رياضة

بعد عشر سنوات من الاحتراف … سلتنا تفتقد أبسط مقومات التطور

| مهند الحسني

إذا كنتم على عجلة من أمركم يا عشاق السلة السورية فاعبروا فوق هذه المقدمة إلى خلاصة الكلام، وستكتشفون حينها أن لا المكتب التنفيذي، ولا حتى عنتر بن شداد قادر على تطوير سلتنا الوطنية، أو إخراجها من ضياعها في ظل الواقع الحالي الذي تعيشه.
بصراحة ابتلينا بواقع رياضي مرير، جلدنا أنفسنا بالتكهنات والتأملات كثيراً، نضحك على أنفسنا وعلى الآخرين، والحصيلة اليوم كما كانت في الأمس، وكما ستكون لاحقاً.. لا شيء، بتنا نخجل من محاولات زرع الثقة والتفاؤل في نفوس الآخرين، ونخجل من تدفق حماستنا مع حروفنا، ولو أن الصفحات ترضى بلونها الأبيض لأوقفنا إراقة حبرنا عليها، ولأوقفنا أي حديث عن رياضتنا لأنه لا أحد يقرأ، ولا أحد يسمع، ولا أحد يأبه لمشاعرنا، نعترف أن فوزاً معيناً لمنتخب أو لناد معين في بطولة رسمية، أو دورة ودية سيعيدنا إلى حماقتنا فنحرق الحروف، ونحن نشد على يدي من فاز، والحقيقة أننا نسهم بشكل أو بآخر بالإبقاء على تخلفنا الرياضي، وإن كان محور الحدث والاهتمام هو كرة السلة.

ارتجالية واحتراف
تجبرنا الأحداث الدراماتيكية، وتفاصيل يوميات سلتنا الوطنية في جميع شجونه ا على تجديد مقولة أن خياط ثوب الاحتراف لم يكن معلماً، فهو أجبرنا على ارتداء الثوب الفضفاض بمقاسات كبيرة، أكثر من عشر سنوات على دخول الاحتراف لأجواء سلتنا، وما زلنا نسير بخطوات عرجاء، وغير واضحة، وإذا كان انتقال لاعبنا إلى العيش في بحبوحة مادية هو أبرز إيجابيات هذا الاحتراف، إلا أن المردود المرجو من هذا الاحتراف لم يتحقق، ونعني هنا الجانب الفني، فالمستوى بقي هو هو مثله مثل أيام الهواية، فبدلاً من أن يكون الاحتراف بمنزلة طوق النجاة لسلتنا الوطنية، بات يشكل في ظل المفهوم الخاطئ له العقدة التي كبلتنا، وأرجعت سلتنا إلى الوراء.

قمة الهرم
ونأتي إلى قمة الهرم السلوي من الناحية التنظيمية أي اتحاد السلة المعني الأول بل المسؤول عن تطوير اللعبة، ولا تزال مشكلته ومشكلتنا التي نتمنى ألا تكون أزلية وأبدية في عدم تفرغ أعضائه، أي إنهم يعملون بدافع الهواية، ومن يكون كذلك لا يملك الوقت والخبرة لبناء اللعبة وتطويرها والتماشي مع نظام الاحتراف، فكيف نقبل بأعضاء هواة في زمن الاحتراف.
ولنفترض امتلاك هؤلاء الأعضاء قدرات استثنائية، فكيف سيبنون ويصرفون، وهم لا يمونون على صرف ليرة واحدة بسبب القصة إياها (عدم وجود ميزانية خاصة)، وإن وجدت هذه الميزانية فإن عملية صرفها تبقى مركزية، أي عن طريق المكتب التنفيذي، ولو افترضنا أن جميع طلباتهم المادية مستجابة، فهل تكفي هذه الطلبات للصرف على إعداد المنتخبات، أو تأمين معسكر خارجي.

وبعد
بصراحة لقد مللنا من الواقع الذي تعيشه سلتنا، التي على الرغم من كل الأجواء الضبابية التي تحيط بها، إلا أنها تمتلك القدرة على الإقلاع لتوافر الأرضية المناسبة من قاعدة جماهيرية واسعة، لكن ثمة أسئلة لم يجد لها عشاق السلة السورية إجابات شافية ووافية، هل بمقدور سلتنا التطور في ظل وجود صالة واحدة بالعاصمة تلعب وتتمرن عليها أندية العاصمة وريفها؟ وهل ستتطور لعبتنا بعدما تمكنت خيرات المساء من تأجيل مباراة بين فريقين من الدرجة الأولى بسبب الرشوحات والتسريبات التي شهدتها أرض الصالة؟ وهل بمقدور سلتنا التطور، وأنديتها ما زالت تولي اهتمامها في كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى على حساب باقي الألعاب، وبالتحديد كرة السلة؟ وهل ستتطور سلتنا، وأنديتنا ما زالت تعمل بطريقة احترافية عشوائية لا يمكن أن ترفد المنتخب بأي لاعب جيد؟ وهل يمكن أن نتطور، وما زالت أندية تتصارع على لاعب عمره يتجاوز الخامسة والثلاثين؟
لا نريد أن نتحدث هنا عن المقارنات لأنها حتماً ستظهر المفارقات، بين ما يقدم لسلتنا مقارنة بأقرب دول الجوار، ففي العاصمة اللبنانية بيروت وحدها سبع عشرة صالة مغلقة، وعدد أقل في الأردن، وكذلك الحال في العراق وإيران، على حين ما زلنا نتغنى بصالة الفيحاء التي باتت تئن تحت وطأة الضغط الكبير عليها بسبب إقامة جميع الألعاب الرياضية والحفلات الغنائية والمناسبات عليها، وفي النهاية نريد لسلتنا أن تنافس وتحقق نتائج جيدة.

خلاصة
إذا كنا نريد كرة سلة سورية متطورة فلهذا الأمر شروط كثيرة يجب توافرها، وإن كنا نريد كرة سلة تحبو من دون أن تستطيع أن تمشي، فأعتقد أن الوضع الحالي قادر على إيصالها لحد لهاوية أيضاً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن