ثقافة وفن

«درب الخبز» مسرح غنائي مباشر لأول مرة … تجربة جديدة وصلت إلى قلب الجمهورلأنه يقدم المتعة الراقية في مجتمع الدراما والميلو دراما

| سوسن صيداوي- «ت: طارق السعدوني»

الدرب يؤدي إلى ضِيع، مدن، بلدان، ومن الدرب نفسه سنسير قدما ونعبُر خلال دروب أخرى متصلة كلّها ستصب نهاية في حقيقة لا يمكن لدهور ولا حتى لظروف أن تغيّرها، ففي حيوات هذه الدروب نبلُغ الـوطن. إذاً قصتنا تحكي عن دربين يصلان إلى ضيعتين منهما كل الحكاية والغاية، ضيعة «درب القمح» فيها سنابل القمح رايات مرفوعة، وضيعة «درب المي» ع صوت ينبوعها كل الدني بتوعى. يحكى أنه من هاتين الضيعتين اجتمعوا وغنّوا وفرحوا وصلّوا وأحبّوا وتزوجوا وزوّجوا، مما يعني أن السكان عمّروا وكبّروا، وكذلك تبادلوا أمور الحياة المادية وعطاياها، ومن الكثير تبادلوا أيضاً الخبز والماء، ولكن وللخيبة، لقد أصابهم وباء «الأنا القاتل» وانتشر بينهم كالمرض المستشري، واضعاً غشوة على عيونهم، ومغلّظا قلوبهم، وأعمى ذاكرتهم، وأسكتهم في النهاية عن قول الحق، ليسلّم الأخ أخاه للموت والتهلكة، لينكّلوا بالنساء، ويدمروا أمل الطفولة. الحيرة لأعوام شوّهت الربيع المزهر، ليتّشح بلون مرارة الحزن الأسود، مستمرا لسبعة أعوام متتالية تمثّل في قصة مسرحية «درب الخبز» حال الواقع السوري الذي آلت إليه حرب لم يخترها الأبناء السوريون الحقيقيون، بل زجّوا بها كي يدافعوا عن الكثير القليل، أو اللامتناهي في كلمة واحدة حروفها تملأ الكون بالمعاني، كلمة «وطـن» الأخير الذي لن يشفيه إلا المحبة النقية. ساعتان تقريباً من عرض مسرحية «درب الخبز» من تأليف ميشيل نصر اللـه وإخراج عروة العربي، كانت تصويرا لحكاية طويلة فيها فرح ممزوج بصبر الأمل، فيها نغم يدندن مع أعذب الأصوات، فيها الكلمة المترافقة مع حنين الوتر، فيها من دقة التقنيات الفنية الكثير من حسن المتابعة والتركيز، في عمل مسرحي غنائي يعتبر الأول في سورية، حيث يُقدم وللمرة الأولى مباشرة على خشبة المسرح بكل جزئياته وتفاصيله الحية، من غناء وتمثيل ورقص وعزف باستثناء صوت الراوي المسجل الذي قدّمه الفنان القدير دريد لحام، وللحديث أكثر نتوقف عند التفاصيل مرورا بالفنانين المشاركين أو الفنيين إلى قائدة كورال جوقة الفرح وأخيراً الإشراف العام للأب إلياس زحلاوي.
عين «الوطـن»

كل ما يمكن أن يُطرح من ملاحظات حول عرض العمل المسرحي الغنائي«درب الخبز» لابد أن يكون مجرد ملاحظات مُحبة نتوقف عندها فقط كي ننطلق إلى الأفضل، لكوننا قَبلنا التحدي وفزنا بالرهان، فهذا العمل المسرحي الغنائي، الأول في سورية لكونه يقدم مباشرة على خشبة المسرح، فالأداء كان مباشراً لجوقة الفرح التي قدمت كل فريد ومميز منذ بداية المشوار-المؤلفة من نحو سبعين مشاركاً- وأيضاً ظهر الممثلون بأدوارهم وأدوها مباشرة لم تكن مسجلة- وهم ستة عشر ممثلاً- منهم على سبيل الذكر لا الحصر وحسب الظهور: خالد القيش، محمد قنوع، يوسف المقبل، علي كريم، عاصم حواط، روبين عيسى، أنس الحاج، وسام عازر، والطفلة شهد زلق، وكما أسلفنا أن الراوي جاء بصوت الفنان القدير دريد لحام. وفي أثناء العرض تماوج إلى جانبهم نحو ستين راقصاً مفعمين بالحياة والنشاط من فرقة آرام للمسرح الراقص، والفرقة تهتم عادة بتقديم التراث الفني الثقافي السوري خاصة والعربي عامة، كما تقدم العديد من رقصات الشعوب حول العالم، وما تمت ملاحظته أن حضورهم بالفعل غني بالحركة وعكس الحماس على الجمهور، ولكنهم كانوا كثيرين على خشبة المسرح التي غصت بهم ووقع هناك تصادم بسيط بين بعضهم، لضيق المساحة التي لم تطلق حريتهم في الأداء، كل ما ذكرناه أعلاه حول أشخاص اعتلوا الخشبة وتناغموا بروح واحدة، ظهروا ككتلة على موسيقا قدمتها الفرقة الموسيقية المؤلفة من نحو عشرين عازفاً، في مشاهد متنوعة ضجت بالحياة بكل ألوانها بأفراحها وبأحزانها، بين جنبات ديكور جميل وأنيق جداً ولكنه ضخم لم يوفر المساحة الكافية للحضور الكبير من المشاركين على الخشبة، وهو من تصميم محمد كامل، كما تجدر الإشارة إلى أن الملابس بالعموم وأيضاً الزاهية والملونة والتي تعبّر حقاً عن الفرح والأمل وحب الحياة حملت توقيع المصممة ليندا جاموس، أما الإضاءة من حيث التصميم والتنفيذ فمن عمل أدهم سفر، على حين المؤثرات الصوتية لحنان سارة، وهندسة الصوت نضال قسطون، وأخيراً مساعدا الإخراج محمد دبّاغ وزياد الحسن. بقي أن نذكر من التفاصيل بأن عرض «درب الخبز» من تأليف ميشيل نصر اللـه وإخراج عروة العربي، وتضمن مقطوعات مسرحية منها على سبيل الذكر: على مهلك يا قلبي، اسكيتش العوافي يا بو شهدان، هلّي يا سنابل، مقطوعة التوتّر، شتّي يادنيي، مقطوعة الحب، غريبين وليل، نجمة نور، صار بدنا حريق، الربيع الرابع، الزلزال، رح يبقى الوطن، عمّرها. وأخيراً على أمل ووعد بأن تكون المقطوعات المسرحية في العروض القادمة تحمل توقيعاً سورياً من حيث التأليف والموسيقا والأداء.

العرض أخذ من أرواحنا
من جانبها بيّنت قائدة الكورال في جوقة الفرح رجاء اﻷمير شلبي أن العرض لا يقارن فيه الجهد والتعب، مع قدر التصاقه بالنفس التي كانت قريبة من كل ما مرّ بالحرب على سورية خلال السنوات السبع الماضية، وتقول: «درب الخبز» لم يأخذ منا الوقت والجهد الكبيرين بل أخذ جزءاً من أرواحنا، لأنه تطلّب وقتا طويلا في التحضير، إضافة إلى أن جوهر العمل ومضمونه الأساسي نحن عشناهما تماماً، لكوننا كنا في وسط الدائرة من حيث الاضطرابات والأصوات وسقوط القذائف، ووجود الشهداء في الساحات، إذاً كل التفاصيل في العرض نحن معنيون بها، فلقد عشنا الخوف وعشنا التردد، وبالمقابل عشنا الإصرار والتحدي وأننا نريد أن نعيش في بلدنا الحبيب سورية، إذاً «درب الخبز» لم يكن لنا حدثاً فنياً، فنحن موجودون بكل تفاصيله، وبالطبع أحب أن أشير بأن هذا العرض هو مؤجل من عام 2016، ومن خلاله أتمنى أن نكون قد وجهنا رسالتين، الأولى: أننا شعب سوري صامد وسنبقى مهما بلغت الظروف من شدة، وسورية وطننا لا يُستغنى عنه إطلاقاً بحسناته وسيئاته كما يقول الأب زحلاوي. أما الرسالة الثانية: فأنا أتمنى أن نكون وفقنا في تقديم المسرح الغنائي بأفضل طريقة وبصورة مقبولة ومرّحب بها من الجمهور، ونحن نطمح أن يكون المسرح الغنائي سورياً من حيث المقطوعات المسرحية المقدمة، وفاعلاً وحاضراً إلى جانب الفنون الراقية الأخرى البالغة العمق في كل المضامين والبعيدة تماما عن أي استسهال».

أمانة ومسؤولية للأجيال القادمة
في حديث المرنّم في جوقة الفرح وسام عازر الذي ساهم في العرض تمثيلاً وغناءً وكتابة في دور الراوي، بيّن أن هذا الوقت الذي نخرج عبره من الحرب نحو السلام، هو وقت مناسب جداً لتقديم عروض مسرحية، نعبّر من خلالها عما مررنا به، وعلى الخصوص بطريقة مختلفة عما قُدم سواء من كتابات أم شعر أو دراما أو حتى سينما، متابعاً: «لدينا الفسحة الكبيرة من الإمكانات بأن نقدم شيئاً يحكي عن الحرب التي استمرت لسبع سنين ولكن بطريقة مبسّطة جداً، وبالنسبة لفكرة المسرحية جاءتني عندما كنت ضابطاً مقاتلاً في إحدى أعنف جبهات القتال في سورية في عام2014، فمن على خطوط النار بدأت الحكاية، وأنا هناك كنت أكتب وألحن ما يدور في ذهني من أفكار، جعلتني كالكثير من الشباب السوري الذي وقف مدافعا عن وطنه إلى جانب الجيش العربي السوري، ندرك المعنى الحقيقي للحرب المجردة، عن الأفكار المغلوطة التي يُروّج لها. من على الجبهة أدركنا معنى الشهادة وكيف يفكر العسكري السوري في الدفاع عن نفسه وزملائه وأرضه، أنا وجدت الأجوبة للكثير من الأسئلة المعقدة، التي أنا وغيري من الشباب السوري كنا نسألها لأنفسنا يومياً. وعندما عدت والتقيت الأب زحلاوي، عرضت عليه بأن نقدم مسرحاً غنائياً يحكي عن الحرب في سورية، وبعدها بدأنا نبحث عن مكونات العمل من كاتب ومخرج، وبدأ العمل يكتمل حتى وصل إلى الجمهور بالطريقة التي تابعوه بها. بالفعل لقد كان عرض (درب الخبز) تحدّياً حقيقياً بأن يقدم كل شيء على المسرح مباشرة، وبالفعل الاستثناء الوحيد كان صوت الفنان القدير دريد لحام بدور الراوي والذي قمت أنا بكتابته، نحن اخترنا أن يقدّم مباشرة لا أن يكون مسجلاً أو بطريقة (playback) على الرغم من أنه أسهل وبعيد عن الكثير من المشاكل، ذلك انطلاقاً من جمالية المسرح من حيث قدرته على تأمين التفاعل الحي، إذاً هذا طموحنا من حيث تقديم الكفاءات والتقنيات والتمثيل، وطبعا هنا أحب أن أسجل الشكر لكل فريق العمل الذي قدم جهداً جباراً، سواء من الجوقة إلى العازفين إلى الممثلين والراقصين، إلى الفنيين والإداريين، وأقدم شهادة حق للمخرج عروة العربي الذي استطاع أن يجمع العناصر كلّها في وقت قياسي وأن يطور النص بالإخراج بطريقة مثالية. كما أحب أن أضيف بأننا على ثقة بأن سورية تمتلك من القدرات الفنية والموسيقية والإخراجية الكثير، والذي سيراه الجمهور تباعاً سيحكي عن الأزمة، لكون عرض (درب الخبز) دفعنا كي نكتب نصوصاً ونكتب الأغنيات ونقوم بتلحينها ونبدع في أعمال سنخلّد بها سورية، وهذه أمانة يجب أن نؤديها ومسؤولية تجاه الأجيال القادمة.
وأختم: إن هذه التجربة جديدة لي لأنني وقفت على المسرح لا كمرنّم من جوقة الفرح بل أيضاً كممثل، وكان الأمر إضافة جديدة اكتسبتها بمساعدة الأساتذة الممثلين والمخرج كي أظهر بالطريقة الأفضل».

بادرة لبناء مسرح غنائي سوري
بدوره تمنّى الممثل خالد القيش أن يكون عرض«درب الخبز» قد وصل إلى قلوب الجمهور، وخطوة لحجر أساس في لبنة بناء المسرح الغنائي السوري، متابعاً بصراحة ما أرغب بقوله هو أن هذه التجربة الجديدة كانت برعاية الأب إلياس زحلاوي، وكنا تحدثنا عنها – كممثلين مسرحيين- منذ وقت طويل، ونفكر دائماً بأنه يجب أن يكون لدينا مسرح غنائي، لكونه مسرحاً لا يعتمد بشكل كبير على الأحاسيس والمشاعر، أو فيه الكثير من التمثيل مع الرسائل الإنسانية الصعبة، الأخيرة التي لها علاقة بالمسرح التجريبي الذي كنا ندرسه ولطالما قدمناه ونقدمه على خشبة المسرح السوري، الأخير والذي هو بحق قوي جداً وبالغ التأثير. ولكن وبالمقابل المسرح الغنائي موجود في البلدان العربية وخاصة في لبنان، وهم سبّاقون فيه، وكلنا نعرف بأنه قد صنع نجوماً في التمثيل، وأغنى الساحة الغنائية بأصوات لنجوم لامعين من خلال هذا المسرح والذي هو مسرح الرحابنة في الأساس.
إذاً نحن في سورية نفتقد المسرح الغنائي، ولم يكن لدينا الاهتمام تجاهه، ربما لأن الكوادر السورية استسلمت إلى فكرة أن المسرح الرحباني هو أقوى مسرح غنائي من جهة، أو ربما لأن كوادرنا كانت تعمل على أن تقدم المسرح بمفهوم آخر وتراه بمنظار مختلف، ولكن ومن خلال الأب زحلاوي اكتشفنا أن هناك متعة لهذا الموضوع بهذا النوع من المسرح، والذي يعتمد على المغنين والراقصين والممثلين والعازفين الموسيقيين بالوقت نفسه، إذا الكوادر الفنية الموجودة على المسرح هي متحدة كي تقدم عرضاً واحداً، وهذا العرض فيه المتعة لكونه يجمع الدراما والميلو دراما، سواء من حيث مشاعر الحب والغرام، أم عواطف القوة والاقتتال، كله مع الرقص والغناء، الأمر الذي يضفي متعة للجمهور، وبالطبع إذا نجحنا في هذا العرض فسيكون الأخير بادرة جديدة كي نبني مسرحاً غنائياً في سورية لم نقدمه في السابق، وهنا لابد من التوضيح أن المسرح الغنائي مكلف جداً ومتعب كثيراً، ويتطلب جهداً في التركيز والمتابعة والعمل الجاد، ويحتاج إلى دعم مادي ودعم معنوي، إلا أنه بالمقابل هو بوابة تُفتح لأسماء جديدة سواء في الغناء، أو في التمثيل والتأليف المسرحي وحتى في الموسيقيين، تماماً كما أغنت هذه الحالة الحركة الفنية في لبنان من خلال مسرح الرحابنة الغنائي، الأخيرين الذين ألفوا وقدموا لنا أغاني تم غناؤها على المسرح ضمن العرض، وهي حتى اليوم متداولة ونحن نسمعها بشكل دائم ولا نعرف بالأساس بأنها أغان قدمت في عروض مسرحية. إذاً (درب الخبز) عرض مسرحي غنائي هو خطوة أولى في درب المليون ميل، ومنه أتمنى ومن كل قلبي أن ننطلق لتشكيل مسرح غنائي سوري ناجح».

ما قدّمناه هو إنجاز
على حين بيّن الممثل محمد قنوع وهو من الممثلين المشاركين في المسرحية، بأنه من الصعب التحكم بالكم الكبير من تجهيزات الصوت الموجودة على المسرح، مشيراً إلى وجود أكثر من سبعين «مايكروفون» مفتوحاً في وقت واحد، ويقول: «بالفعل ليس بالأمر السهل أن نتقدم كلنا كممثلين وعازفين وكورال وراقصين ونكون ككتلة واحدة ومتناغمة، بالطبع هذا ما يميّز المسرح الغنائي وخاصة عرض(درب الخبز) لكونه مباشراً، ونظراً لمدة البروفا وهي أربعة أيام في دار الأوبرا، فأنا أرى بأن ما قدمناه هو إنجاز كبير، وأنا راض عن النتيجة، وأحب أن أشير إلى نقطة جدّ مهمة وهي أن من أهم نتائج الحرب، عودة المسرح كي يكون فاعلاً ومؤثراً، وفي النهاية أنا تفاءلت كثيراً بما قدمته جوقة الفرح، فالتجربة جيدة وأتمنى بأن تكون بادرة خير ﻷيام أفضل على سورية».

العرض تأثيره مضاعف
من جانبه عبّر الممثل عاصم حواط- وهو أيضاً من المشاركين-عن مدى محبته لجوقة الفرح، ذاكراً بأنه كان يحلم بأن يكون مغنياً من بين أعضاء الجوقة ولأنه لا يمتلك الصوت القادر اكتفى بالحلم، لكنه ومن خلال عرض(درب الخبز) سعيد جداً أنه يقف على المسرح إلى جانب الجوقة ويشاركهم العرض ويضيف: «كنت دائماً أحضر جوقة الفرح وكان حلمي أن أقف بجانبهم بطريقة ما، ومن خلال العرض تمكنت بأن أقف إلى جانبهم ولكن كممثل، فكانت فكرة المخرج عروة العربي بأن ندمج بين الدراما والغناء واللحن، من خلال حتوتة تغنّى من دراميين وممثلين وجوقة الفرح. وأحب أن أضيف: إن التأثير الذي يخلقه المسرح بين مقدميه وبين الجمهور أمر رائع، لأن التواصل يكون مباشراً بين الممثل والعازف والمغني وبين الجمهور الذي يتلقى الإحساس ويميز صدقه على الفور، وفي عرض(درب الخبز) يوجد شيء إضافي لكون الموسيقا والغناء والتمثيل تؤدى بشكل مباشر، إضافة إلى أن الحياة هنا كلّها عبارة عن كلمة وأغنية وموسيقا، وفي العرض جمعنا العناصر الثلاثة بعرض واحد، وهذا تأثيره مضاعف مقارنة بالأعمال الأخرى».

توليفة جديدة
على حين توقفت حنان سارة المشرفة على المؤثرات الصوتية عند العديد من التفاصيل التي جُمعت في عرض(درب الخبز) لتخبرنا منذ البداية بأن فكرة المسرحية تعود للأب إلياس زحلاوي المشرف العام للعرض ومؤسس جوقة الفرح، حيث قالت: «يرغب الأب زحلاوي كثيراً في أن يكون هناك مسرح غنائي في سورية، وأن تكون جوقة الفرح -بشكل خاص- قادرة على تقديم هذا النوع، إضافة إلى رغبته في أن يكون تشكيل الجوقة على المسرح مختلفاً من حيث عدم ثباتهم على الخشبة عما قدموه في السابق، ومن هنا انطلقت عنده فكرة المسرح الغنائي كي تتحرك الجوقة.
بالطبع لابدّ من الإشارة إلى أن أول تجربة للمسرح الغنائي قدمتها جوقة الفرح لأول مرة في عرض «هنا هنا هنا» عام2016، ولكن الذي يميز (درب الخبز) لكونه بداية مسرح غنائي، وهو من أصعب العروض لأنه يقدم كل العناصر-التي يحبها الجمهور من غناء ورقص وتمثيل- بشكل مباشر، فالعدد الكبير لأعضاء الجوقة، وهم نحو سبعين مغنياً من الكورال، إضافة إلى أعضاء الفرقة الموسيقية، وأداء الممثلين كلها كانت مباشرة، على حين تندرج عادة في المسرح الموسيقي في العالم العربي بأن يكون مسجلاً. إذاً كنا جميعاً ككادر واحد أمام تحدّ كبير، فهذا الكم الهائل من عناصر العرض على الخشبة أظهرنا ضمن توليفة جديدة وتليق بالجمهور وهذا ما اعتبره إنجازاً. وبحكم مشاركتي بالعمل في مجال المؤثرات الصوتية مع مهندس الصوت نضال قسطون، أحب أن أتحدث عن الجانب التقني، فلقد كان الأمر صعباً للغاية، لأنه مطلوب منا إثبات كل القدرات من موسيقيين ومغننين وممثلين من خلال الصوت، وبالطبع العمل أخذ منا وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً، ولا يمكنني أن أتحدث عن الصوت فقط، بل كنا فريقاً واحداً من جوقة الفرح إلى الممثلين والراقصين والفنيين الآخرين، بل كنا يداً واحدة في البروفات، ولم يتغيب أحد عنها، والحمد لله كانت الأصداء مرضية ومقبولة، وهذا العرض هو تجربة كي نكمل المسير لما بعد، وما أتمناه فيما بعد لجوقة الفرح بأن تكون قادرة كعادتها على تقديم الأفضل والمميز وأن يكون لها بصمتها في المسرح الغنائي عبر مقطوعات مسرحية سورية من حيث اللحن والشعر».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن