من دفتر الوطن

أمنيات صغيرة!

| عصام داري

كثيرة أمنيات المواطن العادي في هذا البلد، لكنها في معظمها أمنيات متواضعة وصغيرة يمكن تحقيقها بأقل جهد ممكن، وأنا سأتقمص شخصية هذا المواطن العادي، وسأعرض بعضاً من تلك الأمنيات:
أتمنى أن تنظر الحكومة المهضومة إلينا على أننا دجاجة جائعة وليس على أننا فروج جاهز للأكل!
أتمنى أن تبحث هذه الحكومة، وكل حكومة قادمة، عن سبل لتحسين الوضع المعيشي للمواطن، وليس عن وسائل جديدة لفرض الضرائب المباشرة وغير المباشرة على المواطن، ما يزيده فقراً على تعتير!
أتمنى أن تجري الحكومة عملية جراحية للرواتب والأجور لاستئصال أجنحتها كي لا تطير قبل منتصف كل شهر.
أتمنى أن توضع أسس وقواعد راسخة يتوافق عليها السوريون لمحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين، وعدم الاكتفاء بـ (كف يد الفاسد) والسماح له بالتمتع بالملايين التي نهبها من أموال الشعب.
أتمنى مكافحة كل من يتاجر بلقمة الشعب، وكل محتكر ومتلاعب بالأسعار ومن يتاجر بالطحين والخبز والمواد والسلع الإستراتيجية كي لا يزداد الفقراء فقرا!
أتمنى أن يأتي اليوم الذي يعيش فيه المواطن بكرامة واكتفاء ولا يضطر للعمل في وظيفتين أو ثلاث وظائف لتوفير رغيف الخبز.
أتمنى أن نمتلك ملاعب بمستوى ملاعب دول الخليج وأنا أضمن لكم الوصول إلى كأس العالم، ولكن من دون الوساطات والمحسوبيات في تشكيل منتخب يمثل الوطن، ولا يمثل مجموعة أشخاص ومنتفعين!
أتمنى أن نستطيع إنتاج برامج تلفزيونية وإذاعية ثقافية ومنوعة مثل بعض البرامج اللبنانية أو التي يتم إنتاجها في لبنان لنحقق قفزة تقربنا من المكانة التي قفزتها الدراما السورية عربياً!
أتمنى قليلاً من الدقة السويسرية والتربية اليابانية والأناقة الفرنسية والصناعة الألمانية، و«كمشة» من أخلاق العرب (قديماً) و(نتفة) صدق.
أتمنى أن تكون شوارعنا كشوارع المدن الأوروبية، ونظيفة كنظافتها.
أتمنى أن يحل النظام مكان الفوضى، والمحبة مكان الكراهية والبغضاء، والتسامح مكان الحقد، والحب مكان الحرب، وراحة البال مكان القلق والتوتر، والفرح محل الحزن، كفانا أحزان، والانشراح مكان الكآبة، والقناعة مكان الجشع والطمع.
أتمنى أن نستورد من الغرب الأشياء المفيدة، والعادات الجيدة، ونلفظ كل ما هو غريب على مجتمعنا وعاداتنا وأخلاقنا.
أتمنى أن يتقن معظم مذيعينا ومذيعاتنا اللغة العربية بحدودها الدنيا، وأن تعمل وزارة الإعلام على إخضاع هؤلاء لدورات في اللغة قبل أن تلقي بهم إلى الشاشات فيغتالون لغتنا العربية الجميلة.
وبالمناسبة، أتمنى أن تلفظ الثقافة باسمها، ونقول: برنامج ثقافي، وليس برنامج سئافي، أو القرار، وليس الأرار، والموسيقا، وليس الموسيئا!
أتمنى أن يقع كلامي هذا برداً وسلاماً على قلوب وعقول كل من يجد نفسه مقصوداً به، وألا يحقد على قلمي لأنه يدعي أنه يعمل من أجل المواطن العادي الذي يعاني الأمرين أربعاً وعشرين على أربع وعشرين.
هذه بعض أمنياتي الصغيرة التي أظن أنها كذلك أمنيات الشريحة العظمى من السوريين، أما الشريحة الـ(خمس نجوم) فسترمينني بألف حجر، وتتهمني بأنني مخرب ومحرض، وحاقد على (علية القوم).. أقول قولي هذا وأستغفر اللـه لي ولكم ولجميع السوريين، وبالله المستعان.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن