حرب ترامب الاقتصادية على طهران أم على العالم؟!
| تحسين الحلبي
بدأت المؤشرات تدل على تصاعد درجة المواجهة الاقتصادية والسياسية بين واشنطن وموسكو وبكين أسبوعاً تلو آخر في هذه الأوقات وقد زادها وزير الخارجية الأميركي مايكل بومبيو في الرابع من تشرين الثاني الجاري حين حذر موسكو وبكين من استمرارهما في القيام بشراء النفط الإيراني والعلاقات التجارية والاقتصادية بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن فرض عقوبات على كل من لا يوافق ويلتزم بالعقوبات التي أصدرها على طهران. ورفضت موسكو بشدة هذا التحذير الذي يراد منه التسليم بهيمنة السياسة الأميركية الأحادية العدوانية على العالم أجمع، واتخذت بكين موقفاً مماثلاً وأعلنت أنها تقدم وعداً لشعوب العالم بأنها ستفتح أسواقاً صينية ضد لعبة ترامب في الحرب التجارية.
وفي الوقت نفسه تعززت علاقات الصين التجارية في العام الماضي بموجب الأرقام التي نشرتها مجلة «ايرو آسيا ريفيو» التي توقعت أن تزداد العلاقات الاقتصادية بين الصين والهند إلى مستويات تتحدى فيها أي حروب اقتصادية تشنها إدارة ترامب على الدول التي لن تلتزم بسياسة ترامب الاقتصادية ضد طهران وغيرها من الدول.
وفي ظل هذه التهديدات الأميركية المتصاعدة وما تفرضه من تحديات على موسكو وبكين وحلفائهما يتساءل عدد من المحللين في الشؤون الإستراتيجية عن النتائج التي ستفضي إليها سياسة ترامب.
هل ستتحول إلى مقدمة تبريرية لشن حرب أميركية على طهران؟ وهل ستقتصر ساحة هذه الحرب على المنطقة وحدها؟
يعتقد البعض أن واشنطن لم تنته بعد من حرب مباشرة عسكرية شنتها مع دول الأطلسي على أفغانستان منذ عام 2001 ودفعت فيها حتى الآن بموجب مجلة «ريزون» 900 مليار دولار على شكل نفقات حربية و3000 من الجنود القتلى الأميركيين وآلاف كثيرة من الجرحى، ورغم كل أشكال القصف والتدمير والقتل الوحشي لم تحقق واشنطن أهدافها من هذه الحرب بل استمرت مقاومتها واستمر ضعف جيش الحكومة الأفغانية أكثر فأكثر.
ولا شك أن قيام واشنطن بشن حرب أميركية مباشرة على إيران يختلف فيها ميزان القوى بشكل هائل بالمقارنة مع أفغانستان، ففي إيران حكومة وجيش مركزيان وقوات شعبية مسلحة وقدرات تكنولوجية صاروخية متطورة من صنع إيراني وهذه القدرات لا بد أن تحسب لها واشنطن حسابات كثيرة. وهناك من يرى أن أي هجوم أميركي مباشر على إيران وإعلان حرب شاملة عليها بعد هذه الحرب الاقتصادية لن يتطلب من روسيا أهم حليف عسكري لإيران إسناد الجيش الإيراني فوراً أو على مدى معين لأن الجيش الإيراني شدد على تحسين صناعاته العسكرية وقدراته بشكل يجعله قادراً على الاستمرار بمجابهة القوة الأميركية العدوانية وتوسيع رقعة ساحتها لفترة يرهق فيها الجيش الإيراني القوات الأميركية. وفي وضع محتمل من هذا القبيل ستغرق واشنطن في مساحات حربية واسعة تمتد من أفغانستان إلى إيران من دون مشاركة مباشرة من دول أوروبية عديدة بينما تقوم موسكو وبكين بمتابعة هذه الحرب بدور وشكل غير مباشر. ويبدو أن وزارة الدفاع الأميركية تريد إطالة الحرب الاقتصادية الأميركية لأكثر فترة ممكنة لعلها تؤدي إلى تغيير لمصلحة واشنطن في الوضع الجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط.
صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية كشفت قبل يومين أن مصادر عسكرية أميركية تجنبت الكشف عن هويتها أعربت عن قلقها وحذرت من أي رد إيراني غير متوقع ضد الحرب الاقتصادية عليها خصوصاً لأن الوجود العسكري الأميركي محدود في هذه الأوقات وأن القيادة العسكرية المركزية الأميركية التي تشرف على قيادة الحروب في الشرق الأوسط كانت قد اشتكت من قلة المصادر الحربية الإضافية المطلوبة أمام احتمالات وقوع مجابهة بين طهران وواشنطن بعد هذه العقوبات الاقتصادية.
هناك من يعتقد أن نتائج الانتخابات النصفية لمجلسي الكونغرس والنواب الأميركيين لها أهمية في مسألة قرار ترامب باتجاه الحرب أو اللاحرب واللاسلام، فإذا فاز بموجب الاحتمالات المتوقعة الديمقراطيون فلن يكون من مصلحتهم تأييد كل سياسات ترامب وسيفضلون انتظار انتخابات الرئاسة بعد سنتين لاستغلال هذا الوقت باستنزاف الجمهوريين ورئيسهم.