمت لك هذه التجربة؟
بدأت مع سلسلة «مرايا» في العام 1995، وكانت هي الباب الذي دخلت منه إلى الوسط الفني، وهو باب واسع عن طريق الفنان الكبير ياسر العظمة، حيث قدمتني هذه التجربة ممثلاً ضمن أجزائها المتعددة وصولاً إلى العام 2013.

محمد قنوع ابن عائلة فنية عريقة كم كان لعائلتك الأثر في تأسيسك فنياً؟
لا شك أن للعائلة الفضل الأول لأن هناك شيئاً ربما له علاقة بالوراثة، فكل أعمامي كانوا يعملون بمجالات الفنون المتنوعة سواء بالكتابة أم بالإخراج أو التمثيل أو الخط وكتابة الشعر والإخراج، لذلك أقول إن العائلة أورثتني الفن بالجينات، وهي لم تدرس ذلك أكاديمياً بل كان مجرد موهبة وحتى أنا خريج معهد سياحي وفندقي واتجهت وعشقت الفن.

ألديك الرغبة في تنمية الموهبة عند أبنائك؟
ليس لدي أي مانع إذا ورثوا الفن وكانوا موهوبين.

شاركت في عدد ليس بقليل من مسرحيات «دبابيس» ماذا أضافت لك هذه التجربة؟
بدأت العمل معهم في العام 1996 واستمررت لسنوات طويلة، ممثلاً ومساعد مخرج وبعدها مخرج للعروض، إلى أن أصبحت في مرحلة من المراحل بطل العروض.
وحقيقة لا نستطيع إنكار الفضل الذي يقدمه المسرح للممثل حيث يكسر حاجر الخوف والرهبة تجاه الجمهور واستفدت من هذه التجربة خلال عملي.

أهمية المسرح الخاص وكم نفتقده اليوم؟
بشكل عام نرى الدول التي تتعرض للحروب والكوارث ينتج عنها عدد كبير من الفرق المسرحية، يتحدثون فيها عن مرارة تلك الحروب والكوارث، واستغرب لماذا لم ينتج في سورية فرق مسرحية بعد الحرب التي عصفت فيها، حيث كان من المفترض أن يخلق جيل جديد من المسرح.
ونلاحظ أن معظم أعمال زياد الرحباني كانت في فترة الحرب الأهلية بلبنان، وبمرحلة من المراحل عندما تعرضت سورية إلى حصار اقتصادي نضجت أكثر من فرقة مسرحية من ضمنها «دبابيس» للأخوين قنوع، وفرقة محمود جبر وفرقة ناجي جبر، وعدة فرق كانت تتحدث عن الأزمة.
أما الآن فأرى أي شيء نقوم به يحتاج إلى دعم وتمويل اقتصادي وأتمنى من الشركات الكبرى التي صمدت في سورية أن ترعى من حاول عمل شيء في هذه الفترة، لأنه إذا لم يوجد رعاية من التجار وأصحاب الاقتصاد يكون الأمر صعباً لأننا إذا قررنا تقديم مسرح فهناك عدة أمور سنقوم بها قبل البدء بالعرض مثل أجرة المسرح والإعلانات والديكور، وإذا أردنا أن نخلق جيلاً مسرحياً جديداً نحتاج إلى الرعاية.

أي عمل تعتبره الانطلاقة الفعلية لمحمد قنوع؟
الانطلاقة الفعلية كانت من خلال سلسلة «مرايا» ومنها انطلقت إلى الأعمال الأخرى وهناك أعمال تحمل نقطة تحول في حياتي مثل «أيامنا الحلوة»، للمخرج هشام شربتجي، و«زمن العار» للمخرجة رشا شربتجي، و«سحابة صيف»، لمروان بركات.
وفي السنوات الأخيرة قدمت عملين مهمين هما «بانتظار الياسمين» مع المخرج سمير حسين و«عناية مشددة» للمخرج أحمد إبراهيم.

أعمالك فيها الكثير من الأدوار السلبية والشريرة، هل يشكل لك ذلك ردة فعل سلبية عند الجمهور؟
أعتقد أن جمهورنا أصبح متفهماً جداً لهذه النوعية من الأدوار وهو جمهور واعٍ، وتتميز هذه الأدوار بأنها تترك بصمة عند الناس وتبقى في الذاكرة ولا تنسى، وكلما كنا مقنعين بأدوارنا مهما كانت دل ذلك على براعتنا كممثلين.

لديك مشاركات كثيرة مع غياب دور بطولي حقيقي، لماذا؟
لا أهتم كثيراً لذلك ولا يهمني حجم الدور إنما أن أؤديه بشكل جيد وتحقيق المطلوب مني، وما دمت أقدم الدور المطلوب مني بشكل جيد والمخرج الذي أعمل معه يعود ويدعوني مرة أخرى لمسلسل جديد فهذا يعني أنني قدمت عملي على أحسن وجه، أما البطولة فلها علاقة بصناعة النجوم ورؤية مخرج وشركة إنتاج، وهما عندما تقرران صناعة نجم تصنعانه، ويعطى الممثل أكثر من فرصة حتى يصبح نجماً والقصة لها علاقة بالنصيب وأنا أؤمن بذلك كثيراً.

التمثيل لمحمد قنوع مهنة أم هواية؟
هو لي مهنة وهواية أحبها جداً ولا أعرف عمل أي شيء آخر غيرها، وأنا دخلت التمثيل مع أنني لم أدرس في المعهد العالي للفنون المسرحية، لذلك كان لابد من أن أطرق أكثر من باب حتى أصل لها، واشتغلت في الإعلانات ومساعد إنتاج ومساعد مخرج ومخرج منفذ وسكريبت وعملت كثيراً حتى قدرت على إثبات نفسي كممثل.

ما الدور الذي يرفض أن يؤديه محمد قنوع؟
ليس هناك دور معين لأن الأدوار كلها موجودة تحت بند التمثيل ويمكن أن أرفض فقط الأدوار الجريئة التي يمكن رؤيتها في السينما.

مشاركاتك السينمائية خجولة وتنحصر في عملين فقط، لماذا؟
شاركت بعملين مع عبد اللطيف عبد الحميد هما «خارج التغطية»، و«أيام الضجر»، وكان هناك فرصة لأكون مع المخرج باسل الخطيب في فيلم «الأب»، ولكن الظروف لم تساعدني، بسبب ارتباطي بأعمال أخرى وكنت أتمنى أن أكون موجوداً.

نلاحظ غياب أسماء كثيرة عن السينما السورية، لماذا؟
بالطبع وإذا ما شاهدنا مثلاً 4 أفلام أنتجت حديثاً عن المؤسسة العامة للسينما نلاحظ وجود الأسماء نفسها من ممثلين ومخرجين وكتاب، وهي أصبحت محصورة بهم، ونلاحظ أحدهم مخرجاً في أحد الأفلام، ونجده في فيلم آخر ممثلاً وأيضاً له تعاون فني، وأصبحت المؤسسة العامة للسينما عبارة عن مزرعة يتقاسم حصتها بعض الأشخاص، كما أن فرص الإخراج محصورة بعدد من المخرجين لا يمكن لأحد غيرهم أن يدخل على الخط، إلا إذا أتى يوم وحدث تغيير في هيكلية عمل المؤسسة العامة للسينما ولكن متى؟ لا أحد يدري.

أين دور النقابة في تنظيم ذلك؟
أشك أن يكون للنقابة دور ولم يسبق لها أن تدخلت بتوزيع الأدوار في المؤسسة العامة للسينما أو بإتاحة الفرص لأشخاص موهوبين حقيقة ولكن الظروف لم تساعدهم في أن يكونوا موجودين، ولا أظن أن النقابة في هذا الوقت قادرة أن تقدم شيئاً لأي فنان في سورية.

على من ترمي اللوم والعتب إذاً؟
هناك عتب كبير على الطريقة التي نفكر فيها تجاه الممثل في سورية من القطاع الخاص والعام، والقطاع العام مدان بشكل أكبر، لأنه عندما نتعامل مع المؤسسة العامة للسينما أو المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني يكون الأجر مخجلاً، وهناك تفاوت كبير بين النجم وباقي الممثلين وهذا شيء طبيعي ولست ضد ذلك، لأن النجم يبقى نجماً، وهو لا يعمل كثيراً ويمكن أن يقدم عملاً واحداً في العام ويمكن أن يمرّ عليه عام لا يعمل فيه.
ولكن باقي الممثلين يتم التعامل معهم بطريقة فيها الكثير من الاستهزاء وقلة الاحترام، ولا يوجد احترام للممثل الذي قرر أن يبقى داخل البلد، حتى المشروع الذي تقوم عليه المؤسسة والذي يسمى «خبز الحياة»، واستغرب منذ متى نأخذ أجراً عن التصوير في اليوم!، هذا لم يحدث من قبل، وهل يعني هذا المشروع أن نأخذ أجراً يطعمنا خبزاً؟ أهذا هو المفهوم؟، حقيقة لا أدري وهناك إشارات استفهام حوله، وحول الطريقة التي يتعاملون فيها مع الممثل.

هل اتجهت للدوبلاج نسبة للواقع الدرامي السيئ أثناء الأزمة؟
لا، والموضوع جاء مصادفة إنه وخلال الفترة التي هوت فيها الدراما أصبحت مديراً لإحدى شركات الإنتاج وهي «abc»، ومن أحد الأشياء التي تقدمها هو الدوبلاج، وكنت في أكثر من عمل في هذه الشركة مثلما كنت موجوداً قبل أن أكون مديراً لها.

هل أنت متفائل بمستوى الإنتاج الدرامي بعد أن بدأت الحرب بالانحسار؟
بالتأكيد يجب أن نعود وبقوة إلى الساحة العربية وخاصة بعد أن تحسنت علاقتنا ببعض الدول، ويجب أن نجد حلولاً سريعة ليس لها علاقة بالشركات التي أنشئت أثناء الأزمة والتي كانت سلبية على الدراما، ونعمل في اتجاه مهم، ولكن بهذه الطريقة التي يفكر فيها بعض الشركات وخاصة القطاع الحكومي لن نستطيع عمل شيء.
ونحن نعلم أن مؤسسة الإنتاج التلفزيوني هي صيغة داعمة للفن وللفنانين وللدراما السورية وأسست بمرسوم من السيد الرئيس من أجل ذلك، وأتساءل أين هذا الدعم والآن المستفيدون منها هم فقط الموظفون فيها على حساب الدراما السورية؟ وإذا أردنا الحفاظ على هذه الدراما يجب أن تكون أعمال المؤسسة غير قابلة للبيع خارج البلد ويكون توجهها وطنياً بامتياز وتقدم أعمالاً لها علاقة بالمواطن السوري فقط من خلال مواضيع لا تعني الخارج ربما تكون توعوية وتوجيهية فقط.

تحدث لنا عن أعمالك القادمة؟
أصور في عمل اسمه «ما فيّي» من تأليف كلوديا مارشليان وإخراج رشا شربتجي وإنتاج شركة الصباح، والعمل يصور بشكل كامل في لبنان، وأيضاً أصور جزأين لعمل «باب الحارة»، وهناك مشاريع أخرى قيد الدراسة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن