ثقافة وفن

الكتاب المعقول

| د. اسكندر لوقـا

كثيرة هي، كما نعلم، منابع المعرفة والثقافة في هذا الزمن. ولعل أكثرها شيوعاً وسائل الإعلام المرئي، وخصوصاً مع انتشار الفضائيات في أجوائنا كما في أجواء العالم كافة. وطبقاً لهذا الواقع الجديد، فقد أخذ حضور الكتاب في أوساط القراء يتراجع يوماً بعد يوم. ويبدو هذا واضحاً في سياق معارضها المتنوعة التي تقام سنوياً أو في مناسبات معينة حيث بدأ العديد منها يعاني ليس قلة عدد الرواد، إنما قلة إقدامهم على شراء الكتاب.
ولعل ما يوضح السبب، هو أن معظم الكتب التي تصدر حالياً عن دور النشر العربية لم تعد تثير شهية اقتنائها وذلك لعدم تميزها بطرح قضايا فكرية إنسانية ملحّة على نحو ما كانت تفعله دور نشر عديدة اشتهرت في هذا السياق في سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية. ومن هنا بات ثمة سؤال يطرح نفسه عن ماهية الكتاب الجدير بقراءته في زحمة ما ينشر من كتب على مواقع شهيرة مثل مواقع البحث «الغوغل» وسواها.
إن الإجابة عن سؤال كهذا، يحتاج إلى دراسات معمقة وطويلة الأمد، من المعنيين وذلك حرصاً على ما تبقى من شهية القراءة لدى الراغبين في المعرفة، ومن ثم إمكانية فقدان هذه الشهية في نهاية المطاف.
ولهذا الاعتبار من الأهمية بمكان أن يصار إلى التعريف بما يصدر من كتب، وبشكل مبرمج على الفضائيات، أو حتى بما يعد منها للنشر وذلك على غرار التعريف بالكتاب، قبل صدوره، في بعض الدول الغربية تمهيداً لسوقه عند صدوره. وفي هذا السياق، قد يستعيد الكتاب مكانته في سوق المعرفة، وخصوصاً في زمن السعي لكسب القارئ المتعطش للمعرفة الصحيحة في مجالات المعرفة المتنوعة.
في مناسبات إقامة معارض الكتاب في عدد من بلدان الوطن العربي، نقرأ عن إحجام الزوار عن اقتناء الكتب بالقدر المناسب وعن ضياع فرص الإفادة منها، هذا مع الإشارة إلى أن ثمة ظاهرة تستدعي الانتباه هنا وهي رواج نوع معين من الكتب التي قد لا تتصل بما يعني القارئ من حيث حاجته للتفاعل مع متطلبات العصر الحديث لا مع حاجته إلى من يعيده إلى ثقافة ما قبل هذا العصر لاعتبارات لا ضرورة لذكرها.
إن الكتاب المعقول هو الكتاب الذي عناه فولتير في إحدى إشاراته إليه بقوله: إنه «الكتاب الذي يعلم قارئه شيئاً يفيده في حياته اليومية العادية على أقل تقدير» وهو بذلك لا يتخطى المنطق والمعقول.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن